عام على الاتفاق النووي.. مشاحنات وطرائف ساهمت في إبرام الصفقة

عام على الاتفاق النووي.. مشاحنات وطرائف ساهمت في إبرام الصفقة
السبت ١٦ يوليو ٢٠١٦ - ٠٣:٠٩ بتوقيت غرينتش

توصلت إيران إلى اتفاق تاريخي مع الدول الست بخصوص برنامجها النووي، في يوم 14 يوليو/ تموز 2015، جاء بعد عشرين جولة من المفاوضات على مدار أكثر من عقد.

وبعد مرور عام على الاتفاق النووي، تحدثت خدمة اللغة الفارسية في "بي بي سي" إلى عدد ممن كانوا وراء تحقيق هذا الاتفاق.

وتقول كبيرة المفاوضين الأمريكيين، ويندي شيرمان، إنها تذكر إحدى لحظات الإحباط في المراحل الأخيرة من المحادثات.. "وعندما تحدثت إلى زوجي، وأنا منهكة، كنت أتساءل إذا ما كنت سأصل إلى نهاية مرضية، عندها قال زوجي: تذكري أنكِ تشاركين في صناعة التاريخ.. ما تحاولون فعله هو جعل العالم مكانا أكثر أمانا".

ويقول كبير المفاوضين الفرنسيين، نيكولا دي ريفيير: إن "الرئيس روحاني وشعبه أرادا التوصل إلى حلول مع الغرب، والتخلص من الحظر، والسماح لإيران بالعودة إلى السوق العالمية، وأن يكون للشعب مستقبل أفضل".

وأضاف الدبلوماسي الأمريكي، ريتشارد نيفيو: "كان الدبلوماسيون الإيرانيون على المستوى المهني المتوقع.. كانوا يتفاوضون مع الأطراف ويحاولون التوصل إلى حل به نفس قدر الفائدة لكل الأطراف".

وكان أحد أهم أعضاء فريق المفاوضين الإيرانيين الجديد هو وزير الخارجية، محمد جواد ظريف.. وهو مستخدم جيد لمواقع التواصل الاجتماعي.

وسريعا ما كتب في تغريدة عبر تويتر عن تحقيق إنجاز في الجولة الأولى من المفاوضات مع فريق المفاوضين الجديد في العاصمة السويسرية جنيف، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، بعد خمسة أشهر فقط من بداية الفترة الرئاسية لروحاني.

ولكن ثمة مشكلة تبدو الأكثر تعقيدا، وهي كيفية احتواء رغبة ايران في تطوير برنامجها النووي، بشكل يهدئ المخاوف الدولية بشأن إمكانية استخدام هذا البرنامج لتطوير أسلحة.

"مشاركة في الخبز"

وسمح الاتفاق المبدئي في جنيف بفتح الطريق أمام المزيد من جولات المفاوضات خلال السنتين التاليتين في كل من العاصمة النمساوية فيينا، ومدينة لوزان في سويسرا.

لكن المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، بتاريخهما الطويل من الصراعات، لم تكن مهمة سهلة.

وبحسب كبير المفاوضين الألمان، هانز ديتير لوكاس، فإن "تكوين علاقة عمل جيدة وثقة استغرق بعض الوقت.. احتجنا إلى الجلوس معا على مدار ساعات والتحدث بطريقة جادة.. من الهام جدا أن يضع كل منا نفسه محل الآخر".

وكان لوزارة الخارجية السويسرية دور مركزي في استضافة العديد من جولات المفاوضات، ووضع قواعد تساعد في توطيد العلاقات بين كل الأطراف.

ويقول الدبلوماسي السويسري، وولفغانغ أماديوس برولهارت: إنه "في كل مرة يصل فيها وزير، كنت أنا ورئيس المراسم في جنيف في انتظاره في المطار. وكان وزير الخارجية يرحب بهم بخطاب شخصي وبعض الشوكولاتة السويسرية".

وكان للطعام دور في التقريب بين فرق المفاوضين.. وفي فيينا، دعا الإيرانيون الأمريكيين للطعام في الفندق الذي كانوا يقيمون فيه.

وتقول شيرمان: "طبقي المفضل كان الدجاج الإيراني بالفستق.. كنا نتشارك الخبز معا، وهي طريقة مفيدة في بناء العلاقات التي نحتاجها عندما نكون في مفاوضات صعبة".

والصعوبة هي الوصف المناسب مع تحول المفاوضات إلى مناقشة تعقيدات البرنامج النووي الإيراني، وسياسات رفع الحظر وحظر الأسلحة.

