إعـدام الشهيـد النمـر.. الأهـداف والتداعيـات

إعـدام الشهيـد النمـر.. الأهـداف والتداعيـات
الثلاثاء ٠٥ يناير ٢٠١٦ - ٠١:٠٩ بتوقيت غرينتش

لو كان الغباء عُملة تُصرف في السياسة، لما تفاجأت “السعودية” بهذا الكم الهائل من المواقف الدولية والإقليمية التي تراوحت بين التعبير عن الحزن والتعبير عن الإدانة لقرار إعدام العالم الجليل الشهيد نمر باقر النمر، لا لذنب اقترفه سوى أنه عبر عن رأيه السياسي بشجاعة، وقال كلمة حق في وجه نظام جائر كما أمره الله.

هذا الفعل الشنيع الذي أقدمت عليه “السعودية”، والذي استنكره رب العباد في كتابه المجيد بقوله (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن یَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَد جَاءکُم بِالْبَیِّنَاتِ مِن رَّبِّکُمْ وَإِن یَكُ کَاذِباً فَعَلَیْهِ کَذِبُهُ وَإِن یَكُ صَادِقاً یُصِبْکُم بَعْضُ الَّذِی یَعِدُکُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ یَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ کَذَّاب﴾ غافر: 28..

.. أقول، أن هذا الفعل الشنيع، إنما يعبر عن منطق جاهلي يصدر عن عقل بدوي رجعي ينتمي إلى عصر الصعاليك قبل الإسلام، وينم عن نفسية حقودة مريضة لا تعرف كيف تتعامل مع الأزمات، خصوصا بعد الانتكاسات الكبيرة التي مني بها النظام في الرياض، سواء في سورية والعراق أو اليمن ولبنان، بعد أن دخل الأمريكي مباشرة على خط التسويات مع الروسي، واستبعد كل الأدوات.

وإذا كان العالم أجمع، مسؤولين حكوميين، ومنظمات، وخبراء ومحللين، بل وكتاب أعمدة مرموقين في كبريات الصحف الدولية، قد أجمعوا على أن إعدام الشهيد النمر خطوة غير مُبرّرة ستقود لمزيد من التوترات والمخاطر، وأنها تصب في خانة محاولة إشعال فتنة مذهبية بين السنة والشيعة في منطقة ملتهبة أصلا بالنزاعات، فمن الواضح بالنسبة للمراقب اليوم، أن هدف “السعودية” الأساس من هذه الخطوة الجبانة والمُتهوّرة، هو محاولة خلط الأوراق لإفشال مساعي التسوية السياسية التي بدأت تلوح في الأفق بمزيد من التّصعيد، وهو رهان خاسر لا يمكن أن يكتب له النجاح لأسباب سياسية ودينية لعل أبرزها:

* أولا، أن هناك إدراك عميق لدى القيادات السياسية والدينية في محور المقاومة، أن الفتنة المذهبية بين المسلمين لا تصب في مصلحة أحد، بقدر ما تخدم الأهداف الأمريكية والصهيونية في المنطقة، والتي عبّر عنها بوضوح ثعلب السياسة الأمريكية "هنري كيسنجر" حين بشر أمة محمد بحروب دينية لا تبقي ولا تذر، على غرار الحروب الدينية التي عرفتها أوروبا في العصور الوسطى، وبالتالي، المُكوّن الشيعي كما المُكوّن السنيّ الأصيل لن يسقطوا في الفخ ليذبحوا بعضهم بعضا فتذهب ريحهم ويسود الظلام..

* ثانيا، هناك وعي عام لدى غالبية الرأي العام العربي والإسلامي، بأن “الوهابية” ليست مذهبا سنّيا أصيلا، بل فكرا تكفيريا ظلاميا لا يمث للمذاهب الإسلامية بصلة، وبالتالي، فسرقة مذاهب أهل السنة والجماعة لاستبدالها بنسخة مشوهة إلى أقصى الحدود عن إسلام الاعتدال السني الذي اشتهر به الفكر الأشعري، وشراء الضمائر والذمم بمال الريع الحرام، واحتلال مقدسات المسلمين وسوء إدارة مواسم الحج منذ عام 1975 وقتل الآلاف من ضيوف الرحمن أحيانا بالتقصير وأحيانا عن سبق إصرار وترصّد، ومنع المؤمنين السوريين للسنة الرابعة على التوالي، واليمنيين وكل من لهم خلاف سياسي مع نظام "آل سعود" من أداء فريضة الحج، لا يمكن أن يجعل من آل سعود" الممثل الشرعي للسنة حصريّا، فأحرى المسلمين كافة في العالم العربي والإسلامي.

