6 اسباب وراء انخراط السعودية بمفاوضات مباشرة مع انصار الله

6 اسباب وراء انخراط السعودية بمفاوضات مباشرة مع انصار الله
الأربعاء ٠٩ مارس ٢٠١٦ - ٠٨:١٠ بتوقيت غرينتش

مع اقتراب ما تسمى بـ"عاصفة الحزم" السعودية من دخولها عامها الثاني (بقي 16 يوما على اكمالها عامها الاول) دون تحقيق اي من النتائج التي انطلقت من اجلها، وبات قصف طيرانها لاهداف مدنية يعطي نتائج عكسية تماما محليا ودوليا، بدأ الطرفان، او الخصمان، السعودي وأنصار الله يتخليان عن “عنادهما”، والكثير من شروطهما السابقة، ويقبلان التفاوض وجها لوجه للتوصل الى تسوية سياسية قد تنهي الحرب في اليمن.

وكتب عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم"، التنازل الاكبر جاء حتما من قبل المملكة العربية السعودية، التي كانت ترفض رفضا قاطعا اي تفاوض مباشر مع تيار “انصار الله”، او الرئيس علي عبد الله صالح، وتصر على ان تكون اي مفاوضات مباشرة، او غير مباشرة، مع الرئيس اليمني (المستقيل) عبد ربه منصور هادي وممثليه الذي انطلقت “عاصفة الحزم” (الحملة العسكرية على اليمن)، من اجل اعادته الى عرشه، ولكن الامور تغيرت، ولا نعرف ما اذا كان الرئيس هادي على علم بهذه المفاوضات ام لا.
جولات من الحوار تحت مظلة الامم المتحدة في جنيف ومسقط، وبترتيب من قبل المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ، فشلت في تحقيق اي نجاح، ولذلك صعد تحالف (انصار الله - الصالحي) من مواقفه، وقرر رفض اي حل سياسي، وتصعيد العمل العسكري، وان اي مفاوضات مقبلة يجب ان تكون مع الاصل، اي الحكومة السعودية، وليس مع اتباعها.

6 اسباب رئيسة خلف هذا الانقلاب في الموقف السعودي

الاول: فشل “عاصفة الحزم” وغاراتها المكثفة على مدى اكثر من 11 شهرا في فرض الاستسلام على التحالف (انصار الله - الصالحي)، وتصاعد اعداد الخسائر في صفوف القوات السعودية، سواء على الحدود اليمنية، او في ميادين القتال داخل اليمن، وذكر لي استاذ جامعي مصري يشرف على رسالة دكتوراه لطالب سعودي ان عدد القتلى السعوديين في هذه الحرب وصل الى حوالي 3000 جندي وضابط، حسب ما ذكره له هذا الطالب الذي رفض ذكر اسمه لاسباب معروفة، وعندما جادلته، اي الاستاذ، بأن الرقم مبالغ فيه، اكد انه اثار الشكوك نفسها لتلميذه بسبب الفارق الهائل مع العدد الرسمي فجاء الجواب بتأكيد صحة العدد، وانه، اي التلميذ، ضابط عسكري سعودي متقاعد ويعني ما يقول.
الثاني: تصاعد الانتقادات للغارات السعودية في اليمن، والحصار الموازي لها في اوساط الدول الغربية، واتهام البرلمان الاوروبي للمملكة بارتكاب جرائم حرب، ومطالبته حكومات بلاده بفرض حظر على بيع اسلحة للسعودية.
الثالث: تصاعد حالة “التململ” في الداخل السعودي من جراء اطالة امد الحرب في اليمن، وتحولها الى حرب استنزاف عسكري ومالي وبشري، وتصاعد مشاعر الكراهية للمملكة في اوساط الرأي العام العربي والعالمي، وانهيار التحالفات التي تم انشاؤها لتوفير الغطاء الاسلامي والعربي لهذه الحرب، قبل ان تنشأ.
الرابع: النفقات المالية الهائلة على هذه الحرب، والتي تقدرها بعض الاوساط بمليارات الدولارات شهريا، تشمل تغطية نفقات القوات العربية المشاركة فيها، وتعويض المعدات والذخائر والغارات الجوية لاكثر من مئتي طائرة، وبلغ عددها ثمانية آلاف طلعة جوية، وتقديم مساعدات مالية لحكوماتها، ودول اخرى مثل مصر وباكستان والصومال وجيبوتي وجزر القمر، لكسب ودها، او حيادها على الاقل.
الخامس: ظهور تنظيمي “داعش” و”القاعدة” كقوتين رئيسيتين في الساحة اليمنية، خاصة في المناطق الواقعة خارج سيطرة قوات تحالف (انصار الله - الصالحي) في جنوب اليمن، فمدينة عدن باتت تعيش حالة من الفوضى الدموية بعد “تحريرها” (بحسب التعبير السعودي)، وانسحاب أنصار الله منها، والرئيس عبد ربه منصور هادي (المستقيل) بات “معتقلا” في قصر المعيشيق الذي يقع على قمة “تلة” في عدن، ووصلت التفجيرات الى مدخله، وبات اطول عمر لمحافظ عدن لا يزيد عن بضعة اسابيع، بسبب الاغتيالات والعمليات الانتحارية والسيارات المفخخة، والشيء نفسه يقال عن قادة الامن والشرطة، مضافا الى ذلك خوف امريكا من قيام دولة او امارة اسلامية عند مدخل باب المندب تهدد خطوط الملاحة الدولية التجارية والعسكرية.
السادس: تصريحات العميد مسعود جزايري نائب رئيس هيئة اركان القوات المسلحة الايرانية يوم (الثلاثاء) مع وكالة “تنسيم” للانباء التي قال فيها ان ايران قد تدعم انصار الله بنفس اسلوب دعمها للرئيس بشار الاسد في سورية، اي ارسال مستشارين عسكريين، وهذا يعني تحول اليمن الى سورية ثانية.

اما اذا انتقلنا الى الاسباب التي دفعت تيار (انصار الله) للقبول بالمفاوضات المباشرة مع السلطات السعودية فيعود ذلك الى حصوله على اعتراف و”شرعية” سعودية كقوة رئيسية في الساحة اليمنية، ولكون الدعوة وصلته من الرياض، واجراء المفاوضات على اراض سعودية، ولانه يدرك جيدا ان الحرب ستنتهي بحل سياسي في النهاية، والاستمرار في الحرب، في ظل لجوء الطرف الثاني الى السلم “تكتيك” ذكي لتقليص الخسائر وتجنب معركة صنعاء، طالما ان هذا الحل السياسي يحقق مطالبه في ابعاد الرئيس هادي وتأسيس مجلس رئاسي، وحكومة وحدة وطنية، ومرحلة انتقالية.
من الصعب علينا اصدار احكام مسبقة او متسرعة لكن ما يمكن قوله في هذه العجالة ان مجرد دعوة السعودية لوفد انصار الله للتفاوض للوصول الى اتفاق، كلي او جزئي، للتهدئة يعني اقتناعها بان الحل العسكري في اليمن غير ممكن ان لم يكن مستحيلا، وان الجناح الذي يطالب بالعقلانية والمراجعة فيها، واسرتها الحاكمة، بدأ يجد آذانا صاغية، وما علينا الا الانتظار لمعرفة الخيط الابيض من الاسود، وسط هذه الحرب المغلفة بسحب سوداء كثيفة من التشاؤم والغموض.

4-2