ماذا لو كان لهذا النوع من البشر سلطة على خلق الله؟!

ماذا لو كان لهذا النوع من البشر سلطة على خلق الله؟!
الثلاثاء ٢٦ أبريل ٢٠١٦ - ٠٤:٢٦ بتوقيت غرينتش

في الفتن والصراعات التي تضرب الأمم بين حين واخر، عندما يتراجع دور العقل امام الغريزة، تصطلي هذه الأمم بعذابات تبقى تنخر في وجدانها اجيالا متعاقبة.

في الفتن والصراعات التي تضرب الامم بين حين واخر، يكون لأبواق الجهل والتعصب الصوت الأعلى، بينما يتراجع صوت الحكمة والتسامح، ولا تفيق هذه الامم من غفلتها الا بعد فوات الأوان.

حصانة الأمم امام الفتن تكمن في قدرة تمييزها بين صوت العقل وصوت الجهل، فاذا ما فازت الأمم بهذه الميزة، فانها قد تعصم نفسها من الفتن والصراعات والدمار.

بعض المؤرخين حملوا الشعوب جانبا من مسؤولية صعود المستبدين الى السلطة، وما اقترفوه من جرائم كبرى بحق الانسانية، والسبب انه وفي لحظة تاريخية حساسة فقدوا القدرة على التمييز من صوت العقل وصوت الجهل، لأسباب عديدة يذكرها هؤلاء المؤرخون، والتي طبعت معظمها الغريزة، ويذكرون على ذلك امثلة منها صعود النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا.
في عالمنا العربي والاسلامي المنكوب هذه الأيام بالفتن والصراعات، استغل علماء السوء وابواق الفتنة، حالة هيمنة الغريزة على الخطاب السياسي والديني، فازادوا من نيران الفتن والصراعات اشتعالا، دون ادنى تفكير بما سيؤل اليه مصير الشعوب والاجيال القادمة، اذا ما واصلوا النفخ في نيران الفتنة والتعصب والجهل.

اذا ما أردنا ان نذكر فقط اسماء اصحاب اصوات الجهل، التي ترتفع هذه الايام الى عنان السماء، سنحتاج الى وقت طويل جدا، لذلك سنمر على ذكر نموذج واحد يمثل هذه الاصوات افضل تمثيل، وعندها سنترك القارىء، ليجسد الحالة المزرية التي تعيشها الشعوب العربية التي تعتبر امثال هذا الصوت: “علماء” و“دعاة” و”نخبة” و” ساسة” و“اساتذة” وو..

هذا الصوت هو “القيادي الوهابي” البحريني جاسم أحمد السعيدي، والمقرب جدا من السلطات البحرينية، وصاحب الدعوة سيئة الصيت، لمنع اقامة مراسم عاشوراء و ازالة معالم عاشوراء من الشوارع، في بلدا يشكل الشيعة فيه اكثر من 80 بالمائة من سكانه!!!!.

يكفي مرورا سريعا لأي تصريح او خطاب للمدعو السعيدي حتى يقف القارىء على اهم اسباب الظلم الذي يمارس على اتباع اهل البيت عليهم السلام في البحرين، وعلى اسباب انغلاق افق أي تسوية سلمية للأزمة السياسية والاجتماعية التي تمر بها البحرين منذ عقود، فالرجل يتحدث عن المسلمين الشيعة في بلاده وكأنه يتحدث عن شعب اخر، فلا يراعي اي خطوط حمراء، اسلامية واخلاقية وانسانية، ولا يشعر بأي مسؤولية ازاء المجتمع البحريني، الذي جعلت السلطات هناك، مدعومة من الوهابية وعلماء السوء والبلاطات في البلدان العربي، ثورة الشعب البحريني، “حراك طائفي مدعوم من ايران”.

قبل ايام اجرت “سي ان ان ” لقاء مع السعيدي هذا، كشف فيه عن “رؤيته” لكيفية “حل” الأزمات التي تواجهها المنطقة، وابعاد شبح الصراعات والفتن عن المنطقة وشعوبها، فما كان منه الا يعيد خطابه الطائفي البغيض، والبعيد كل البعد عن روح الاسلام، وعن القيم الانسانية.

السعيدي وصف ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز بأنه “أمير المؤمنين”، لأنه يقود “التحالف العربي” في الحرب على ما اسماه “الجمهورية المجوسية”، داعيا إلى “قطف رؤوس” الشعب البحريني الذي يتظاهر ضد مليكه حمد واتباع اهل البيت (ع) في السعودية، لأنهم “عملاء ايران”، مهددا الشعب اللبناني بالتجويع والمحاصرة لأنه لا يخرج ضد حزب الله، معترفا بأن “السعودية تعطي رسائل، لبنان ليس فقط حزب الله، هناك أحزاب كلها كانت ضد المملكة ولا تتفق مع المنهج السعودي .. هذه هي الرسالة للبنان وليست الأخيرة، بل يوجد رسائل بعدها وبعدها.. اخرجوا الى الشارع وقولوا أنكم لا تريدون حزب الله، حتى يتبين أنكم فعلا مع الحق ومع المملكة العربية السعودية”.

وتابع السعيدي بروح وهابية طاغية “الآن وقت الحزم، أنا أقول اليوم يجب أن نقطف رؤوس الموالين لإيران.. هم يريدون أن ينقلبوا على دول المنطقة ليحكموا فيها”.

افضل جواب على هذيان المدعو السعيدي عندما طالب بمنع مراسم عاشوراء في البحرين، كما طالب قبله كل الطغاة والمستبدين على طوال التاريخ، هو رد العلامة آية الله عيسى قاسم،: “لا تزال معركة كربلاء مستمرة ما بين الجانبين في الوقت الحاضر وفي المستقبل. سيظل الناس منقسمين إما في مخيم الحسين أو في مخيم يزيد. لذا يتوجب على الناس اختيار المخيم الخاص بهم”.

اخيرا ندعو القارىء اللبيب الى ان يتخيل كيف سيكون عليه حال البحرين والدول العربية والاسلامية والمنطقة، لو كان لهذا المدعو السعيدي واشباهه، سلطة حقيقية على خلق الله؟، وهل هناك من فرق اصلا بين العقيدة الفاسدة الذي يحملها السعيدي، والعقيدة التي يحملها خليفة “داعش”؟، وهل يختلف امثال السعيدي مع “الدواعش” فيما يقترفوه من جرائم بحق العرب والمسلمين؟، اليست جرائم “داعش” والقاعدة هي تجسيد عملي لأفكار السعيدي وامثاله؟.. صدق ما قاله العلامة عيسى قاسم .

• هاشم مرادخان - شفقنا

2-208