الجامعة العربية.. عربية الشعارات، عبرية التنفيذ

الجامعة العربية.. عربية الشعارات، عبرية التنفيذ
الثلاثاء ١٥ مارس ٢٠١٦ - ٠٩:٠٠ بتوقيت غرينتش

قد يختلف اوباما مع ما ذهب اليه بوش خلال فترته الرئاسية .. او قد تختلف الحملة الدعائية لكينتون وترامب .. لكن لايختلف اثنان ان هذه الخلافات هي حول كيفية الحفاظ على مصالح الأمن القومي الامريكي .. أمنيا واقتصاديا وسياسيا والخ ...

فمثلا الكل مجمع ان الأمن القومي الامريكي يمر من خلال الحفاظ على الكيان الصهيوني ودعمه ... لكن الطريقة في التعبير تختلف من واحد الى اخر ... حتى جعلت هذه المصالح من ترامب يعلن وبوضوح انه اذا ما انتُخب سوف ينقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس .
رسالة واضحة مفادها .. انكم جميعا وبلا استثناء ايها العرب، شعوبا وحكاما، مطبعين منبطحين، او محايديين او مقاومين .. كلكم مهما فعلتم لاتساوون عندنا أمن صهيوني، يقتل طفلا عربيا فلسطينيا سنيا بدم بارد، وينشره على وسائل التواصل الاجتماعي ...
وهذا هو حال كل الدول روسيا كانت او الصين .. بريطانيا كانت او فرنسا ... لا يجمعهم مع الأخرين سوى مصالح بلدانهم وشعوبهم وأمنهم القومي .. فالرئيس الفرنسي مثلا يقف ضد الاتفاق النووي مع ايران، وضد الحكومة السورية، ويسكت ويساعد في قتل الابرياء في اليمن، لانه وببساطة يريد انقاذ الاقتصاد الفرنسي وانعاش الدخل لدى الفرنسيين، والفرنسيين لاغير، وحين توفر هذه المواقف فرصا لبيع السلاح الى السعودية، فهو مشروع مادام موجها لصدور العرب انفسهم .. مال عربي يُنعش اقتصادهم، والقتيل عربي. فما الضير في ذلك؟
لكن حين يسقط بعض الفرنسيين بفعل عمل ارهابي .. هنا تقوم القيامة .. وكذلك حال تركيا اردوغان .. بل ان هذا الامر ينطبق على كل العالم، ماعدا العالم العربي، والسبب ببساطة، حكامنا مابين اثنين، اما عميل يملك المال والنفط، او ضعيف يعمل لدى العميل عسى ان يبقي الشعب فوق خط الفقر، واما الشعوب العربية، فيبدو انها فقدت قيمتها الانسانية لدى حكامها فيعدمون ما يعدمون وينفون من يريدون ويغيبون من يغيبون .. ، فالشعوب العربية ملك لحكامها كما يملك الراعي حق ذبح خرافه كيفما شاء واينما شاء .
فلماذا اذا يجب ان ننتظر التعاطف من الغرب او الشرق ما دام حكامنا يدفعون لهم المليارات؟
وهذا هو حال جامعة الدول العربية. حاكم واحد يغير سياسة الدول بماله، فكيف اذا اجتمع كل الحكام في جامعة واحدة؟
فلا يزال ال سعود منذ نشأتهم في ارض الحجاز بدعم بريطاني، يعانون من عقدتين، عقدة النقص لأنهم يرون في باقي الدول العربية قبائل يجب ارضاخها لقبيلتهم، وهو امر لازال مستعصيا عليهم. والثاني عقدة الثأر من الشعب المصري واليمني والعراقي، لما عانوه من الشعب المصري في الفترة العثمانية والعراقي واليمني في تصديها للفكر الوهابي. ناهيك ان بريطانيا لم تزرع جسمهم الوهابي التكفيري في الحرمين الشريفين عبثا .. بل جاء ذلك بعد تمحيص وتدقيق، كما فعلوه بزرع الكيان الصهوني في ارض فلسطين وثاني اقدس مقدسات المسلمين ...
ولذلك نرى دويلات مجلس ما يسمى بالتعاون وعلى رأسهم السعودية، سعت جاهدة بالنفوذ داخل الجامعة بخاصة بعد كامب ديفيد وانحسار الدور المصري في التأثير على المواقف السياسية في العالم العربي ..
