"المعارضة السورية" ومطالبها غير السورية

الخميس ٢٨ يناير ٢٠١٦ - ١٠:٤٥ بتوقيت غرينتش

المتتبع ل”فوضى” مواقف وتصريحات “المعارضة السورية” التي تنوي المشاركة في الاجتماع المزمع عقده في جنيف يوم الجمعة تحت رعاية الامم المتحدة، يخرج بنتيجة وحيدة، وهي ان آخر ما تفكر به هذه “المعارضة السورية” هو الشعب السوري.

متابعة القنوات الفضائية السعودية والقطرية والتركية التي تغطي “انشطة وفعاليات” “المعارضة السورية”، تؤكد هذه الحقيقة، حقيقة ان الشيء الوحيد الذي لا يشغل بال هذه المعارضة سوريا والشعب السوري، فهذا الثلاثي، السعودي والقطري والتركي، هو الذي يتولى مهمة تركيبة هذا الوفد، ومن الذي يحق له ان يشارك، ومن الذي لا يحق له ان يشارك، وما هي القضايا التي يجب ان يطرحها، وماهي القضايا التي لا يجب ان يطرحها، والى اي مدى يمكن الحوار مع وفد الحكومة السورية، وماهي الخطوط الخضراء والصفراء والحمراء لهذا الحوار.
الملفت ان هذا الثلاثي، وخاصة السعودية وتركيا، لا يرون في وفد “المعارضة السورية” الا وسيلة لتحقيق اهدافهما من مجمل ما يجري في سوريا والمنطقة، وليس مهما وقفت الحرب المفروضة على سوريا او استمرت، المهم ان تحقق تركيا اهدافها ومنها ضربها اي دور للاكراد في مستقبل سوريا، والتاكيد على استخدام كل الاوراق التي لديها لاقامة “منطقة آمنة” على حدودها في شمال سوريا يكون للتركمان الدور المحوري في ادارتها، لتكون نواة اولية لفكرة تقسيم سوريا مستقبلا، وعندها ستكون حلب من نصيب السلطان العثماني الجديد اردوغان، وما رفضها مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في مفاوضات جنيف، الا بعض هذا التدخل السافر في الشان السوري، فهي ترى في مشاركة الاكراد في المفاوضات اعترافا دوليا بهم وبدورهم المستقبلي في سوريا، ومن تداعيات هذا الدور انه يعقد حلم تركيا في فصل الشمال السوري وضمه الى تركيا.
اما السعودية، فاهدافها من وراء مشاركة “وفدها السوري المعارض”!!، اكثر خطورة على الشعب السوري من اهداف تركيا، فهي ومن خلال اصرارها على اختيار احد اكبر ارهابي ومجرمي الحرب على سوريا، ككبير مفاوضي الوفد “المعارض السوري بنسخته السعودية” المدعو محمد علوش، احد قادة جماعة “جيش الاسلام” الارهابي التكفيري، تحاول تسويق “جيش الاسلام” كجماعة “معتدلة”، ومن ثم العمل على “لبننة” سوريا، من خلال ممارسات امثال علوش الى جانب ممارسات “جبهة النصرة” و”داعش”، وصولا الى تقسيم سوريا الى طوائف عرقية ومذهبية متصارعة.
تكمن الخطورة في نجاح السعودية بتسويق علوش دوليا وفرضه كوجه من الوجوه السياسية في سوريا، فمثل علوش، المعروف بفكره الوهابي التكفيري المتطرف، تسيطر عليه عقيدة الاقصاء والتكفير الى ابعد الحدود، فالمعروف عن محمد علوش وشقيقه الارهابي الاكبر زهران علوش، الذي قتل في غارة مؤخرا في غوطة دمشق، يرفضون فكرة التعايش السلمي بين ابناء الشعب السوري بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية والقومية، فالشقيقان هما ابناء الشيخ الوهابي عبدالله علوش، الذي ذهب الى السعودية هو وزهران ومحمد، وهناك تم حقنهم وعلى مدى سنوات بفيروس الوهابية القاتل، ويكفي الاستماع الى اشرطة لخطابات هذه الاسرة الوهابية للنخاع، وكيف يكفرون طوائف باكملها في سوريا، حتى بات معروفا للقاصي والداني مقولة المقبور علوش، الذي خاطب ضريح بطلة كربلاء العقيلة زينب بنت امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب(ع) في الزينبية، (انك سترحلين مع الاسد)، وما صراعه مع “الدواعش” والقاعدة من جبهة النصرة، فلم يكن صراع عقيدة، فالجميع وهابية وبامتياز، بل كان صراع على النفوذ والمغانم، فامثال آل علوش، ليسوا سوى معاول بيد ال سعود للقضاء على سوريا كوجود وكدول موحدة، وبذلك سيقدمون خدمة لاسيادهم الامريكيين ولاسرائيل وعلى طبق من ذهب.
من الواضح جدا ان مؤتمر جنيف السوري لن يجد النور وان وجد النور فانه سيموت فورا دون ان يحقق اي شيء للشعب السوري، لاسباب عديدة، منها:
- ليست هناك معارضة سياسية حقيقية على الارض في سوريا.
- اغلب المعارضة السياسية الموجودة في فنادق تركيا والسعودية والغرب لا تمثل الا الجهات الداعمة لها، وليس الشعب السوري.
- عدم وجود اي تفاهم او تنسيق بين هذه المعارضة رغم الجهات التي تقف وراءها، واحدة، بسبب التنافس الشخصي على الامتيازات.
- ليست هناك اي رؤية متكاملة لهذه المعارضة لمستقبل سوري، كيفية مواجهة التكفير الذي يضرب سوريا..
- اغلب هذه المعارضة تختفي وراء الجماعات التكفيرية لتبرير وجودها واستمرارها.
- ليس لهذه المعارضة اي موقف واضح ومبدئي من الجماعات التكفيرية والجهات الداعمة لها مثل تركيا والسعودية وقطر، فهي رضخت لاوامر السعودية على ان يكون الارهابي التكفيري محمد علوش ناطقا باسمها.
- استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بزعامة صالح مسلم، عن المفاوضات، بسبب ضغوط مارستها تركيا، رغم ان القوات التابعة له حررت مناطق تتجاوز مساحة لبنان ثلاث مرات من “داعش” و “جبهة النصرة” في شمال سوريا.
- استبعاد السعودية احزاب وتنظيمات وشخصيات سورية معروفة مثل المجلس الديمقراطي السوري برئاسة هيثم مناع، والجبهة الشعبية للتحرير والتغيير بقيادة قدري جميل، واخرين، لفرضهم الاملاءات السعودية.
- عدم وجود ارادة سعودية تركية حقيقية للوصل الى حل سلمي للازمة السورية، فهذان البلدان، مازلا يعتقدان ان بالامكان اسقاط الحكومة السورية من خلال دعم الجماعات التكفيرية الارهابية.
- وجود ارادة صهيوامريكية، لدفع الاوضاع في سوريا، بواسطة اذرعها التركية والسعودي والقطرية، الى نقطة اللاعودة.
اخيراً، تبقى المطالب التركية والسعودية، في الحقيبة التي يحملها “وفد المعارضة السورية” بنسختيه السعودية والتركية، الى جنيف، من اهم العوامل التي ستساهم في وأد المؤتمر، فمن المؤكد ان مصلحة الشعب السوري لن تكون من بين هذه المطالب.

* سامي رمزي - شفقنا