الاردن.. فضيحة مدوية للمخابرات وبيع اسلحة للمعارضة السورية!

الاردن.. فضيحة مدوية للمخابرات وبيع اسلحة للمعارضة السورية!
الثلاثاء ٢٨ يونيو ٢٠١٦ - ٠٥:٥٤ بتوقيت غرينتش

ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز″ فجر اليوم عن تورط مسؤولين في المخابرات الاردنية في الاستيلاء على اسلحة ارسلتها وكالة المخابرات المركزية والمملكة السعودية، وبيعها في السوق السوداء، كان صادما بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، خاصة ان الصحيفة نفسها التي اجرت تحقيقات، وابحاث، ولقاءات مطولة، حول هذه المسألة، اكدت انها، اي الاسلحة، استخدمت في هجوم على معسكر تدريب للشرطة في عمان في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مما ادى الى مقتل متعهدين امريكيين وعدة ضباط اردنيين.

الفساد هو العنوان الابرز في هذا الاطار، ولكن خطورة هذا النوع منه، تكمن ليس في جانب التربح منه، وشراء الفاسدين سيارات دفع رباعي وهواتف ذكية فقط، وانما ايضا في وقوع الاسلحة في الايدي الخطأ، واستخدامها ضد الاهداف الخطأ.

لا نستبعد ان تكون الهجمات الارهابية التي استهدفت اهدافا عسكرية في الركبان الحدودية الاسبوع الماضي، وقبل اسبوعين في مخيم البقعة، وقتل فيهما العديد من الجنود، وعناصر المخابرات هي نتيجة مباشرة، او غير مباشرة، لهذا الفساد، مثلما لا نستبعد ان تكون بعض الاسلحة المستخدمة تم شراؤها من السوق السوداء، وربما تكون هي نفسها التي ارسلتها وكالة المخابرات المركزية الامريكية الى المعارضة السورية.

لعل الصدمة الكبرى تمثلت في السيارة المفخخة التي انفجرت في حاجز عسكري اردني يوم الثلاثاء الماضي، في منطقة الركبان الحدودية الاردنية القريبة، وجاءت من معسكر للاجئين السوريين على الجانب السوري من الحدود، واسفرت عن مقتل سبعة جنود وموظفي اغاثة، وتبين ان هذه السيارة كانت ضمن قافلة من سيارات الدفع الرباعي التي جرى تسليمها لفصائل في المعارضة السورية عبر الاردن، واعلنت “داعش” مسؤوليتها عن هذا الهجوم لاحقا.

نسبة كبيرة من الاسلحة وعمليات التدريب التي اشرفت عليها المخابرات الامريكية لعناصر في المعارضة السورية اعطت نتائج عكسية تماما، ومخيبة لآمال هذه المخابرات، والسلطات الامريكية نفسها، ويحضرنا في هذا المضمار انفاق حوالي 450 مليون دولار تقريبا على تدريب وتسليح قوات سورية خاصة لقتال “داعش” في معسكرات جرى اقامتها في تركيا، واتخذ قرار بحلها وتفكيكها لاحقا، بعد هروب معظم هذه القوات والتحاقها بفصائل اسلامية متشددة، مثل “جبهة النصرة” و”داعش” و”احرار الشام”.

الصحيفة الامريكية اكدت في تقريرها ان المخابرات الاردنية حققت في عملية الفساد هذه، واعتقلت جميع المتورطين فيها، وسجنت بعضهم، وافرجت عن البعض الآخر، مما يعني انها كانت على علم بشبكة الفساد هذه وعناصرها، والضباط الكبار الذين وفروا الغطاء للفاسدين المتورطين وعددهم بالعشرات، ولم تتردد في التعاطي معها بالشكل المطلوب مبكرا.

اكتشاف عناصر فاسدة في جهاز المخابرات الاردني ربما  لن يفاجيء الكثيرين في الاردن، اذا اعدنا التذكير بان اثنين من قادة هذا الجهاز، وهما الجنرال سميح البطيخي، وخلفه الجنرال محمد الذهبي، جرى اعتقالهما وادانتهما بتهم فساد وغسيل اموال، وحكم عليهما بالسجن لعدة اعوام، ويعتقد ان الجنرال الذهبي ما زال خلف القضبان.

السلطات الاردنية العليا التي حاكمت هذين الرجلين، وهما من اقوى مراكز القوى في الاردن، ضربت المثل في الشفافية، وبالتالي لن تسكت عن فضيحة بيع الاسلحة هذه، ولا نستبعد، بل نحن على ثقة في هذه الصحيفة “راي اليوم” بان تحقيقات واسعة ستأخذ مجراها لاجتثاث هذا الفساد من جذوره، خاصة انه اصاب المؤسسة الامنية الاقوى والاهم في الاردن، وعرض امن البلاد واستقرارها للخطر.

الاردن يواجه ظروفا اقتصادية صعبة حيث يتضخم الدين العام ويفوق الـ35 مليار دولار، وترتفع نسبة البطالة الى معدلات تفوق العشرة في المئة، ويعاني المواطنون من غلاء معيشة غير مسبوق بسبب ارتفاع الاسعار، ورفع الدعم عن السلع الاساسية، وآخر ما يريده هو وجود فاسدين في مؤسسته الامنية المنوط بها حفظ استقرار البلاد وامنها.

العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني اكد يوم الثلاثاء الماضي بانه سيضرب بيد من حديد في مواجهة الارهابيين بعد هجوم الركبان الاخير، اثناء اجتماع طارىء لقادة الجيش والحكومة والاجهزة الامنية ترأسه بنفسه، ومن المؤكد انه سيتعاطى، وبالحزم نفسه مع الفاسدين في جهاز المخابرات ايضا، واعادة هيكلتها على اسس جديدة تحول دون تكرار هذه الخطيئة الكبرى، ونحن نعلم في هذه الصحيفة “راي اليوم” انه امر بتشكيل محكمة عسكرية بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة بالتحقيق في هذه الجريمة قبل بضعة اسابيع، وانها ما زالت تواصل تحقيقاتها، واتخذت قرارات بإحالة العديدين من الضباط داخل الجهاز الى التقاعد، وسرحت آخرين، وما زالت تعتقل المتورطين بشكل مباشر.

“راي اليوم”

3