"هيهات منا الذلة" .. رمز إنتصار نبل والزهراء

السبت ٠٦ فبراير ٢٠١٦ - ٠٧:٠٠ بتوقيت غرينتش

في يوم عاشوراء وقف سيّد الشهداء الامام الحسین(ع) کالطود الشامخ ، مخاطبا جيش عبيدالله بن زياد ، الذي حاصره واهل بيته من كل جانب حتى مُنع عنه الماء ، لحمله على الاستسلام ومبايعة الطاغية يزيد :”أَلاَ وَإنَّ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ قَدْ رَكَزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ : بَيْنَ السِّلَّةِ وَالذِّلَّةِ ؛ وَهَيْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ ، يَأْبَي‌ اللَهُ ذَلِكَ لَنَا وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَحُجُورٌ طَابَتْ وَطَهُرَتْ ، وَأُنُوفٌ حَمِيَّةٌ ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ ، مِنْ أَن ْنُؤْثِرَ طَاعَةَ اللِئَـامِ عَلَي‌ مَصَـارِعِ الْكِرَامِ “، فكانت هذه المقولة السحرية درسا حسينيا خالدا لكل أحرار العالم.

آخر من تتلمذ على هذا الدرس الحسيني الابدي ، كان اهالي بلدتي نبل والزهراء السوريتين ، الذين رفضوا الذلة كإمامهم الحسين(ع) ، رغم حصار قاس ودام ، استمر اكثر من ثلاثة اعوام ونصف العام ، فرضه عليهم من كل جانب احفاد جيش يزيد شذاذ الافاق من السفاحين والساديين ، فنجحوا وبإمتياز بهذا الدرس ، الذي حولهم الى اسطورة في الصمود والمقاومة والعزة ، تستحق ان نطأطىء رؤوسنا امامها لعظمتها.

اكثر من ثلاثة اعوام ونصف العام وسفاحو القاعدة و احرار الشام وكل شذاذ الافاق من المجرمين الساديين الذي جمعتهم تركيا والسعودية وقطر ، وارسلتهم الى سوريا ، يحاصرون بلدتي نبل والزهراء ، وحرموهم من كل شيء ، حتى هدد سفاحهم الاكبر التكفيري المجرم الوهابي السعودي عبدالله المحسيني جهارا نهار ، انه سيذبح رجال واطفال بلدتي نبل والزهراء ويسبي نساءها ، في حال تمكنوا من الدخول اليهما.

لم يتجاوز عدد اهالي نبل والزهراء 40 الف شخص ، الا انهم قرروا ان يستلهموا العزيمة من امامهم الحسين (ع) ، فالاستسلام للتكفيريين يعني الذلة والهوان والسبي ، فاسترشدوا بشعار “هيهات منا الذلة” ، فأمدهم ذلك بكل اسباب الصمود ، وتكسرت كل هجمات التكفيريين على مدى السنوات الماضية على صخرة هذا الصمود ، فالكثير من السيارات المفخخة التي كانو يقودها الانتحاريون انفجرت على ابواب نبل والزهراء الا انهم عجزوا ان يوجدوا لهم ثغرة في جدار هذا الصمود، فارتدوا خائبين ، فاخذوا يمطرون البلدتين بالقذائف ، فاستشهد نحو 1200 من اهالي البلدتين.

النموذج الملحمي في الصمود والمقاومة والانتصار ، الذي قدمه اهالي نبل والزهراء لباقي القرى والبلدات والمدن السورية ، ولكل الشعوب التي ابتليت بالعصابات التكفيرية ، يكمن في ان المقاومة التي وقفت في وجه وحوش القاعدة وباقي العصابات التكفيرية كل هذه الفترة الطويلة ، وصدت جميع هجماتهم ، هي مقاومة نابعة من ارادة اهالي البلدتين ، وهي مقاومة غير منفصلة او معزولة عن الاهالي ، لذا كانت تستمد عزمها وقوتها واستمرارها وديمومتها من ارادة الاهالي ، وهو ذات النموذج الذي قدمه قبل ذلك اهالي جنوب لبنان ابان الاحتلال الصهيوني ، حيث المقاومة كانت من صلب الاهالي ، وبدون الاهالي ما كانت تصنع كل هذه الانتصارات التي اذلت بها “الجيش الاسرائيلي الذي كان قبل ذلك لا يقهر” ، فاغلب ابطال حزب الله هم من ابناء العوائل الجنوبية ، وهذه العلاقة بين المقاومة وحاضنتها ، هي التي صنعت المعجزات.

ان انتصار اهالي نبل والزهراء ، سيعجل بانهيار الجماعات التكفيرية بمختلف عناوينها وتصانيفها ، لاسيما بعد ان تمكن الجيش السوري وحلفاؤه من قطع الحبل السري التركي الذي كان يغذيها بالسلام والمال والرجال ، وهذا الامر بذاته يؤكد الفضيحة الكبرى المدوية التي كشفت مدى التورط التركي في الحرب المفروضة على الشعب السوري منذ خمس سنوات ، كما ان انتصار نبل والزهراء ، هو الذي يفسر السعار التركي السعودي القطري ، وتهديدهم بغزو سوريا عسكريا ، متناسين ان الارض ، التي تحتضن اهالي كاهالي بلدتي نبل والزهراء المتسلحين بدروس الإباء الحسيني ، الى جانب الحلفاء الاوفياء ، ، ستدوس على الجنود الاتراك والسعوديين كما داست من قبل على مرتزقتهم.

بقلم: سامي رمزي/ شفقنا