هذا علما أن لا شرعية تاريخية أو دينية لـ"آل سعود" لإدارة الأماكن المقدّسة التي جعلها الله أرضا مشاعا بين المسلمين يُعيّنون من يقوم على إدارتها بمعرفتهم وفق شرط الولاء والتّقوى، في حين أن "آل سعود" احتلوها بالقوة والقهر، وبرغم التزامهم بعدم دخول الأراضي المقدسة في الحجاز يوم احتلّوا شبه الجزيرة العربية بمساعدة بريطانيا، فسكوت الحكام والعلماء المسلمين على هذا الوضع الشاذ هو قمّة النفاق، لقوله تعالى: (وَمَا لَهُمْ أَلاّ يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاّ الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) الأنفال: 34.

* ثالثا، أن إعدام عالم جليل لا لذنب سوى أنه عبر عن رأيه بمفردات الخطاب لا بأزيز الرصاص، لا يجعل من الشهيد إرهابيا، والله العادل الذي يقبل من عباده الكفر من باب التقية وقلبهم مُطمئن بالإيمان، ويتقبّل منهم كل أوجه الانتقاد لما جاء في قرآنه، ويتحدّاهم أن يثبتوا ولو وجها واحدا من أوجه الاختلاف بين آياته أو التناقض بين معانيه، لا يمكن أن ُيشرّع قطع رؤوس عابده لمجرد انتقادهم للحكام، كما أن رحمته اقتضت أن تكون المساواة شرط تطبيق الشريعة، وحق الدّفاع عن النفس أساس المُحاكمة العادلة، والرحمة والمغفرة بديلا عن العقاب، وهو ما لا يتوفر في القضاء السعودي المُسيّس بشهادة مجلس الأمن والمنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية..

* رابعا، إن الذي يُسوّق لنشر الحرية والديمقراطية ويدعي الدفاع عن الشعوب المظلومة في العراق وسورية واليمن، كان عليه من باب أولى أن يعطي المثال بتطبيق هذه المبادئ الإنسانية الكونية في بلاده، لمصلحة شعبه المقهور الذي يعامل أسوأ ممّا يعامل القطيع في المزرعة، حتى يضفي على خطابه حدّا أدنى من المصداقية قبل الحديث عنها زورا وبهتانا ونفاقا في دول الجوار، خصوصا وأن السعودية ليست دول حق وقانون، ولا دولة مؤسسات، وليس لها دستور كبقية دول العالم، وهي لا تعدو أن تكون مجرد كيان سُلطوي رجعي يدير البلاد وشؤون العباد بمنطق القبيلة زمن الجاهلية الأولى.

* خامسا، إن الذي يدّعي تطبيق الشريعة الإسلامية، كان حريّ به أن يبدأ بتطبيق تعاليمها في حق"آل سعود" اللصوص الذين نهبوا مئات، بل آلاف مليارات الدولارات من أموال الأمة بغير وجه حق وأنفقوها على الحروب والخراب والملذات، ولم ينجزوا ولو مشروعا تنمويا واحدا يعود بالخير والمنفعة على المستضعفين من العباد، وأن يقوموا بموجب الشريعة بعزل عاهرهم المخبول الذي يفتقد للقدرات العقلية والنفسية السليمة للقيادة، ومحاكمة ولي العهد السفاح ابن السفاح وعراب الإرهاب الدولي الأمير محمد بن نايف، وولي ولي العهد غلام سلمان لتعاطيه المخدرات وارتكابه كل أنواع الموبقات وإراقته لدماء المسلمين الأبرياء بغربان الحديد في اليمن وبسلاح الإرهاب في سورية والعراق وليبيا ومصر وتونس ونيجيريا وغيرها من الأقطار والأمصار..

