الشعوب تنبذ الطائفية

الشعوب تنبذ الطائفية
الجمعة ١١ مارس ٢٠١٦ - ٠٧:١٤ بتوقيت غرينتش

المأساة التي تعيشها الشعوب العربية وخاصة في سوريا والعراق وليبيا واليمن بسبب الفتن التي تعصف بهذه البلدان، والتي كانت نتيجة الخطاب الطائفي لمن يطلقون على انفسهم دعاة اسلاميين، تحولت الى جرس انذار للشعوب الاخرى التي اعتبرت بمآسي العراقيين والسوريين والليبيين واليمنيين.

من هذه الشعوب التي حاولت وتحاول بكل ما اوتيت من قوة، الوقوف في وجه المد الطائفي التكفيري والحيلولة دون تمدده اليها، يمكن الاشارة الى الشعبين المغربي والجزائري، اللذان ابديا حساسية شديدة ازاء كل ما يمكن ان ينقل فيروس التكفير والارهاب الى ديارهما، فكلنا يتذكر رفض النخب والتنظيمات والاحزاب في المغرب زيارة الداعية الوهابي محمد العريفي لالقاء محاضرة، بسبب خطابه الطائفي والتكفيري وارتباطه بالجماعات التكفيرية ومنها “داعش”، وهو موقف لاقى تاييدا شعبيا من مختلف شرائح المجتمع المغربي، التي رأت في العريفي فتنة متنقلة، تحل الفوضى والدمار انى حل وارتحل.

وقرر الداعية السعودي آنذاك إلغاء سفره إلى المغرب بعد الضجة التي أثيرت حوله ل”رفع الحرج عمن وجهوا له الدعوة” على حد قوله، وكان قد اثار جدلا ايضا خلال زيارة له لعمان العام الماضي.

موقف المغرب القاطع من احد اكبر رؤوس الفتنة المدعو العريفي، كررته الجزائر ايضا هذه الايام، فقد منع وزير الشؤون الدينية والأوقاف في الجزائر محمد عيسى، من حضوره ملتقى ديني بالجزائر.

وبحسب صحيفة “المرصد” السعودية، أوضح عيسى في المنتدى الذي نظمته صحيفة “منبر الغرب”، ونقلته صحيفة الشروق الجزائرية، أن العريفي، كان قد قدم طلباً لحضور ملتقى ديني بشرق البلاد، إلا أن الجزائر رفضته رفضاً تاماً لدواع أمنية وسياسية.

وكالعادة حاول العريفي تبرير رفض الجزائر له، بطريقته المعهودة عندما غرد على حسابه بـ”تويتر” بالقول، إنه لم يزر الجزائر منذ عشر سنوات، ولم يواجه في حياته المنع من دخول أي دولة، وفق قوله.

وتابع في حسابه عبر “فيسبوك”: “نشرت اليوم إحدى الصحف بأني وصلتُ الجزائر لإلقاء محاضرات فمُنعت من دخولها! وهذا خبر كاذب مصنوعٌ كله، أُريد به إفساد العلاقات وتكدير النفوس”.

الملفت ان العريفي يصف الخبر بالكاذب بينما هو يكذب بشكل فاضح، عندما يقول انه وصل الجزائر الا انه منع من دخولها، بينما الخبر يقول ان العريفي لم يصل الجزائر لان زيارته رفضت من الاساس، فهذا وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، يعلن وبشكل واضح ان “الجزائر رفضت دخول العريفي إلى أراضيها وذلك لدواع أمنية وسياسية ”فالعريفي وفقا لتصريحات عيسى“ يعد من الشخصيات التي تروج للمجموعات المتطرفة.. وإن الجزائر لن تكون أبدا حلبة صراع للمذاهب الخارجية وإنها مدرسة للوسطية والاعتدال. مردفا أن وزارته لها الأهلية لتحدد ما إذا كان شخص ما يستحق أن تتم دعوته لزيارة الجزائر أم لا”.

ان موقف الشعبين المغربي والجزائري يعكس الوعي الذي تتمتع به الشعوب العربية ازاء الاسباب الحقيقة التي تكمن وراء الحروب والصراعات والجدل والفتن التي تعصف بالشعوب العربية، والتي حولت الكثير منهم الى لاجئين على ابواب الدول البعيدة، فمن الخطا جدا اعتبار الجماعات التكفيرية وعلى راسها “داعش” و القاعدة، هي السبب الرئيس في كل ما جرى من ماساة، فهذه الجماعات ليست سوى جهات منفذة لفتاوى صادرة عن عقول متخلفة تعيش خارج التاريخ مثل عقلية المدعو العريفي، لهذا كان موقف المغاربة والجزائريين عين الصواب عندما منعوا العريفي من زيارتهم، للحيلولة دون غسل ادمغة بعض شبانهم السذج، وحشوها بالكراهية والحقد البغضاء والتعصب الاعمى، ليتحولوا بعد ذلك الى قنابل تنفجر باهلهم واخوتهم، كما حدث ويحدث في سوريا والعراق وليبيا واليمن.

* جمال كامل ـ شفقنا

2-210