ويقول هانز ديتير لوكاس: "تداخلت كل الخيوط؛ الأمور التقنية المعقدة، وكذلك إطار العمل السياسي، مما زاد من صعوبة الأمور".

ومع تحقيق بعض التقدم، اكتشف المفاوضون أن الشيطان يكمن في التفاصيل.. ويقول نيكولا دي ريفيير إن التفاصيل "شملت أجهزة الطرد، والمخزون الاحتياطي، ورؤوس التحكم.. كنا بحاجة إلى خبراء بسرعة كبيرة".

"فيلم هوليوودي"

كما كانت المفاوضات تحدٍ لوجستي لمديري الفنادق التي تستضيف فرق المفاوضين.

ويقول فرانسوا دوسارت، مدير فندق بوريفاج في لوزان: إنه يتذكر استقبال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري "بكمية الحراسة والسيارات التي وصلت، شعرت وكأني أشارك في أحد أفلام هوليوود".

وعادة ما استمرت المفاوضات لما بعد موعدها، واضطرت الفنادق لإلغاء حجوزات.. وقضت فرق المفاوضين ليالٍ طويلة في غرفه وهم يعملون على أدق التفاصيل ويتناولون البيتزا.

ومع غياب الأخبار المتاحة عن تفاصيل المفاوضات، كانت البيتزا إحدى النقاط التي استرعت انتباه الصحفيين.

ويقول ريتشارد نيفيو: "إعلان كل تحركاتنا على تويتر زاد من صعوبة الأمر.. كانت زوجتي دائما ما ترسل إلىّ بريد إلكتروني تتساءل عن سبب تناولي البيتزا في ليلة الجمعة بدلا من العودة إلى المنزل".

وقربت ساعات المفاوضات بين المفاوضين.. وتذكر شيرمان اكتشاف أمور مشتركة مع كبير المفاوضين الإيرانيين، عباس عراقجي: "إذ رُزقنا بأحفاد في نفس الوقت، فتبادلنا مقاطع فيديو لأحفادنا. لكن ذلك لم يغير من تشبث كل منا بموقفه في المفاوضات".

"لا تهددي إيرانيا أبدا"

لكن حدة الخلافات كانت تتصاعد في بعض الأحيان.

وتقول هيلغا شميد، نائبة فيدريكا موغيريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: إن موغيريني "كانت ترأس جولة مفاوضات مع الوزراء في المرحلة النهائية.. وخاضت جدلا كبيرا مع وزير الخارجية الإيراني، وقال لها: "لا تهددي إيرانيا أبدا"

وفي غياب أية أخبار أخرى، انتشرت جملة وزير الخارجية الإيراني حتى أصبحت هاشتاغ على موقع تويتر.

وبعد 17 يوم من المحادثات في فيينا، تضمنت ثلاث فترات تمديد، توصل المفاوضون إلى اتفاق نهائي في وقت متأخر من ليل يوم الثالث عشر من يوليو/ تموز.

ويقول أمير بايفار، من خدمة بي بي سي باللغة الفارسية: "وقبل منتصف الليل، نشر عباس عراقجي صورة على موقع انستغرام، وكنت شبه متأكد من التوصل لاتفاق.. وظهرت في الصورة يد القائد الأعلى وهو يوقع وثيقة ما.. لم تكن الصورة مصحوبة بأية تعليقات، لكننا فهمنا معناها".

وتقول شميد: "تأكدت من إبرام الاتفاق في الساعة الثالثة من صباح يوم الرابع عشر من يوليو/ تموز. وكان هذا هو الوقت الذي انتهينا فيه من كتابة النصوص.. كان الأمر مثيرا بشدة لدرجة أنني لم أستطع القول بأني كنت سعيدة.. شعرت فقط بالراحة لأننا انتهينا".

وعند إعلان الاتفاق، تحدث كل المفاوضين في مؤتمر صحفي خالٍ تماما من أية مشاعر.

وبالنسبة لشيرمان، كانت اللحظة الفارقة هي عندما تحدث كيري عن تجربته في حرب فيتنام: "إذ عاد إلى البلاد من هذه الحرب، وقطع على نفسه عهدا بعدم تكرار أية حرب مرة أخرى، وكان هذا هو الأمر الأهم بالنسبة له في المفاوضات".

وتابعت شيرمان: "كانت الغرفة شديدة السكون.. وعم الهدوء، ثم هلل الجميع فجأة، بما في ذلك الإيرانيون، لأننا أدركنا أن ما أنجزناه يخدم السلم، وليس الحرب".

المصدر: بي بي سي عربي

114-3