بريق في أعين الصهاينة!

بريق في أعين الصهاينة!
السبت ٠٥ مارس ٢٠١٦ - ١١:٤٢ بتوقيت غرينتش

بعد أن استلقت "اسرائيل" لتقر عينها إثر انشغال العرب بقضايا تغيير الأنظمة، تدثرت بقرار جامعة الدول العربية تصنيف حزب الله في خانة الإرهاب لتغرق في نوم عميق بعد أرق مزمن.

تنفس الكيان الاسرائيلي الصعداء أخيرا، وحصل بأيدي الآخرين على ما كان ينشده، بعد أن أخفق خلال عقود في إدانة حزب الله، وحمل العالم على إدراجه في قائمة التنظيمات الإرهابية، بما يفضي إلى سد جميع المنافذ في وجهه ويقطع أوصاله للانقضاض عليه في عقر داره والتهامه.

حزب الله اللبناني، والذي استطاع بجهود عناصره ومقاتليه تحقيق معجزة العرب، ورد اعتبارهم ولو شكلا بعد نكبتهم ونكستهم حينما أرغم "اسرائيل" على الانسحاب من الجنوب اللبناني، ها هو اليوم "يخر صريعا" بسكين ملفوف بقرار عربي صادر عن جامعة ما تبقى من الدول العربية.

وعلى خلفية الشقاق العربي والانقسامات الداخلية بين أبناء قوم واحد، يرى ملايين العرب ووفقا لاستطلاعات مختلفة، أن الجامعة العربية بقرار تصنيف حزب الله في خانة الإرهاب، إنما قدمت الأضحية الثانية للآلهة بعد سوريا على مذبح تبديل الأنظمة بأحسن منها.

هذا الأمر وحسب ملايين العرب، ينشد تشييع حزب الله الذي بعد أن انتهى من مقارعة "إسرائيل"، نقل جزءا من نشاطه إلى الأراضي السورية ليقف إلى جانب الدولة الشرعية هناك ويقاتل الزمر الإرهابية التي تقاطرت عليها من كل حدب وصوب.

ملايين عرب آخرون، هللوا لهذا القرار وبلغت فرحتهم المجرة، ولمعت أنوار أفراحهم بين الأنواء، معتبرين أن في التصنيف الحل، وأن التغيير المنشود في سوريا قادم لا محالة، فلن يعد لـ"نظامها" بعد اليوم عون أو سند.

وفي تحليل موقف الملايين، يبدو أن الصورة لم تتضح لدى كثيرين منهم، حيث أن الدور الذي يلعبه حزب الله في مجريات الأزمة السورية، ورغم أهميته، يبقى دورا مختزلا ومحدودا، فالحزب ليس دولة، ولا بحوزته طائرات أو قاذفات.

الحزب وكما يصرح، يدافع عن وجوده في ظل غياب دور واضح للدولة اللبنانية، وعجزها التام عن صد الزمر والجماعات الإرهابية الناشطة في سوريا التي تتوعد اللبنانيين بذبحهم وقتلهم وصلبهم بعد أن تنتهي من "تحرير سوريا وإعلان الخلافة فيها".

قرار "الجامعة العبرية"، كما صار يسميها كثيرون من أبناء العرب، والمستند إلى منطق "من أجلي وأجل أعدائي"، صادر وبلا أدنى شك بأمر من الرياض وحلفائها المتمسكين، بإزاحة الرئيس السوري عن منصبه مهما كان الثمن، وبأي شكل من الأشكال بغض النظر عن العواقب التي تحذر منها موسكو ودمشق وطهران وغيرها من العواصم.

"أصدقاء" سوريا وأعداؤها بذلوا الغالي والنفيس من أجل تطويع الأحداث فيها بما يخدم مصالحهم، فيما خلصت جميع النزالات التي لم يخسرها سوى الشعب السوري إلى اتفاق روسي أمريكي على هدنة لا بد من أن تتحول إلى وقف دائم لإطلاق النار كما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخرا.

وفي تحليل قرار الجامعة العربية، واستنادا إلى التطورات الأخيرة، يبدو أن الهدنة المعلنة في سوريا بموجب بيان صادر عن موسكو وواشنطن قد تتحول إلى وقف دائم فعلا لإطلاق النار حسب لافروف، فيما أن وصم حزب الله بعار الإرهاب، ليس إلا تصفية كلامية للحسابات لا تسمن ولا تغني من جوع، فمن ضرب قد ضرب، ومن هرب قد هرب كما يقول السوريون.

تصنيف حزب الله بين الجماعات والزمر الإرهابية التي تتباهى في تصوير أفلام قطع الرؤوس، لن يأتي بالنتيجة المرجوة من ورائه، فهو لا يتلقى دعمه من جامعة الدول العربية أو الولايات المتحدة أو تركيا، يقول ملايين العرب من مؤيدي حزب الله، كما يؤكدون، أن قرار التصنيف هذا، سيأتي بأثر عكسي وسيعزز من شعبية الحزب في الأوساط الشبابية ليحشد أعدادا إضافية من المنتسبين.

قرار الجامعة، أفلح في تأليب قلوب ملايين العرب، وعزز موقفهم الداعم لحزب الله بغض النظر عن مدى انخراطه في الأزمة السورية، فهو القوة العربية الوحيدة التي نالت من تل أبيب وجرعتها مرارة الهزيمة بعد انتصارات لا تحصى على العرب.

والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان في محاولة تفسير أحلام الاسرائيليين التي يحققها لهم العرب وغيرهم في الآونة الأخيرة: ما هي الرؤيا الاسرائيلية الجديدة التي ستراها تل أبيب في المنام قبل أن تقدم دولة أو جامعة عربية على تحقيقها ليرى الجميع البريق في عينيك يا "إسرائيل"؟

صفوان أبو حلا - روسيا اليوم