بالفيديو.. حفل غنائي مختلط يجدّد أوجاع "المطاوعة" في السعودية

الأحد ٢٢ مايو ٢٠١٦ - ٠٣:٤٧ بتوقيت غرينتش

تشهد السعودية تغيّرات جذرية على صعيد البنية الاجتماعية هذه الأيام، ويبدو أن أوجاع "المطاوعة" والتيار المحافظ ستتجد كلما رصدوا حدثاً هنا وآخراً هناك، لكن الأكيد أن “الرؤية” التي تحملها السلطة السعودية الشابّة، تريد ترويج ذلك الطابع “الانفتاحي”، حتى ولو على حساب المظاهر الدينية التي حكمت البلاد لأكثر من 80 عاماً.

خطواتٌ مُتسارعة نحو التغيير والإصلاح، تحاول الحكومة السعودية إظهارها للخشية من مجهول قادم أو بحسن نيّة، وبحسب بعض المختصين في الشأن السعودي، فإن ذلك التغيير ربما يأتي في أعقاب تبدّل المزاج الأميركي نحو المملكة، ذلك المزاج الذي قرّر مُعاقبتها على مسؤوليتها المُباشرة عن ظهور الإسلام المتطرف، وإقرار الولايات المتحدة الأمريكية على نحوٍ مفاجئ، وبالإجماع لتشريع يسمح لذوي ضحايا 11 سبتمبر مقاضاتها، نتيجة إمعان بعض أمرائها في دعم وتمويل الحركات المتطرفة التي خرجت اليوم عن سيطرة الجميع بمن فيهم السعودية وأميركا ذاتها.

بلاد الحرمين تنزع عباءة التطرف، وتستبدلها بعباءة انفتاح، قد تبدو للمجتمع المحلي المحافظ عباءة فاضحة، ومُتطرّفة أيضاً بالنسبة لمعتقداتهم، وهويتهم الدينية، حفل مختلط في محافظة الطائف، الحضور مجموعة من طلاب الطب الخريجين للاحتفال بتخرّجهم، قد يبدو الأمر اعتيادياً لو كنّا خارج أسوار المملكة، لكن في هذه البلاد الاختلاط بين الجنسين مُحرّم حتى في العمل، فكيف بحفل “ماجن” بحسب توصيفهم يكشف عورات النساء على الرجال في برج الطائف، لا ويُرافقه رقصٌ وغناء، إنها الطّامة الكبرى بحسب توصيف نشطاء إسلاميين، عبّروا عن امتعاضهم، وغضبهم من ذلك الحفل، الذي اعتبره بعضهم صورة من صور برنامج “التحول الوطني” الذي سيُضيّع الهوية الدينية المُحافظة للبلاد.

وليد الراجحي رجل أعمال عبر “هاشتاق”، “حفل مختلط في الطائف” على “تويتر”، قال انه لم ير أي اختلاط، والفتيات بلبس ساتر كما يحدث في الأماكن العامة، لكن الناشطة ياسمين العنزي خالفت الراجحي، وطالبت على الأقل بالستر، أما الصحفية التي تدعو نفسها بحرّة جداً أعادت نشر الفيديو، وعلقت قائلة “فيديو فاضح جداً”، إياد الزهراني اعتبر أن الحفل “إحماء” قبل الدخول بممنوعات الشهر الفضيل رمضان.

مجموعة حوادث غير مألوفة شهدتها السعودية كحفل الاختلاط، وقبله شبّان شبه عراة يتجولون على الواجهة البحرية، وغيرها الكثير، دفعت العديد من السعوديين إلى المُطالبة بعودة صلاحيات “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” (المطاوعة) التي انتزعتها السلطات مؤخراً، لأنها برأي الكثير تجنّب أعراضهم، وبلادهم الانفلات، والتسيب الأخلاقي، لكن من يحسبون على التيار الليبرالي “الخجول” في السّابق نوعاً ما يرون أنه حان الوقت، للانتقال إلى مرحلة “الرقابة الذاتية”، والشعوب المُتقدمة برأيهم ليست بحاجة إلى رقيب “منكر”، وشرطي “معروف”، هي بنفسها تحترم ذاتها، قبل أن تردعها القوانين، وتبحث لنفسها عن الأفضل.

السعودية بحسب مراقبين محليين، مُضطرّة لأن تخفض رأسها أمام عاصفة أميركية، وبالرغم أنها لطالما كانت الحليف الخليجي الأقرب لقلب سادة البيت الابيض، لكن عليها تقديم تنازلات كبيرة، قد تعصف بثبات جبهتها الداخلية، لن تبدأ بنزع نقاب إناثها، ولن تنته بقيادة نسائها، الأمور لن تُحل بتلك البساطة، هناك من يعتقد أن الأمر مجرد سذاجة، هناك من ارتكب ويرتكب حماقة، يؤكد مراقبون!

* “رأي اليوم”

3ـ 106