المؤتمر اللاإسلامي.. الوجه الأوسع للمؤامرة

المؤتمر اللاإسلامي.. الوجه الأوسع للمؤامرة
الثلاثاء ١٩ أبريل ٢٠١٦ - ٠٥:٠٢ بتوقيت غرينتش

لم يجتمع الأعراب خلال العقود الأخيرة على أقل تقدير سوى للعمل ضد العرب وتفتيت وحدتهم القومية.. بدأ من فلسطين وليس انتهاءاً بسوريا والعراق. ولم يتعاون الأعراب إلا على الاثم والعدوان بدأ من مجلس التعاون لدويلات الخليج الفارسي.. وعلى الرغم من أن قرارات ماتسمى الجامعة العربية إقليمية التأثير، لأن هذه الجامعة لاتشمل سوى بعض الدول التي تماشي السعودية إما بالمال أو بالتلويح بالإرهاب.. لكن ذلك أيضاً يمشي وفق سياسية زرع اليأس لدى الشعوب العربية وحرفها عن القضايا المصيرية.

فحين يتحدث السعوديون إلى دويلة مثل قطر ربما تختلف اللهجة كما هو واضح عن حديثها مع سودان البشير.. فقطر تمتلك من المال كما يمتلكه آل سعود وتدعم مجموعات إرهابية مثل النصرة وجيش الفتح، كما تدعم السعودية داعش وأخواتها، وكلاهما يسيران في الركب الأميركي رغم التكتيكات السياسية الظاهرية.. إذن هما ندان يعرف كل مقدار الضرر الذي يمكن أن يلحقه بالآخر.

لكن في حال البشير ومن على شاكلته من الملاحقين دولياً ليس أمامهم سوى تنفيذ المطالب السعودية وإلا...!!

ولم يصرح عبثاً رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه بري في سبتمبر الماضي، حين قال بالحرف الواحد: "إن بعض الدول التي وقعت (بيان جدة) لمحاربة الإرهاب، ومنها تركيا وقطر، مازالت تدعم الإرهاب لاسيما (جبهة النصرة)، وتنظيم (الدولة الإسلامية في العراق والشام- داعش) الإرهابيين."

كما ليس من المستبعد أن تقوم قطر على سبيل المثال بفتح سفارة لجبهة النصرة على غرار ما قامت به تجاه طالبان وفتح سفارة لهم في الدوحة، ولكن لماذا لم تقم أميركا أي موقف من قطر تجاه احتضانها لطالبان التي كانت تقتل الجنود الأميركان في أفغانستان، أو تتحدث عن خطة بديلة على غرار ما تصرح به تجاه سوريا التي تحارب داعش والنصرة وأخواتها ؟ فهذا أمر ربما لايعلمه إلا الراسخون في العلم مثل إردوغان وسلمان وتميم.

لكن ولأجل استكمال الصورة كان على هذه الأطراف أن تتخذ خطوات تمهيدية ربما تؤشر على القيادة السعودية للعالمين الإسلامي السني في المنطقة والعربي الميت أساساً بفعل السياسات السعودية بشكل مباشر أو غير مباشر.

لكن الوضع الراهن لم يكن مساعداً للأهداف السعودية دون تمهيدات لذلك مثل دعم الإرهاب في كل من العراق وسوريا والحرب على اليمن وتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية.. وكل هذه الأمور كانت من المهام التي أوكلت إلى ماتبقى من الجامعة العربية التي سحبت مقعد سوريا (وهي من الدول المؤسسة لها) ومنحته إلى ما يسمى بالائتلاف الوطني (خلال رئاسة قطر للمنظمة العربية)، والجامعة العربية صنفت حزب الله بالإرهابي على غرار داعش والنصرة تطبيقاً لمقولة اقتلوني ومالك معي، والجامعة العربية أعلنت دعمها الكامل، للحرب ضد الشعب اليمني، والجامعة العربية لم تكن مستاءة مما حصل في ليبيا وليس حباً بالشعب الليبي بل كرها للقذافي، والجامعة العربية ماطلت في موقفها ضد تركيا واحتلالها لبعشيقة العراق.

ولم يتبق سوى إفساد الأمور على المستوى الإسلامي المنقسم على نفسه أساساً، ولذلك نرى أن الملك سلمان لملم كل طاقته وعقله المصاب بالخرف حسب التقارير الغربية، للتحرك على مصر وبعدها تركيا.. ليس لتوحيد الصف الإسلامي الذي يواجه أكبر مؤامرة من قبل الكيان الصهيوني والغرب، بل من أجل تعميق الهوة بين الدول الإسلامية بكل السبل ومنها الرشوة ودفع الأموال الطائلة لشراء الأرض والذمم.

فأما مصر فقدمت أكبر هدية لآل سعود تمثلت في جزيرتي تيران وصنافير التي لايعرف أحد إلى الآن هل كانت تحت الوصاية الإسرائيلية أم لا، أم أنها ستكون تحت وصايتها لشن أعمال استفزازية ضد الملاحة الإيرانية والمقاومة بشكل عام.

وأما تركيا فالأمر واضح جداً.. السعودية تعوض خسائرها من تضرر علاقاتها بروسيا مقابل التصالح مع مصر وتشكيل تحالف باسم السنة على الطريقة الوهابية ضد إيران.

لكن الواضح أن المصريين لم يتمكنوا من المضي إلى هذا الحد خلف السعودية.. لذلك نراهم ولأجل الإفلات من كلا الأمرين بعثوا وزير خارجيتهم فسلم الأمور وخرج من المؤتمر بنفس الحجة، حتى لا يُجبرون على تأييد الإدانة ضد إيران.

لكن مابين كل هذه الخطوات والمستجدات، كيف يمكن لنا أن نفسر إعلان نتنياهو الجولان أرض تعود إلى "إسرائيل" وإلى الأبد؟! وإذا كان العداء السعودي للحكومة الشرعية السورية فقط وأنها تريد الحفاظ على سوريا، فلماذا لم نلمس أي مؤشرات تدين تصريحات نتنياهو؟! هل أصيب الحكام العرب بالشلل والخرس كي لايجتمعوا من أجل الجولان بينما يجتمعون من أجل حزب الله؟!

بالطبع لا.. لكن سياسة العربان المتصهينة تجاوزت الخلق العربي والإسلامي حتى أصبح شعارها "تعاونوا على الإثم والعدوان ولاتعاونوا على البر والتقوى" لأن المؤامرة موكولة إليهم إلى درجة لا نستبعد وخلال قادم الأيام من هجوم عسكري للإرهابيين المدعومين من الكيان الصهيوني في القنيطرة، وآخر من الإرهابيين المدعومين من قبل تركيا والسعودية في حلب وشمالها.

وعلى الرغم من أننا نؤمن بأن الجيش السوري وحلفائه قادرين على دحر هؤلاء، لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه على الشعوب العربية، هو: هل تركيا عربية أو عضوة في الجامعة العربية حتى تفعل ما تفعله في الداخل السوري والعراقي؟! أم أن سوريا والعراق ولايتان تركيتان متمردتان كي تحصل على دعم الأعراب والعرب؟!

* رائد دباب