نصر الله "زعيم عصابة" أم ان الخصوم لم يجدوا إلا "حسن" بين حقيقته وحكايته؟!

نصر الله
الثلاثاء ٠٨ مارس ٢٠١٦ - ٠٦:٣٨ بتوقيت غرينتش

دعونا نلتزم بالحياد، ونفكر ببعض المنطق، دعونا لا نقف إلى أي جانب، ونلتزم بعدم إطلاق الأحكام اللامنطقية، والتي تجمعها صلة وثيقة مع توجهاتنا، وطوائفنا، وديننا، مقدمتي تلك تبدو أقرب إلى تلك الدعوات التي يطلقها أستاذ لغة عربية في الحصة الأخيرة، يدعو فيها طلابه “المتعبين” إلى التفكير مطولاً في كتابة مادة تعبيرية، تكون فيها الصياغة، والمضامين أقرب إلى فصاحة قصيدة شعرية كتبها المتنبي، وألقاها أبو العلاء المعري على قوم من الفصحاء!

لربما لن تأخذ دعوة مقدمتي مكانها في عقول البعض من القراء، كما لم يتمكن الطلاب من كتابة التعبير الفصيح الذي يريده أستاذهم، على أمل أن يدق جرس الحصة الأخيرة، معلناً انتهاء الدوام، أو في حالتي يعلن انتصار أحدهم على الآخر بالكمال والتمام، ولعلنا نتمنى أن يتصالح الجميع، ويعود الأمن والأمان لجميع أوطاننا، فنحن كما يقول الحكماء شعوب تستحق السلام، ولأنني ألتزم الحياد، دعوني أطرح سؤالاً بسيطاً بعيداً عن أي توجهات، هل يحق للإنسان الدفاع عن قيمه، وأخلاقه، ودينه، ووطنه؟ سيجيب الجميع هنا “نعم بالتأكيد”، سؤال آخر لو سمحتم لي، هل يحق للإنسان أن يدافع عمن يعتبر ظهره وسنده؟ نعم ستجيبون بالتأكيد! سؤال أخير، واعذروني للإطالة في أسئلتي، هل يجوز أن يكون هناك تمييز بين صاحب حق وآخر؟ لا يجوز بالطبع، هذه إجابتكم على ما أعتقد، جيد بل هو رائع ما أجبتم به على أسئلتي، بل وتستحقون عليه درجة الامتياز.

أسئلتي، إجاباتكم شرعتها، وهو بالتحديد ما قام به السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله لبنان في الرد على كل المنتقدين والمهاجمين خاصة في خطاباته الأخيرة على شاشة “المنار”، والتي شن فيها هجوم عنيف على السعودية، فالأخيرة قامت بالتشكيك في قيمه وأخلاقه، واتهمته بمصدر تمويل مالي فاسد، وهنا يحتم الواجب عليه بحسبه الرد عليها، ليدافع عن نفسه، السعودية بنظره حاولت إسقاط ظهره، وحليفه الرئيس بشار الأسد، فما كان منه إلا أن وقف إلى جانب حليفه “قولاً وفعلاً”، لربما يكون نصرالله على حق، وربما تكون السعودية على حق، وإن كنا نقف مع وجهة نظر السيد نصرالله وحزبه، إلا أن الطرفين يعتبران أنفسهم أصحاب الحق، ولكلا الطرفين كل الحق بإثبات وجهة نظرهم بالحجج والدلائل والبراهين، دون التضييق عليهم، وهو ما أكد عليه السيد نصرالله في محضر حديثه عن لجوء الخصوم إلى طرق “هابطة” لن يلجأ إليها، منها تقليده كوميدياً من باب السخرية منه، والتقليل من شأنه، في معركة إعلامية وسياسية وعسكرية تستهدفه وحزبه المقاوم، والذي اعتبرته السعودية مؤخراً ومحورها حزباً إرهابياً!

يحاول البعض توجيه اللوم للسيد حسن نصرالله على هجومه العنيف على السعودية في خطاباته المرئية بالقول أنه لم يعد يتمتع برجاحته التي اعتدناها، وخطاباته المتزنة التي ألفتها مسامعنا، وصورته “الأفلاطونية” التي رسمناها، إلى درجة أن البعض وصل به الأمر بالقول أن طريقته “الخطابية الهمجية” حولته من “قائد مقاومة”، إلى “زعيم عصابة”، أعتقد من وجهة نظري أنهم مخطئون بذلك الشأن تماماً، فردود “سيد المقاومة”، وإن بدت “انفعالية” في الشكل، تبقى الحد الأدنى في الرد على سلسلة هجومات إعلامية كتابية، سمعية، مرئية، لم يعد يجد الخصوم لها عنواناً، إلا ذلك العنوان المشترك “حسن”، فبين حكايته وحقيقته، وقصته، وطائفته، بقي الحسن “حسناً” في عقولنا، وعدواً لعدونا على الأقل، وهو المطلوب، وبالنسبة لبقية العقول نترك للسيد نصرالله التصرف بحق الرد الذي يراه مناسباً من باب الحقوق، وعن ذلك الحياد الذي لم أتمتع به إن كنتم تسألون، يبدو أن جرس الحصة الأخيرة قد أعلن نهاية الدوام!

خالد الجيوسي/راي اليوم