ولا نتحدث عن بقية الأمراء من تجار الكبتاغون المهووسين بالخمر والجنس والقمار، فلن تسعنا كتابة مئات الصفحات في وصف جرائمهم، ونكتفي هنا بالإشارة فقط لغلام القصر المخنث عادل الجبير الذي غيّر جنسه مؤخرا في التايلاند بشهادة وزير خارجية هذا البلد وفق ما كشفه موقع “بانوراما الشرق الأوسط “ الأسبوع الماضي.. فهل يمكن أن يُمثّل خارجية “دولة” تدّعي تطبيق الشريعة كائن مسخ من قوم لوط؟..

إن تطبيق الشريعة الإسلامية من قبل نظام يدعي أنه يمثل الإسلام يقتضي، توفر شرط الشرعية والمشروعية لإقامة العدل والمساواة بين الناس، وحيث أن النظام “السعودي” الذي اغتصب الحكم قهرا بحد السيف، يفتقر إلى الشرعية الدينية المتمثل في مبدأ الشورى بمفهومه القرآني الملزم (الاستفتاء الشعبي)، لاقترانه في سورة (الشورى) بفريضة الصلاة التي هي فرض عين على كل مسلم.. وحيث أن نفس النظام القبلي القروسطي الذي أخضع الشعب العربي في بلاد رسول الله بقهر السيف، يفتقر إلى الشرعية الدستورية باعتباره نظاما ملكيا وراثيا غير منتخب من قبل شعبه، فهو حكما – شرعا وقانونا – لا يمتلك مشروعية الحكم لا دينيا ولا سياسيا..

* سادسا، لا يمكن لنظام خائن، عميل للأمريكي وحليف للإسرائيلي، مناهض للمقاومة الشريفة التي يصنفها “إرهابا”، وله تاريخ مخزي حافل بسفك الدم العربي والإسلامي لتدمير الأمة وإخضاعها للهيمنة الأمريكية والسيادة الإسرائيلية وتحويل شعوبها إلى عبيد مقهورين بلا إرادة.. أن يسمح لنفسه بالتدخل السّافر في شؤون الدول العربية والإسلامية، ويرفض أن يتدخل أحد في شؤونه أو أن يستنكر مواقفه وتصرفاته، ما دامت تنعكس سلبا على الأمن والاستقرار في المنطقة، بل وفي العالم أجمع بسبب استثماره في طاعون الإرهاب للتعويض عن ضعفه وفشله ليكون قوة إقليمية من دون الحد الأدنى من المقومات الذاتية والموضوعية الضرورية.

***

لطالما اتهم نظام ‘آل سعود’ إيران بدعم الإرهاب، والتدخل في شؤون الدول العربية، وإشعال الفتن الطائفية.. هذه تُهم سياسية ثلاثة توهم المُغفّلين والمُتخلّفين عقليا، أن الجمهورية الإسلامية في إيران هي من تسعى لزعزعة استقرار المنطقة بهدف بسط هيمنتها على الدول العربية..

ومعلوم أن أمريكا هي من تصوغ للملكة الوهابية حججها الواهية لتبرير حربها بالوكالة ضد إيران من خلال الاستثمار في العامل الديني بسلاح الإرهاب، مستغلة في ذلك جهل شريحة واسعة من الشباب العربي الفقير واليائس الذي لا يرى أفقا مُشرقا له في الدنيا فيضطر لاختيار الرحيل واهما إلى عالم الحور العين، فينتهي به المصير مُكبّلا بالسّلاسل مع كلاب الجحيم، وساء أولئك رفيقا..

وإذا كان اتهام إيران بدعم الإرهاب في المنطقة سببه دعم الجمهورية الإسلامية لحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة "إسرائيل"، والحشد الشعبي والمقاومات الوطنية في كل من العراق وسورية في مواجهة الإرهاب الأمريكي والصهيو – وهابي، فهذه تهمة لا تنكرها طهران، وتعتبرها وسام شرف تعتز به أمام الله والأمة، لأنها تدخل في صلب مشروعها الحضاري لمواجهة الاستكبار الأمريكي والاحتلال الصهيوني معا، ودعما للشعوب المستضعفة في مواجهة الحكام الخونة الفجرة الظلمة عبيد واشنطن وتل أبيب في المنطقة.

