الغارديان: كاميرون يأتمر بمستبدي الخليج (الفارسي)

الغارديان: كاميرون يأتمر بمستبدي الخليج (الفارسي)
الأربعاء ٢٥ نوفمبر ٢٠١٥ - ٠٤:١٦ بتوقيت غرينتش

هاجم مقال في صحيفة “الغارديان” البريطانية اليوم الأربعاء سياسة رئيس الوزراء البريطاني في الشرق الأوسط، لا سيما رضوخه لضغوط دولة الإمارات بالتعامل مع الأحداث في مصر.

وذكر موقع “القدس العربي” ان مقالا بعنوان “كاميرون يسمح للمستبدين من دول الخليج (الفارسي) الغنية بالنفط بأن يملوا عليه سياسته الخارجية” بدأ بالقول انه “من بين كل الأشياء التي قد تتمنى الحكومة تشجيعها حول العالم، وأكثر من أي وقت مضى، ينبغي أن تكون الديمقراطية وما يرافقها من احترام للكرامة وحقوق الإنسان على رأس القائمة. ولذلك، فاض الثناء من مكتب رئيس الوزراء في داونينغ ستريت قبل أربعة أعوام، في أجواء احتفالية نجمت عن الإقبال المدهش على المشاركة في أول انتخابات حرة ونزيهة إلى مصر. إلا أن ما حدث وقتها يبدو اليوم وكأنه صرخة في واد أخذا بالاعتبار الفظائع التي يرتكبها داعش والعنف الذي تمارسه عبر الحدود: ليس لدينا أدنى شك بأن صناديق الاقتراع لم تشكل أبدا أي تهديد لشوارع المدن الغربية.

واستدرك كاتب المقال كين ماكدونالد ان هذا الوضع لم يستمر وإن الصمت الذي ميز رد فعل لندن وواشنطن على إقدام العسكر على قتل ديمقراطية مصر في عام 2013 كان أقرب إلى التواطؤ، وأن الأسوأ من ذلك هو المواقف التي صدرت عن لندن وواشنطن بعد ذلك. والامر لم يقتصر على امتناع رئيس الوزراء عن الدعم ولو بالكلام لضيوفه السابقين (وفد الحرية والعدالة) وقت حاجتهم إلى ذلك، لكنه كان يتأهب للانقضاض بنفسه عليهم هو الآخر.

وربط الكاتب الموقف البريطاني الغريب بشأن سلوك رئيس الوزراء بما أعلنته صحيفة الغارديان مؤخرا عن وجود وثائق تكشف عن الثمن الذي وضع على لأي سياسة بريطانية بديلة، والتي كانت بريطانيا ستدفعه لو أنها انتصرت للديمقراطية أو وقفت موقفا يرفض شيطنة ضحايا العنف العسكري الذي دمر هذه الديمقراطية.

ويقول الكاتب وهو محامي ورئيس سابق لدائرة الادعاء العام في بريطانيا ان هذه الوثائق “تظهر بوضوح تام أن الآراء التي صدرت عمن انتقدوا المراجعة في نشاطات الإخوان المسلمين باعتبار هذه المراجعة مجرد وسيلة تهكمية يتملق من خلالها مكتب رئيس الوزراء حلفاءه الذين ينتابهم القلق في الخليج (الفارسي) لم تكن مجرد حالة من الذعر كما ادعت الحكومة مرارا وتكرارا، بل ثبت في الواقع أن الحقيقة هي أقسى من ذلك: لقد أكد شيوخ الخليج (الفارسي) للحكومة بكل وضوح أن الالتزام بالمبادئ سيكلفها الكثير من المال”.

ويقول المقال “أن كبار المسؤولين في دولة الإمارات هددوا بكل صراحة بأنه ما لم يتخذ البريطانيون موقفا صارما ضد جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة وجودها في الحكم، فإن صفقات سلاح تقدر قيمتها بمليارات الجنيهات سوف تتبخر. وكما صرح (اللورد من حزب الديمقراطيين الأحرار) بادي آشداون بالأمس للبي بي سي، فإنه لم يحتج الأمر أكثر من مكالمة هاتفية من السعوديين لإقناع رئيس الوزراء بالبدء بالمراجعة دون أن يرجع لأحد أو يشاور في الأمر”.

ويرى ماكدونالد انه من” السذاجة إنكار وجود حجة بالغة لصالح صناعة السلاح البريطانية، بكونها ثروة مهمة في قطاع الصادرات، ينبغي أن توفر لها الحماية ويتوجب الحفاظ عليها. وما من شك في أن الأخلاق والكياسة في العلاقات الدولية ليسا دائما في حالة انسجام، وما من شك أيضا في أن تحالفاتنا في الخليج (الفارسي) لها قيمة استراتيجية فعلية. ولكن من خلال السماح لنفسه بأن يحشر في زاوية قبيحة من هذا النوع قد يكون كاميرون وقع في خطيئة الخلط بين المصلحة القومية الأشمل والنشوة العابرة التي تولدها التحويلات المصرفية. ولعله بذلك تنازل للمستبدين المدمنين على التوحش عن قدر كبير من التحكم بسياستنا تجاه الشرق الأوسط.”

ويختم الكاتب “من خلال هذه التجربة المذلة سيكون من سخريات القدر فعلا أن يكون الإنجاز الوحيد لرئيس الوزراء أن يعطي لمؤسسات الدولة البريطانية درسا مفاده أن المسايرة والاسترضاء لا ينجم عنهما سوى الفشل والخواء.”