وتجلى هذا الدور وبشكل جلي خلال التحضير للهجوم على العراق واسقاط سيف العرب الذي قاد لهم القادسية ودفعوا له المليارات من اجل وأد الثورة الاسلامية في ايران، لا لشيئ سوى لانزالها العلم الصهيوني من السفارة الاسرائيلية في طهران ورفع العلم الفلسطيني .
فمجلس التعاون (على الاثم والعدوان) وخاصة السعودية التي تتبجح اليوم بالاجماع العربي وتوسم حزب الله بالارهاب ..لم تراجع الاجماع العربي ابان احتلال الكويت من قبل صدام قائد القادسية ضد الجارة ايران، ولم تتوسط لحل الأزمة في البيت العربي كما يدعون اليوم ويطبلون ويهولون على ان ايران لايحق لها التدخل بين العرب. فنحن عرب واولى بنا ان نتفاهم بيننا .. والمقصود هنا .. ان يحتلوا اليمن ويدمروا سوريا كما فعلوا مع ليبيا ويسحقوا العراق، ولا يحق لايران ان تدافع عن أمنها القومي ولا جغرافيتها الملاصقة للعالم العربي ...
فحرب الكويت كانت اول مسمار في نعش الوحدة العربية والاجماع العربي. اذ سعى ال سعود وحسني مبارك الى تفريق العرب الى فريقين، اما الى جانب امريكا واسرائيل، او ضدهما. وذلك من خلال دعوتهم للولايات المتحدة وبريطانيا الى جانب البحرين، الكويت، عُمان، قطر، السعودية، والإمارات العربية المتحدة،وألوية الولايات المتحدة الثقيلة، البالغ عددها 17 لواءً، والخفيفة البالغ عددها 6 ألوية. وفوضتهم بضرب الشعب العراقي وليس شخص صدام، من خلال الجامعة العربية .. الذي نجم عنه حصار الشعب العراقي لعشر سنوات متتالية منعوا خلالها حتى الحليب عن اطفال العراق السنة قبل الشيعة .. وهو ما يتكرر اليوم في اليمن .. فالجامعة العربية لاتستهدف الا الشعوب العربية، ولا تجتمع الالتفتيت سوريا وتدمير العراق وليبيا واشغال مصر بالارهابيين التكفيريين .. وكل ذلك خدمة للدولة العبرية التي هي سيدة العالم العربي حسب كل القياسات الغربية ..
ممنوع على السعودية ان تطالب بجزرها المحتلة من قبل "اسرائيل"، لكن لها الحق ان تحتل اراض يمنية. ممنوع على السعودية ان تجعل طائراتها الاف 16 في قاعدة تبوك، لانها تهدد امن المدللة اسرائيل .. لكن لها الحق في قصف المستشفيات والعجزة والابرياء في اليمن .. ممنوع على الجامعة العربية التي تقع تحت سلطة المال السعودي والقطري ان تصدر قرارا يدين التدخل التركي في سوريا والعراق، لكن يجوز لهم ان يمدوا الارهابيين التكفيريين من الشيشان والصين ليعتدوا على الاعراض العربية السنية ولا يحركون ساكنا .
واخيرا خرج الاجماع العربي الى العلن من خلال جامعة الدول العبرية ليجعل الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في خانة الارهاب .. وهذه قاعدة قديمة مفادها ان المومس لاتستطيع تحمل من تلتزم بالشرف. وقد قالها المتنبي قبل قرون (وإذا أتَتْكَ مَذَمّتي من نَاقِصٍ فَهيَ الشّهادَةُ لي بأنّي كامِلُ') ودعم مظفر النواب هذا القول قبل سنين وكأنه تنبأ ما سيحصل في المستقبل حيث قال (القدس عروس عروبتكم فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها؟؟ وسحبتم كل خناجركم وتنافختم شرفا وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض فما أشرفكم أولاد .....!!!
• رائد دباب – الثلاثاء 15 مارس اذار

2-208