ونحن لا نتجنى على أمريكا وأدواتها، فالعالم أجمع أصبح يعلم علم اليقين أن أمريكا هي من صنعت ودربت وسلحت الإرهاب الوهابي التكفيري في المنطقة، بتمويل سعودي وخليجي وإدارة أطلسية – إسرائيلية – تركية للعمليات في الميادين، سواء في ليبيا أو سورية أو العراق أو اليمن، بل ولبنان أيضا..

وها هو المرشح الجمهوري ‘دونالد ترامب’ يكشف اليوم للإعلام، وفق ما أوردته وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية الأحد، أن “هيلاري كلينتون وباراك أوباما هما من أسّسا تنظيم داعش”، وهو الأمر الذي سبق للوزيرة الأمريكية أن كشفته صراحة في مذكراتها الشهيرة..

وبالتالي، فمن صنع الإرهاب وموّله ودربه وسلّحه ويقود عملياته، هو آخر من يحق له اتهام الشرفاء المجاهدين بدعم الإرهاب.

أمّا سعي إيران للتدخل في شؤون الدول العربية، فالجميع يعلم أنه لولا إيران لسقط لبنان منذ زمان وتلاه العراق وتبعتما سورية، وأصبحت المنطقة ساحة صهيونية بامتياز.. وأن إيران تدخّلت ضد الإرهاب في العراق وسورية من الباب بطلب رسمي من الحكومات الشرعية في هذين البلدين، في حين أن “السعودية” وقطر وتركيا أدخلوا الإرهابيين والمرتزقة المجرمين من نافذة الثقوب السوداء على الحدود دون استئذان، بهدف القتل والتخريب والتمزيق والتقسيم.. هذا أمر أصبح واضحا اليوم للجميع، ولم يعد من الممكن دحضُه بالتزوير والكذب والتضليل.

والآن نأتي للتهمة الأبرز والأخطر، والمتعلقة بتأجيج إيران للفتنة الطائفية في المنطقة..

كل الصحف العالمية، الأمريكية والأوروبية والأسيوية، بل والعربية الموضوعية، تجمع اليوم على أن “السعودية” هي منبع الفكر الوهابي التكفيري والممول الأساس للإرهاب، وأنها بقتل الشهيد النمر، هي من تعمل على زعزعة أمن واستقرار المنطقة من مدخل طائفي بغيض، كما أن إدارة سفارتها في نيجيريا لهجوم الجيش النيجيري على الطائفة الشيعية في هذا البلد، وارتكاب مجزرة بشعة في حقهم، ومحاولة اغتيال الشيخ الجليل إبراهيم الزكزكي بتغطية أمريكية وأطلسية، بهدف إسكات صوت المظلومين في هذا البلد الإفريقي الغني بالنفط، أمر أصبح مكشوفا، بفضل شهادات حيّة ومشاهد موثقة كشفت خفايا هذه الجريمة الطائفية بامتياز، بالإضافة لمعلومات استخباراتية أكدت وقوف السفارة “السعودية” في نيجيريا بشكل مباشر خلف المجزرة ومشاركة قوات إسرائيلية خاصة فيها.

وبالتالي، ليست إيران هي من تقتل الشعب العربي المؤمن والمظلوم في اليمن، وليست إيران هي من تُجيّش وتمول وتدعم الإرهابيين باختلاف أسمائهم ومسمياتهم في سورية والعراق ولبنان وليبيا ومصر وغيرها.. واتهام إيران بزعزعة أمن واستقرار المنطقة له معنى واحد، لأن الأمر بالمحصلة يتعلق بالمقاومة وبأمن واستقرار أسياد آل سعود اليهود في تل أبيب، وهذا أمر أصبح أيضا واضحا وضوح الشمس في قبة السماء، ولا يمكن حجبه بالكذب والتضليل.

