إضاءات من حياة الإمام الهادي (سلام الله عليه)

إضاءات من حياة الإمام الهادي (سلام الله عليه)
الأحد ١٠ أبريل ٢٠١٦ - ٠٧:١٣ بتوقيت غرينتش

الثالث من رجب ذكرى استشهاد الإمام الهادي عليه السلام، حيث کانت شهادته سنة (254 هجري قمري) في ايام الخليفة العباسي المعتز عن عمر يناهز اربعة عقود وسنتين. وهو علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (سلام الله عليهم)، هو عاشر أئمة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

ولد (سلام الله عليه) للنصف من ذي الحجة او ثاني رجب سنة اثنتي عشرة او اربع عشرة ومائتين، في قرية (صريا) التي تبعد عن المدينة المنورة ثلاثة اميال. تقلد منصب الامامة الالهي بعد ابيه الإمام محمد الجواد عليه السلام في الثامنة من عمره الشريف، فكان مثالا أخر للإمامة المبكرة التي اصبحت اوضح دليل على حقانية خط أهل البيت الرسالي في دعوى الوصية والزعامة الدينية والدنيوية للامة الاسلامية خلافة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونيابة عنه في كل مناصبه القيادية والرسالية.
لقد عاش الإمام علي الهادي عليه السلام اقل من عقد واحد مع أبيه الإمام الجواد عليه السلام. فيما امضى مايزيد عن ثلاثة عقود عاصر خلالها ستة من ملوك الدولة العباسية وهم: المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز.
لقد اتخذ الخلفاء العباسيون المعاصرون للامام الهادي عليه ‌السلام، عين المواقف التي اتخذها أسلافهم في التصدّي لمدرسة الأئمّة عليهم ‌السلام وشيعتهم والنكاية بهم، ذلك لأن علاقة الحاكم بالإمام تقوم على أساس ثابت، وهو الخوف من نشاط الإمام ودوره الفاعل في الحياة الاسلامية، فضلاً عن أن رجال السلطة كانوا يعيشون أوضاعا سلبية على مستوى الالتزام الديني، فكانوا يضيقون ذرعا بأي إمام من معاصريهم، لما يتمتع به من سمو المكارم ومن شخصية علمية وروحية فذّة وسيرة صالحة تجتذب مختلف أوساط الاُمّة، من هنا حرصوا على ربط الإمام بالجهاز الحاكم وتقريبه بشتى الوسائل لدوام مراقبته وتحديد حركته وفصله عن أتباعه ومواليه ومحبّيه المؤمنين بمرجعيته الفكرية والروحية، وأخيرا تآمروا على حياته. وعانى الامام الهادي عليه السلام من ظلم العباسيين كما عانى آباؤه الكرام حيث احكموا قبضتهم على الحكم واتخذوا كل وسيلة لاقصاء اهل البيت النبوي الشريف وابعادهم عن الساحة السياسية والدينية، وان كلفهم ذلك تصفيتهم جسديا كما فعل الرشيد مع الامام الكاظم والمأمون مع الامام الرضا والمعتصم مع الامام الجواد عليهم السلام.     
وتميز عصر الامام الهادي (سلام الله عليه) بقربه من عصر الغيبة المرتقب، فكان عليه ان يهيىء الجماعة الصالحة لاستقبال هذا العصر الجديد الذي لم يعهد من قبل حيث لم يمارس الشيعة حياتهم الا في ظل قرنين من الزمن. ومن هنا كان دور الإمام الهادي (سلام الله عليه) في هذا المجال مهما وتأسيسا وصعبا بالرغم من كل التصريحات التي كانت تتداول بين المسلمين عامة وبين الشيعة خاصة حول غيبة الامام الثاني عشر من أئمة اهل البيت (سلام الله عليهم) أي الامام المهدي المنتظر عليه السلام، الذي وعد الله به الامم. 
وقد حفلت هذه الفترة بالحوادث والصراع السياسي المرير بين العلويين والحکام العباسيين فاصاب الامام منها الاذى والاضطهاد. و كان الحکام العباسيون يخافونه لانه کان سيَد اهل البيت وامام الامة وصاحب الکلمة النافذة. فقد کان لأئمة اهل البيت عليهم السلام موقع خاص في النفوس ولهم علاقة متميزة بابناء الامة ترجح على علاقة الامة بحکام بني العباس الذين اشاعوا الرعب والارهاب وسفکوا الدماء وتسببوا في الفساد وبالغوا في اللهو والبذخ الى جانب الفقر والجوع والاضطهاد للمحرومين.
وکان الامام عليه السلام، ينمي حرکة الوعي السياسي والايماني ويستقطب الجماهير من حوله ويمارس دور التربية والتوجيه عن طريق نشر الوعي الاسلامي السليم والمعرفة الدينية الصحيحة والتعرف بمباديء الاسلام في الحکم والسياسة وسيرة الحاکم العادل واخلاقه. کانت حياة الامام علي الهادي عليه السلام حياة علم وعمل ودعوة الى کتاب الله وسنَة رسوله صلى الله عليه واله وسلم الى جانب کونها حياة کفاح وصراع سياسي من اجل الحق والعدل ونصرة المظلوم.
لقد کان حکام بني العباس يخافون دور الامام الهادي عليه السلام موقعه وتاثيره لذا کانوا يحوطونه بالرقابة وعناصر التجسس وجمع المعلومات والحيلولة بينه وبين جماهير الامة وعلمائها، ليتمکنوا من عزله وابعاده عن مجال التاثير الفکري السياسي.
کانت حياة الامام علي الهادي (سلام الله عليه) منذ استشهاد ابيه وتحمله مهام الامامة، حتى استشهاده، مليئة بالتحديات والصبر والثبات العقائدي والسياسي فقد ابتلى بحکام حاقدين على آل أبي طالب وخصوصا ذرية علي وفاطمة ويسعون لاستئصال هذه الشجرة المبارکة. ولهذا لقد لاقى من حکام عصره الملاحقة والارهاب والتضييق واخرج من مدينة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واجبر على الاقامة في سامراء ليکون تحت مرآى ومسمع الخليفة وجهازه الحاكم اي يكون تحت الرقابة المباشرة وليعزل عن قيادة تحرك الامة المتجهة نحو اهل البيت عليهم السلام وهناك في سامراء قضى شطرا کبيرا من حياته حتى استشهد فيها مسموما في رجب سنة (254 للهجرة) عن عمر يناهز اربعة عقود وسنتين. يقع ضريحه الشريف في مدينة سامراء في العراق جنب قبر ابنه الحسن العسكري عليهما السلام.

من أقوال وحكم الإمام علي الهادي (سلام الله عليه)
* من اتقى الله يتقى ومن أطاع الله يطاع ومن أطاع الخالق لم يبال سخط المخلوقين ومن أسخط الخالق فلييقن أن يحل به سخط المخلوقين.
* الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أوجبت الشكر لأن النعم متاع والشكر نعم وعقبى.
* إن الله جعل الدنيا دار بلوى والآخرة دار عقبى وجعل بلوى الدنيا لثواب الآخرة سببا وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا.
* من جمع لك وده ورأيه فاجمع له طاعتك.
* من هانت عليه نفسه فلا تأمن شره.
* الدنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون.
* الناس في الدنيا بالمال، وفي الآخرة بالأعمال.
* شر الرزية سوء الخلق.
* إن من الغرة بالله أن يصر العبد على المعصية ويتمنى على الله المغفرة.


2-205