العرب وإيران الفرص الكبرى وآفاق الشراكة

العرب وإيران الفرص الكبرى وآفاق الشراكة
الأحد ٠٥ يونيو ٢٠١٦ - ٠٨:٢٦ بتوقيت غرينتش

انعقد في بيروت مؤخراً مؤتمر "العرب وإيران في مواجهة التحديات: الفرص وآفاق الشراكة"، بدعوة من "المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق" بالشراكة مع الجامعة اللبنانية وجريدة "السفير" ومؤسسات بحثية أخرى. المؤتمر شكل، في ظل احتدام المواجهة في المشهد الإقليمي، فرصة نادرة للحديث في العمق عن إمكانية الخروج من حالة انسداد الأفق التي تهيمن على الروابط بين معظم الدول العربية وإيران.

لقد نجح المؤتمر إلى حد كبير في إيجاد حراك نظري هادف ومختلف عما هو سائد في الأدبيات الرائجة على ضفاف الأزمات القائمة بين العرب والإيرانيين، كما نجح في خلق بيئة نخبوية تدفع باتجاه تحقيق ثلاثة أهداف (بحسب ما ورد في ورقة عمل المؤتمر) وهي:
ـ مناقشة سبل صياغة فهم مشترك للتحديات والمخاطر وتشخيص متقارب لأحوال الأمة وتحدياتها المشتركة.
ـ تحديد متبادل للأسئلة والإشكاليات ومناطق الالتباس والتساؤل في قضايا المنطقة والإقليم.
ـ تبني مقاربة مشتركة للقضايا المصيرية والمصالح والأهداف والغايات والرؤى التأسيسية التي يبنى عليها المستقبل الواحد والمصير المشترك للعرب والإيرانيين.
فعاليات المؤتمر التي استمرت على مدى ثلاثة أيام، بمشاركة باحثين وخبراء لبنانيين وعرب وإيرانيين، حرصت بشكل لافت على الخروج من حالة الاحتقان في الخطاب، والقفز فوق السرديات الاتهامية المعهودة، وبالتالي الانتقال المباشر إلى تشخيص الأزمات والتعقيدات بعقلية موضوعية وتوصيفية، وذلك مقدمة لوضع تصورات أولية على طريق إحداث خروقات، ولو نظرية، في جدار العلاقات بين الجانبين.
وإذ لم تخلُ مداخلات بعض الباحثين العرب من رؤية نقدية لإيران على خطابها الفوقي مع خصومها من الدول العربية، وعلى دورها في العراق، فضلاً عن نظرتها المفهومية للأمة العربية، فإن المداخلات الإيرانية حرصت على التحلي بلغة انفتاحية، وأجمعت على تقديم رؤية تصالحية تسعى إلى التقارب مع العرب، وتحديداً مع المملكة العربية السعودية بوصفها رأس المشروع العربي المناهض لإيران. ويمكن القول إن الرؤية الإيرانية تمحورت حول أن الصراع المحتدم بين طرفين بحجم إيران والسعودية، سيظل يراوح بين خياري المواجهة المفتوحة إلى ما لا نهاية، أو اللجوء إلى منطق التفاهمات والتسويات على قاعدة المصالح المشتركة.
هذا وذهبت مجمل المقاربات إلى تعويم عنصر المصالح المشتركة لإحداث التقارب بين الجانبين، في ظل اتساع هوة الاختلاف بينهما على مستوى المبادئ، التي باتت محكومة لمحددات عقائدية وعرقية ومذهبية. ذلك أن التموضع على أساس المبادئ يضع كل منهما في حالة متقدمة من التنافر والضدية والتباعد، في حين أن المصالح المشتركة - من قبيل الأمن الإقليمي والنفط والحرص على عدم اتساع رقعة الحرائق في المنطقة ـ من الممكن أن تشكل باعثاً على إخراج العلاقات بينهما من حالة القطيعة والصدام الى التسوية والتفاهم.
وإذ خلص المؤتمرون إلى نتيجة مفادها أن الأزمات القائمة بين إيران والعرب مزمنة ومستعصية، غير أنه لا بديل عن مواصلة الجهود في مختلف المجالات في سبيل دفع الجانبين إلى التلاقي على "الفرص الكبرى وآفاق الشراكة بما يسمح بمواجهة ناجعة للتهديدات الخطيرة التي تختزنها البيئة الإقليمية".

* حبيب فياض – السفير
205-4