آيزنكوت يحذر من توجيه "داعش" بنادقه لتل أبيب والأردن..

الكيان الاسرائلي: "حزب الله" الخطر المركزي الأبرز

الكيان الاسرائلي:
الثلاثاء ١٩ يناير ٢٠١٦ - ٠٩:٢٧ بتوقيت غرينتش

للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي يجري اعتبار «حزب الله» الخطر المركزي الأبرز على "إسرائيل" في اللحظة الراهنة.

وقد جاء هذا التقدير على لسان رئيس أركان الجيش الجنرال غادي آيزنكوت، في محاضرة ألقاها أمس في المؤتمر السنوي لمركز أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب. وكان رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق الجنرال عاموس يادلين قد أعلن، تمهيداً للمؤتمر، أن الخطر الأبرز على "إسرائيل"، بعد توقيع الاتفاق النووي، صار يتمثل في «حزب الله».

وفي مستهل كلمته أمام المؤتمر، قال آيزنكوت متنبئاً بالتطورات في المنطقة أن «رئيس الأركان الذي سيخلفني في المنصب، بعد عقد من الزمان، سيضطر للتعامل مع ظروف أشد تعقيداً من القائمة حالياً».

وحاول آيزنكوت، في المؤتمر الذي كان تحت عنوان «التقدير الاستراتيجي لإسرائيل العام 2016»، أن يستعرض مطولاً ومفصَّلاً ما يتوقع حدوثه في الحلبة الدولية، وكذلك في المجتمع والجيش الإسرائيلي.

وأشار آيزنكوت في البداية إلى تنظيم «داعش». وقال إن «داعش ظاهرة أكثر منه تنظيم. وقد حاولت أن أتذكر متى بدأنا نتحدث عنهم، وحسب ما أذكر، فإننا بدأنا بالانشغال بهم في العام 2013. انظروا إلى أين تطور. والصراع السني - الشيعي بلغ أبعاداً جديدة في النزاع بين إيران والسعودية، ورأينا كيف أن أحداثاً تكتيكية تتطور إلى حروب وعمليات. أحداث من هذا النوع، من المجريات في سوريا، مروراً بعبوة مزارع شبعا، والعبوة التي يزرعونها ضدنا على حدود قطاع غزة والإرهاب، وفهمنا إلى أين يمكن أن تصل أحداث تكتيكية. إن تكيّف الجيش الإسرائيلي مع المستقبل يشكل تحدياً. والجيش الإسرائيلي بوسعه التغلب على التحديات التي تأتي خلال وقت قصير جداً. أما من سيتولى منصبي بعد عقد من الزمان فسوف يتعامل مع أمور أشد تعقيداً».

وركز آيزنكوت كلامه على «حزب الله»، فقال إن «اهتمامنا المركزي بات حزب الله الذي يستخدم 240 قرية ومدينة في لبنان، والتي صارت المنطلق الذي بناه حزب الله ليوم المواجهة. ومن عشرة آلاف صاروخ، صار يملك مئات الآلاف. و(الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله يريد تحقيق هيمنة شيعية في لبنان. وهذا أمر إشكالي، لأنه يقلص قدرة الجيش الإسرائيلي على العمل. وقد نشر أسلحته، لكن حزب الله يفهم ماهية الواقع الذي سيشهده إذا ساد التوتر في الشمال. ولقد تحسنت قدراتنا الاستخبارية بشكل جوهري. وفي حزب الله، وبرغم كل تفاخرهم، يوجد فهم عميق جداً بقدرتنا على اختراق التنظيم. أما بشأن القوة الإسرائيلية، فالجيش الإسرائيلي يعتبر جيشاً قوياً جداً وغير متوقع، وهذا يفسر الهدوء. مع ذلك، اختبارنا يجري يومياً. وهم يحاولون تنفيذ عمليات».

وبرغم الرسالة الحادة لـ «حزب الله» فإن الغاية الأساسية لآيزنكوت لا تزال إيران، «فعلى رأس أولوياتنا، منذ العام 2005، توجد إيران. ولا ريب في أن الاتفاق النووي يشكل نقطة تحول إستراتيجية، وهو يمثل تغييراً في الشكل الذي ننظر فيه. ونحن نجري تقويماً مجدداً للتحول الاستراتيجي، وما يعنيه للجيش الإسرائيلي. وفي مدى الخمس سنوات المقبلة، فإن تقديرنا هو أن إيران ستبذل جهوداً كبيرة للوفاء بالاتفاق، وأداء التزاماتها».

وأضاف «إننا بعد 15 عاماً سنضع إيران في سلم أولويات عال، في الحاجة لتوجيه الطاقة النووية، وهل ستظهر قنوات سرية ومحاولات، من منطلق الفهم، بأن هناك تغييراً جوهرياً. إن التصور بامتلاك سلاح نووي سيستمر في إيران من المكان الذي ترى إيران نفسها فيه كقوة عظمى إقليمية، وهي تريد التمترس في المكانة».

