#فاجعة_منى .. سرد الحقيقة وكشف خبايا الواقعة

الإثنين ١٩ أكتوبر ٢٠١٥ - ١٠:٠١ بتوقيت غرينتش

طهران (العالم) ‏19‏/10‏/2015 ــ قال الدكتور علي مرعشي رئيس المركز الطبي للحج التابع لجمعية الهلال الاحمر الايراني، اذا أردنا ان نقول بأن السعوديين لم يخططوا لوقوع فاجعة منى، فيمكننا الجزم بان سوء الادارة والتنظيم السعودية هي السبب الرئيسي لفاجعة منى.

وفي لقاء خاص مع قناة العالم ضمن برنامج "من طهران" عرض مساء الاحد، أوضح مرعشي "أول يوم لرمي الجمرات هو اليوم الاكثر ازدحاما في مراسم الحج، وفي ذلك اليوم لم يسمح السعوديون للحجاج الايرانيين سوى بالمرور الى الشارع 204، ونهاية الشارع 204 تلتقي بالشارع 233 المخصص للحجاج الافارقة، والاعداد المتواجدة في الشارعين كانت كبيرة جدا والشارع 233 ضيق ولايتسع لهذه الاعداد الغفيرة.
وأما المسألة الثانية فكانت ان متوسط أعمار الحجاج الايرانيين كانت مرتفعة اضافة الى ان الحرارة العالية كانت قد أوهنتهم.

العديد من الحجاج الايرانيين توفوا بسبب منع القوات السعودية لطواقم الاسعاف الايرانية من التدخل

وحول الساعات الاولى من وقوع الكارثة افاد الدكتور مرعشي: "في الساعة 8:45 صباحا في العاشر من ذي الحجة كنا في المركز الطبي لمنى ووردتنا اخبار من زملائنا في الشارع 204 عن وقوع حادثة تدافع. في كل عام لدينا فريق طبي متمرس، وفي هذه السنة كان لدينا 26 شخصا في المركز الطبي للحج في الشارع 204 وعلى وجه السرعة أعلمتنا طواقمنا بوقوع الحادث وأنبأتنا بسقوط قتلى وجرحى من حجاجنا.
واضاف: في البداية لم نتوقع ان تكون الفاجعة بهذه العظمة، فالتقارير الاولية كانت تشير الى مقتل وإصابة 100 حاج، ولكن بعد دقائق تبين ان المسألة أكثر تعقيدا وأعمق. على وجه السرعة أعلنا النفير لفرقنا الطبية في منى ومكة وارسلنا فرقا وسيارات الاسعاف الى موقع الحادثة وكانت الاخبار المتلاحقة تشير ارتفاع كبير بعدد الضحايا.
وتابع مرعشي: في البداية منعت سيارات اسعافنا وحتى كوادرنا من الوصول الى مكان الحادثة رغم أنها تملك شعار الهلال الاحمر، مسعفونا قاموا في الساعات الاولى بالتعرف على الضحايا عن طريق البلاكات واعلمونا بأساميهم هاتفيا وفي البداية تم التعرف على 70 ضحية ايرانية، التقارير تحدثت عن تساقط الحجاج فوق بعضهم وان البعض علق بين الجثث وان البعض الآخر فقد وعيه بسبب درجة الحرارة المرتفعة، وللأسف لم تسمح القوات السعودية لمسعفينا بالتدخل للمساعدة.
وأشار مرعشي الى أنه على الرغم من ان طواقم الهلال الاحمر الايرانية كانت متواجدة في مكان أبعد من مشافي منى فقد وصلت الى مكان الحادثة خلال خمس دقائق، في حين وصلت سيارات الاسعاف السعودية والتي من المفترض ان طريقها أسهل واقرب وصلت بعد ساعة.

السعودية كانت قادرة على الحيلولة دون وقوع الكارثة
 

وفي رده على سؤال حول هل كانت السعودية تستطيع الحيلولة دون وقوع فاجعة منى أجاب مرعشي: نعم، على مايبدو الكوادر السعودية لم تكن تمتلك خبرة ادارة الجموع الغفيرة من الحجاج.
في ذلك اليوم كانت 5 الى 6 شوارع مؤدية الى مكان رمي الجمرات مفتوحة لكن القوات السعودية منعت الحجاج من التقدم الى تلك الشوارع واجبرت جميع الحجاج الايرانيين على سلوك الشارع 204 في حين ان أعداد قليلة كانت تعبر من شارع "سوق العرب" وكان يمكن للمسؤولين عبر كاميرات المراقبة بالايعاز لقواتهم بهداية الحجاج الى ذلك الشارع والتخفيف من الازدحام. وبدلا من إغلاق نهاية الشارع 204 كان السعوديون قادرين على إغلاق بداية هذا الشارع لمنع توافد المزيد من الحجاج.

