"ثورة العز والكرامة" تاريخ نضال من أجل الوجود

الأحد ١٤ فبراير ٢٠١٦ - ٠٦:١٤ بتوقيت غرينتش

معاناة الشعب البحريني بغالبيته الأصيلة لن تبدأ منذ العام 2002 ونقض “حمد” لميثاق المنامة الذي وقعه مع المعارضة الوطنية، ولا حتى منذ انتفاضة البحارنة عام 1922 عندما كان آل خليفة السخرة يسرقون لقمة عيش المواطنين ويعاملونهم كالعبيد؛ بل لها تاريخ طويل من النضال ضد ظلم حكام محتلين دخلوا الجزيرة اللؤلؤة حربيين سراق لصوص حرامية غير مرحباً بهم قبل حوالي 250 عاماً بمساعدة عوائل خونة دخيلة على أهل البحرين الأصليين ودعم الاحتلال البريطاني الذي وجد في آل خليفة ضالته للأنتقام من الشعب البحريني الرافض للاستعمار.

تاريخ نضال الشعب البحريني ضد المحتل والطاغية والمخادع مرّ بمراحل مؤلمة عديدة طيلة القرن الماضي شهد محطات مختلفة قدمت المئات من التضحيات في صراع الحق والوجود بعد “انتفاضة البحارنة” عام 1922، فكانت المطالبة بدستور جديد ومجلس تشريعي عام 1938 حيث قمعت بقوة السلاح المحتلين وتم نفي زعماؤها الى الهند، ثم احتجاجات أعوام 1954 – 1956 بعد تشكيل “الهيئة التنفيذية العليا” و”هيئة الاتحاد الوطني”، قام خلالها البريطانيون بتصفية الهيئة واعتقلوا بعض قادتها، ونفوهم الى جزيرة “سانت هيلانة” وسط المحيط الاطلسي.
وما أشبه اليوم بالبارحة حيث التاريخ يعيد نفسه، ففي العام 1965 شهدت البحرين احتجاجات شعبية واسعة النطاق انتهت باستشهاد 14مواطناً وأصابة العشرات واعتقال المئات وتشريد العشرات الى خارج البلاد.. وبعد الانسحاب البريطاني عام 1971 جرى استفتاء نص على دستور وشراكة سياسية الشعب فيها هو الركن الأساسي أدى الى تشكيل مجلس وطني منتخب لإعادة صياغة دستور جديد للبحرين وتشكيل برلمان منتخب تشارك فيه مختلف قطاعات الشعب.
كان الأمر هذا كما هو حال الشعب البحريني الفعلي لا يروق للسلطة الموروثية المستبدة الطاغية، فقامت بالغاء العمل بمواد الدستور التي تضمنت إقامة العملية الانتخابية، وأقدمت على حل البرلمان وتجميد العمل بالدستور الجديد عام 1975، وفرضت قانون الطوارئ (قانون أمن الدولة) القمعي، ليستمر العمل به حتى عام 2001؛ لكن ذلك لم يخيف الشعب البحريني حيث عادت الاحتجاجات الشعبية الى الشارع عام 1979 ذهب ضحيتها عشرات الابرياء بين شهيد ومصاب ومعتقل ومشرد لتقمع هي الآخرى بدعم الراعي البريطاني ايضاً.
الشارع البحريني أعاد التجربة عام 1990 بتدشينه عريضتين تطالبان باعادة العمل بالدستور والافراج عن المعتقلين السياسيين وانهاء قوانين أمن الدولة، أنتهت باصدار عفو عام وعودة الكثير من المنفيين السياسيين الى الوطن في 1991، ثم أعاد الشعب البحريني الأبي مطالبته تشكيل مجلس تشريعي والعمل بدستور 1973، استمرت حتى عام 1995 لتستخدم السلطة الخليفية مرة اخرى وكعادتها القبضة الحديدية في قمع مطالبات الشعب وزجت بالكثير من الناشطين في سجونها ومن أبرزهم عبدالوهاب حسين وحسن مشيمع بسبب تقدمهم “مبادرة الخروج من الازمة بتوافق شعبي – حكومي”.. لتنفجر البلاد مرة اخرى وتعود الاحتجاجات الشعبية الواسعة الى الشوارع، حيث أقدمت ماكنة القمع الخليفية الى اعتقال أكثر من خمسة آلاف مواطن بتهمة التظاهر وتقديمهم لمحاكم عسكرية، وأعاد النظام القمعي العمل بقانون “أمن الدولة” لتبقى الأمور كما هي حتى عام 1999.
وهنا بيت القصيد.. في عام 2001 طرح “حمد بن عيسى” مشروعا اصلاحيا عبر “ميثاق العمل الوطني” لاقى تجاوبا شعبيا، لكنه سرعان ما انقلب على مشروعه ووعوده وألغى العمل بالدستور وطرح بديلاً له عام 2002 ونصب نفسه ملكاً للبلاد، فكانت الصدمة الكبيرة للشعب البحريني، حيث بدأت مرحلة التمييز الطائفي ضد الأكثرية الأصيلة خاصة وانها ترادفت مع حملة التجنيس السياسي تم فيها تجنيس أكثر من (300) ألف اجنبي غالبيتهم من القارة الهندية خلال فترة قياسية قصيرة حصلوا فيها على حق التصويت المزيف.
وبدأت شعلة الثورة من جديد لتستمر في الوسط البحريني حتى عام 2010 حيث شنت السلطة المحتلة حملة اعتقالات طالة عشرات الناشطين وتوجيه التهم المزيفة لأبرز 25 واحداً منهم بعد تعريضهم لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.. فكانت شرارة إنطلاق ثورة العز والكرامة في شباط عام 2011 والتي لا تزال شعلتها وهاجة حتى اليوم، و قد قدم الشعب البحريني فيها أكثر من (160) شهيداً ومئات الجرحى والمفقودين وآلاف المعتقلين وعشرات المنفيين ومثلهم من تم سحب الجنسية منه.. ولكن هذه المرة ستنهي الثورة الأبية حكم آل خليفة الدخلاء ولم يعد ينفعهم لا الاحتلال السعودي ولا الدعم البريطاني – الأمريكي حيث قرار الخيار بيد الشعب البحريني المقاوم والصامد.


* زينب الرفاعي - الوعي نيوز
2-205