وأشار آيزنكوت إلى أن «المساعي للنفوذ الإيراني في المنطقة كانت في السنوات الأخيرة، وهي لن تتقلص في المستقبل المنظور. وإيران تخوض حرباً من أجل مناطق جديدة. فالتدخل الإيراني في سوريا، بات دعماً عملياً. وقسم من المقاتلين يحاربون هناك، وإيران دفعت حتى الآن ما بين 130 إلى 140 قتيلاً وآلاف الجرحى. ونحن نلحظ جهوداً كبيرة من جانبها في قطاع غزة، وأيضاً للتأثير على عرب إسرائيل. وقدراتهم كبيرة جداً. وهم يقدمون لحزب الله سنوياً حوالي مليار دولار، والتقدير أنه كلما تحسن الوضع الاقتصادي، ستضخ موارد أكبر. وهم يقدمون لحماس عشرات الملايين من الدولارات، فضلاً عن الأسلحة، كالتي ضبطناها في البحر في الماضي».

وعاد آيزنكوت في كلمته للحديث عن «داعش» حيث أشار إلى إشكالية الدعم الذي ينالونه داخل "إسرائيل". وقال «سنرى فوهات بنادق داعش موجهة ضدنا وضد الأردن، خصوصاً في ضوء إخفاقاته الأخيرة. والمنطقة الهادئة والآمنة في المنطقة هي المنطقة المجاورة لنا. هناك لا تتحصن قوات. القوات الموجودة هناك لا تعيش ما يعيشه المقاتلون في سوريا الموجودون في قلب المعارك».

وأضاف آيزنكوت أنه سيكون من الأصعب هزيمة «داعش» في سوريا، لكن الوضع في سيناء، بالمقابل، يعتبر أفضل، موضحاً «يمكن هزيمتهم في سيناء خلال عام. والتقديرات أن لدى التنظيم في سيناء ما بين 600 إلى ألف مقاتل. وسيطرة الجيش المصري كبيرة، لذلك هناك فرصة لتحقيق إنجازات خلال وقت قصير. أما في سوريا فإننا ذاهبون إلى فترة طويلة وعميقة. ويصعب لي رؤية اتفاق يصمد، حتى بعد توجيه ضربة قاسية لداعش ومنظمات الجهاد العالمي في سوريا. وتقديري أن الصراع سيستمر لسنوات. فليست هناك جهة مؤهلة للسيطرة على المنطقة، وفي نقطة محددة».

بعد ذلك، قال آيزنكوت «إننا نرى في قطاع غزة جماعات سلفية تتماثل مع داعش. وكل من نفذوا إطلاقات (للصواريخ) في العام الأخير وحتى الآن، وكذلك العبوات ضد جنود الجيش الإسرائيلي كانوا من هذه الجماعات. وليست هناك إطلاقات لا من حماس ولا من الجهاد الإسلامي، ولكن من جماعات تريد أن تشعل النيران. ونحن ننتبه إلى وجود تعاطف مع داعش في الضفة الغربية. واستطلاعات الآونة الأخيرة تظهر أن داعش ينال التأييد الأكبر بين الدول في دولة إسرائيل، وهو يتراوح ما بين 13 إلى 16 في المئة. وهذا مثير للقلق».

وبرغم كل كلام آيزنكوت فإنه قال إن «الحلبة الفلسطينية هي الأشد إقلاقاً على المدى القصير، وهناك ثلاث جولات حربية وقعت في العقد الأخير مع قطاع غزة». وأضاف «ابتداءً من مطلع تشرين الأول بدأت موجة تصعيد ووضع جديد. وهذا الصباح وقعت محاولة الطعن الـ 101 ضد جنود أو مدنيين إسرائيليين. وأدت عملية وقعت أمس (الأول) إلى خسارة روح». وحسب كلامه «فبرغم الصعوبة في مواجهة ظاهرة الطعن بالسكاكين نحن ملزمون بتوفير الأمن والحماية للسكان. والإرهاب في الضفة مستمر منذ سنوات، ولستَ بحاجة لأن تكون استراتيجياً كبيراً لتفترض أنه سيستمر أيضاً لسنوات طويلة». وقال «من الخطأ أن نفرض حصاراً وطوقاً على الفلسطينيين حتى عندما تقع عمليات إرهابية».

وشدد آيزنكوت على أن «لإسرائيل مصلحة في ضبط النفس وكذلك في الحفاظ على التنسيق الأمني مع الفلسطينيين كمصلحة معينة. وعندما ننظر إلى 15-16 عاماً السابقة نرى في كل عام قتلى وجرحى. وإذا كان معهوداً في السابق القول إن الجيش يعيش في وضعين، إما الحرب أو الاستعداد لها، فإن الواقع الجديد ليس كذلك. والفكرة هي منع تعاظم قوة الأعداء، والعمل من أجل إضعاف الأعداء والخصوم، وعمل ذلك بشكل لا يقود إلى حرب واسعة».

وكان رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق الجنرال عاموس يادلين قد أشار إلى «حزب الله» بوصفه الخطر المركزي الأهم في نظر "إسرائيل" بعد الاتفاق النووي مع إيران. وقال إن «لدى حزب الله الآن عدة آلاف من الصواريخ التي يمكنها أن تضرب مركز السكان، برؤوس حربية ثقيلة ودقيقة. وبعد ذلك تأتي إيران وسوريا وحماس وداعش. وليست لحزب الله مصلحة ورغبة حالياً في المواجهة مع إسرائيل».

حلمي موسى / السفير