شواهد سوء الادارة السعودية


واضاف: أول أمر يظهر التقصير السعودي في تامين الحجاج هو عدم ابلاغ مسؤولي غرف المتابعة ونقاط الشرطة عن الازدحام الشديد في شارعي 204 و233، للحيلولة دون تزايد الاعداد أكثر من اللازم والعمل على ارشاد الحجاج الى الشوارع المجاورة، إضافة الى ان الحوامات التي كانت تحلق بصورة دائمة كانت قادرة على رصد الواقعة والتحذير منها.
ونوه مرعشي الى ان القوات السعودية التي كانت متواجدة في مكان الكارثة لم يكونوا مسعفين بل كانوا جنودا في مقتبل العمر دون خبرة ، وفي الساعات الاولى لم يحركوا ساكنا بل حتى أنهم منعوا كوادر الهلال الاحمر من المساعدة وحتى أنهم اعتقلوا البعض منهم. كما اعتقلوا مسؤولين من مؤسسةالحج والزيارة الايرانيين المتواجدين هناك.
واكد مسؤول الهلال الاحمر الايراني ان القوات السعودية منعت الهلال الاحمر من المساعدة الطبية وان العديد من الحجاج الايرانيين فقدوا حياتهم بسبب هذا التصرف، وان أغلبهم كان لينجوا لو لا هذا. العدد الكبير للقتلى مقارنة بالجرحى في فاجعة منى أكبر دليل على الاهمال السعودي ولاتأخر في اسعاف المصابين.
وأضاف: للأسف منى تحتوي على 4 الى 5 مشافي كل منها يحتوي على 95 تختا وفي الحالة العادية هناك 400 تخت فقط لاستقبال المصابين والمرضى. اضافة الى عدم وجود قوى مدربة وخبرات قادرة على علاج الحالات الصعبة.
وحول تأخر وصول فرق الاسعاف السعودية قال مرعشي: كوادرنا كانت اولى الفرق الواصلة وسياراتنا نقلت مابين 500 و600 حاجا الى مشافي منى، في حين ان الفرق السعودية وصلت بعد حوالي ساعة او ساعتين لتباشر عملها، منوها الى ضعف الامكانات في مشافي منى وتلبك الادارة في استقبال المصابين وترخيصهم.
وحول العدد الضحايا الكبير من الحجاج الايرانيين أوضح مرعشي انه في تلك الساعات كانت المواكب الايرانية في ذروة حضورها كذلك الامر بالنسبة للمواكب الافريقية لذا أعداد ضحاياهم كانت مساوية لايران.

تشوه الجثث يعود الى الادارة السعودية الخاطئة لحفظ الجثث

وحول تشوه جثث ضحايا الحجاج وعدم مقدرة التعرف عليهم، علق مرعشي على ان الامر يعود الى الادارة السعودية الخاطئة للجثث، حيث ان آخر الجثث التي تم سحبها من موقع الكارثة كان يوم الجمعة الساعة الواحدة ظهرا مع العلم ان الكارثة وقعت صباح الخميس. كما تجمع الجثث فوق بعضها طوال هذه الساعات تحت الشمس، هذا الامر ادى الى تفسخ بعض الجثث بسرعة أكبر. اضافة الى ان عدد الضحايا كان أكبر من عدد البرادات في مشافي مكة والطائف وجدة حيث تم حفظ العديد من الجثث في حاويات للتبريد غير مطابقة للمواصفات (درجة حرارتها ليست تحت الصفر، عدد كبير من الاجساد حفظت فيها)، وبالتالي لم تحفظ الجثث بشكل جيد.
وحول دفن عدد من الحجاج الايرانيين في السعودية رغم معارضة ايران للأمر أوضح مرعشي: انه طبقا للمباحثات التي اجراها وزير الصحة الايراني في السعودية فإن الطرف السعودي اعلم بأن الضحايا الذين تم دفنهم هم من الذين لم يتم التعرف عليهم وانه قد تم اخذ عينات منهم ويمكن تحديد هوياتهم بفحص الـ"دي ان ايه" وأنه في حال تم دفن ايرانيين سهوا فإنه من الممكن التعرف اليهم ولو بعد سنوات.
واضاف: على مايبدو ان عددا من الضحايا الايرانيين من الذين لم يتم التعرف عليهم دفنوا بالخطأ مع جثث أخرى ولابد من توجه فريق طبي ايراني لمتابعة القضية وتحديد هوياتهم بأخذ فحص الـ"دي ان ايه" ومطابقته مع أقاربهم من الدرجة الاولى للتعرف عليهم.
وحول إمكانية إعادة الجثث المدفونة في السعودية الى ايران أوضح الطبيب الايراني ان هذه المسائل القانونية تتابعها منظمة الحج والزيارة الايرانية، وبحسب ماوصلنا فإن طريقة المتابعة ترتبط برغبة عائلة الضحية.

السعودية تتحمل مسؤولية قانونية في تحديد مصير المفقودين

وحول مصير الحجاج المفقودين الايرانيين ومن بينهم سفير ايران السابق في لبنان ركن ابادي وسفيرها السابق في استونيا وشخصيات أخرى، أكد مرعشي ان مسؤولية تحديد مصير المفقودين تقع بشكل كامل على عاتق السلطات السعودية وان القانون يجبرها على تحديد مصير المفقودين، فيما اذا كانوا دفنوا في السعودية او أن أجسادهم نقلت الى ايران.
A.D-18-21:31