رفض التنازل عن تيران وصنافير .. درس مصري في الكبرياء

رفض التنازل عن تيران وصنافير .. درس مصري في الكبرياء
السبت ١٦ أبريل ٢٠١٦ - ٠٢:١٩ بتوقيت غرينتش

امر توقعه العارفون بطبيعة الشعب المصري، الذي ينظر الى الارض كالعرض، الا يمر قرار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافيرعند مدخل خليج العقبة في بحر البحر للسعودية، هكذا دون اعتراض او احتجاج من قبل الشعب المصري.

الجرح الذي اصاب كبرياء الشعب المصري جراء هذا القرار، اصبح اكثر عمقا، عندما بررت الحكومة المصرية فعلتها بالحصول على امتيازات اقتصادية من السعودية والتي ستعود بالفائدة للشعب المصري، فهذا التبرير جعل الجرح نازفا، وهو ما دفع الشعب المصري للنزول الى الشارع يوم الجمعة 15 نيسان / ابريل، مطالبا باسقاط النظام.

قوات الأمن المصرية أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين وسط القاهرة، وهتف المحتجون شعارات: “الشعب يريد إسقاط النظام” و “إحنا الشعب أصحاب الأرض وانتوا العملا وبعتوا الأرض” و”يسقط يسقط حكم العسكر” و“عيش.. حرية.. الجزر دي مصرية”.. “ارحل” و”عواد باع أرضه” (كناية عن الشخص الذي يتنازل عن عرضه اذا ما تنازل عن ارضه) و”الأرض هي العرض” و”ثورة.. ثورة.. ثورة” ، و”هو يمشي.. مش حنمشي” .

وكانت وزارة الداخلية المصرية، حذرت مساء الخميس، في بيان، مما أسمته “محاولات الخروج على الشرعية”، في إشارة إلى مظاهرات الاحتجاج بشأن جزيرتي تيران وصنافير، كما قرّرت السلطات المصرية إغلاق محطة مترو الأنفاق المؤدية إلى ميدان التحرير، لـ”دواع أمنية”.

السذج وغير العارفين بطبيعة الشعب المصري، تصوروا ان الشعب المصري سيخضع امام قرار التنازل عن تيران وصنافير، تحت ضغط الوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه، بسبب السياسات الفاشلة للانظمة المصرية المتعاقبة، وتحت ضغط الاغراءات التي تم الاعلان عنها اثر التوقيع على اتفاق التنازل عن الجزيرتين، وتحت ضغط الضجة الاعلامية المصاحبة لها، ولكن خاب ظن هؤلاء، فاذا بالشعب المصري ينتفض بكل شرائحه وانتماءاته، رافضا الاغراءات المادية، رغم حاجته المبرمة لها، مؤكدا على ان الكرامة الوطنية اسمى من كل شيء، فمن الممكن ان يعيش المصري في اوضاع اقتصادية صعبة، ولكن من المستحيل ان يعيش بلا كرامة.

الموقف المشرف الذي وقفه الشعب المصري من تنازل حكومته عن جزيرتي تيران وصنافير، رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها،  يجب ان يكون درسا لجميع شعوب العالم، التي تتلاعب انظمتها بكرامته وكبريائها، فالشعب المصري اثبت انه شعب حي، وانه لن يتنازل عن ذرة رمل من ارضه مهما كانت الظروف والاسباب والمبررات والاغراءات.

التحدي المشرف للشعب المصري لقرار السيسي، اثبت حقيقة ان قرار تنازل مصر عن سيادتها في جزيرتي تيران وصنافير، لا يمكن تبريره بالوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه مصر، فالقضية هي اكبر من ذلك بكثير، فمن المؤكد ان قرار التنازل يأتي في اطار خطة معقدة ومدروسة بعناية، بعد الكشف عن وجود مفاوضات كانت قائمة على قدم وساق بين اميركا و”اسرائيل” ومصر والسعودية، وهذا التفاوض الرباعي هو الذي افرز الاتفاق، الذي تحاول الجهات التي تقف وراءه الى اعادة رسم الخارطة في المنطقة عسكريا وامنيا وسياسيا، من خلال تعزيز دورة وقوة محور “الاعتدال”، امام محور المقاومة.

ان نجاح الشعب المصري في افشال اتفاق التنازل عن تيران وصنافير، هو في الحقيقة افشال للمخطط الهدام الذي تقف وراءه “اسرائيل”، والذي يستهدف امن واستقرار منطقة الشرق الوسط، فلا خير يرجى لشعوب المنطقة من اي مشروع او مخطط تقف وراءه “اسرائيل”، فالترحيب المنقطع النظير لـ”اسرائيل”، بتنازل مصر عن تيران وصنافير، يؤكد ان امرا دُبر بالليل للمنطقة وشعوبها.

لم يبالغ من قالوا ان مصر “زعيمة العرب”، فاذا كانت مصر قوية فالعرب اقوياء، واذا كانت ضعيفة فالعرب ضعفاء، فهذه المكانة التي تبوأتها مصر عبر التاريخ، كانت وليدة الروح المصرية، التي تعرضت لنكسات على يد انظمة حكمت مصر في العقود الاخيرة، ولكن دون ان تتمكن من قتل الكبرياء في هذه الروح، التي انطلقت متمردة على الخضوع والخنوع، رافضة التبريرات المسوقة للذل والهوان، معلمة شعوب العالم، على كيفية الدفاع عن كرامتها وشرفها، معلمة الانظمة على كيفية احترام الشعوب وعدم الاقتراب من كبريائها.

عزيز الوالي / شفقنا

109-4