وإذا كانت “السعودية” بقتلها للحجاج الإيرانيين، وارتكابها لمجزرة نيجيريا في حق الشيعة المظلومين، وإعدامها للشهيد النمر باقر النمر، قد سعت لدفع إيران لردة فعل عنيفة ضدها تستثمرها في إشعال حرب مذهبية في المنطقة تعفيها من المواجهة المباشرة لضعفها وجبنها وعدم قدرتها على فرض زعامتها بمقومات قُوّتها الذاتية، فإنها قد أخطأت الحساب والتقدير..

إيران لن تلطخ يدها بدماء المسلمين حتى لو كانوا منافقين ما داموا لم يعتدوا عليها بشكل مباشر، لكنها تعرف كيف تستنزفهم بذكاء، وكيف تفشل مؤامراتهم بعقلانية، وكيف تضع حدا لخيانتهم لدينهم وأمتهم، وتنهي ظلمهم وفسادهم من خلال مساعدة الشعوب المستضعفة على الوقوف وقفة صادقة مع الله يشهد لها بها التاريخ..

وبالتالي، فالتحالف “الإستراتيجي” الذي أقامه ‘آل سعود’ مع تركيا و”إسرائيل” من الباطن، لن يُغيّر من الواقع شيئا، ولن يقلب الموازين والمعادلات لصالحهم، حتى لو خصّصت له “السعودية” 10 مليارات دولار لشراء السلاح وذمم جيش النازي أردوغان، لأنه تحالف الفاشلين الخاسرين المنهزمين، وهو على رأي المثل، كغريق تمسك بغريق..

كما وأن قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران من قبل “السعودية” والسودان والبحرين، وتقليص عدد الدبلوماسيين من قبل الإمارات، واستدعاء الدول العربية لاجتماع عاجل واستثنائي في القاهرة السبت المقبل بهدف تحريضهم على قطع علاقاتهم مع إيران مقابل رشا معتبرة، لن يغير من الواقع شيئا، ولن يضر إيران ولا من يحزنون..

لأن إيران لا تحتاج للأعراب المنافقين ولا لأسيادهم المتآمرين الذين يُصعّدون اليوم ضدها بهدف جرّها للجلوس إلى طاولة الحوار غدا، وفي حال قبلت، فأمريكا ستكون الجزّار الذي سيذبح البقرة “السعودية” ويقدّمها قربان لطهران، عساها تقبل بالشراكة مع واشنطن فتتربّع على عرش المنطقة.. وهو ما ترفضه إيران انسجاما مع مبادئها وقيمها وثوابتها..

وكان حري بـ’آل سعود’ أن يفهموا أن أمريكا لن تحميهم من السقوط، ولن تستثني بلدهم من التقسيم، بدليل ما كشفه سماحة السيد في إطلالته الأخيرة، عن اتصال واشنطن بشيعة المنطقة الشرقية، واقتراح مساعدتهم على الانفصال عن شبه الجزيرة العربية، والعودة كما كانوا جزءا من البحرين قديما، فرفضوا رفضا قاطعا، لحبهم وإخلاصهم لوطنهم الذي ظلمهم وحرمهم وأهانهم وعاملهم معاملة العبيد، برغم أن منطقتهم تحتوي على 80 % من النفط المُصدّر، والشيعة يمثلون أكثر من 20 % من سكان المهلكة اليوم.. ومع ذلك، تحدثنا “السعودية” دون حياء عن مظلومية السنة في العراق وسورية ولبنان، وغدا سنسمعها تتبنى مظلومية السنة في القوقاز وآسيا الوسطة وروسيا والصين وحتى المريخ إن طلبت منها واشنطن ذلك.

“السعودية” اليوم إلى زوال، لأنها مهلكة ظالمة فاسدة مجرمة، هذا ما تؤكده سنن التاريخ، وهذا ما يكشفه رب العالمين في كتابه المجيد بقوله: ﴿وَسَیَعْلَمُ الَّذِینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنقَلَب یَنقَلِبُون﴾ الشعراء: 227.

• أحمد الشرقاوي - بانوراما الشرق الوسط