أميركا ومحاولة جس نبض إيران

أميركا ومحاولة جس نبض إيران
الأربعاء ١٣ يناير ٢٠١٦ - ٠١:٤٤ بتوقيت غرينتش

ليس من السهل اعتبار حادث دخول زورقين حربيين أميركيين مزودين بأسلحة خفيفة وشبه ثقيلة وعلى متنهما 10 عسكريين، الى المياه الاقليمية الإيرانية في الخليج الفارسي، حادثا عابرا وقع بسبب اخطاء تقنية دفعت بالظاهر الزورقين الى الدخول في المياه الإيرانية، لوجود قرائن تشير الى وجود نية أميركية لجس نبض إيران من خلال هذا الحادث، قبل ايام من موعد تنفيذ الاتفاق النووي الذي وقعته إيران والقوى العالمية الكبرى.

لا نكشف سرا اذا ما قلنا ان جهات أميركية، وكذلك بعض الاشخاص في داخل إيران، كانوا ومازالوا يعتقدون ان إيران ستلين بعض مواقفها المبدئية والثابتة من السياسة الأميركية ازاء قضايا المنطقة، وخاصة ازاء القضية الفلسطينية، وازاء العداء الأميركي للجمهورية الاسلامية في إيران، بعد التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1، لانها، اي إيران، ترى في هذا الاتفاق “الأمل الأخير” في رفع الحظر الأميركي الغربي الشامل المفروض عليها، ولا يمكن ان تفرط به مهما كانت الاسباب.

هذه الحقيقة اشار اليها قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله السيد على الخامنئي، في اكثر من مناسبة، عندما اكد ان المفاوضات مع أميركا محصورة في الموضوع النووي لا اكثر ولا اقل، وان كل من يشطح به الخيال ويعتقد ان إيران بامكانها ان تغيرموقفها من أميركا، دون ان تغير الاخيرة سياستها العدائية من إيران، هو واهم او متواطىء.

رد الفعل الإيراني السريع والحازم، على عملية جس النبض التي قامت بها أميركا مساء الثلاثاء 12 كانون الثاني/ يناير في الخليج الفارسي، والمتمثل بضبط الزورقين الأميركيين على من فيهما فور دخولهما المياه الاقليمية الإيرانية في عمق 3 كيلومترات، بعث رسالة واضحة وقوية الى من يهمه الامر في أميركا، ان إيران ليست في وارد مجاملة احد، حتى أميركا، “حرصا” على عدم اضاعة فرصة تنفيذ الاتفاق النووي، فسيادة إيران واستقلال قرارها فوق كل اعتبار.

الملفت ان أميركا حاولت، ان تمتحن ارادة قوات حرس الثورة الاسلامية، عندما كشرت عن انيابها من خلال تحركات عسكرية جوية وبحرية استفزازية غير مهنية استمرت 40 دقيقة، لثني هذه القوات عن عزمها، الا ان قوات حرس الثورة واصلت احتجاز الزورقين واقتادتهما الى جزيرة “فارسي”، رغم وجود حاملتی الطائرات الأمیرکیة “ترومان” و الفرنسیة “شارل دیغول”، اللتان کانتا قریبتین من الموقع، ونجحت قوات حرس الثورة من احتواء الاجراءات الاستفزازية الأميركية ليعود الهدوء الى المنطقة بشكل كامل.

قوات حرس الثورة الاسلامية اعتبرت عملية جس النبض الأميركية، بانها تنم عن عدم مهنية، وطالبت الجانب الأميركي بتقديم اعتذار، قبل اطلاق سراح العسكريين الأميركيين، وهذا الذي كان، وتم اطلاق سراحهم في المياه الدولية، وتحت اشراف كامل لقوات حرس الثورة الاسلامية.

اعتقد ان أميركا تلقت الجواب الإيراني، الذي جاء واضحا وقاطعا، وهو ان لا شيء يعلو على سيادة واستقلال إيران، وان الاتفاق النووي ان كان مهما بالنسبة لإيران الا ان اهميته لا ترتقي الى اهمية السيادة والاستقلال، كما ان هذا الاتفاق، وان كان الغرب يسوقه على انه حاجة إيرانية، فهو في المقابل حاجة غربية وأميركية ايضا، فأميركا ليس امامها الا احترام الاتفاق النووي، فهذا الاتفاق هو خيارها للتعامل مع إيران، وهذه الحقيقة عبر عنها الرئيس الأميركي ووزير خارجيته وكبار مسؤولي الادارة الأميركية، اكثر من مرة، عندما اكدوا، انهم ما كانوا ليتفاوضوا مع إيران لو كان بامكانهم تدمير البرنامج النووي الإيراني بالقوة العسكرية، لذلك يمكن تلخيص الجواب الإيراني على عملية جس النبض الأميركية بعبارة قصيرة .. “ان عدتم عدنا”.

* ماجد جاتمي/ شفقنا