الف مبروك لليمنيين مجلسكم السياسي الاعلى!

الف مبروك لليمنيين مجلسكم السياسي الاعلى!
الجمعة ٢٩ يوليو ٢٠١٦ - ١١:٢٩ بتوقيت غرينتش

ربما كان يراهن التحالف السعودي على ضعف ما، في التحالف بين انصار الله والمؤتمر الشعبي العام في اليمن برئاسة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، يمنع من ان يقوم الطرفان بخطوة جبارة وعظيمة، كانشاء ادارة مستقلة ذات سيادة في البلاد بدون تدخل خارجي.

هذا الرهان يدل على ضعف الفهم الاستراتيجي لقوى التحالف المعادي ومن خلفها.. فايصال وفد صنعاء الوطني الى الكويت، (الممثل لانصارالله والمؤتمر وحلفائهما)، الى اخر نفق مسدود في المفاوضات، من خلال محاولة فرض اجندة وشروط استسلام عليه، لم تترك له ولمن خلفه، خيارا الا التوجه لاعتماد خيار الشعب في انشاء هذا المجلس وايجاد المخرج الافضل لانقاذ البلاد مما هي فيه ومواجهة العدوان والتحديات الاقتصادية والتنموية التي يعانيها، بفعل الحصار والعقوبات الدولية الجائرة المفروضة عليه. ما يعني ان الصبر الاسترايتجي السياسي لليمنيين قد نفد.

ايضا اخطأ التحالف المعادي لليمن حين اعتقد ان الجيش واللجان الشعبية هما في موقف ضعف ميداني وبالتالي يمكن ان يفرض عليهم ما يريد، لانهم، بحسب اعتقاده، عاجزون عن اتخاذ قرارات استراتيجية بحجم انشاء هذا المجلس او غيره من الخطوات التنفيذية التي من شأنها اخراج البلاد من اتون النار الذي ادخلتها السعودية وحلفاؤها به.

ما يمكن استخلاصه من انشاء المجلس السياسي الاعلى لليمن:

1) ان الجبهة الداخلية وتحالفاتها الوطنية اثبتت انها بعد نحو سنة ونصف السنة من العدوان، اقوى وامتن في مواجهة التحديات، وان الرهان على تفتيت الوحدة  الوطنية وهْم وتمنيات لا اكثر.

2) اثبت تحالف انصارالله والمؤتمر الشعبي وحلفاؤه، انه الاحرص على مصالح اليمنيين، وليس من يدعي انه رئيسهم، ويحاول ان يعود السلطة على جماجم اليمنيين وابادة بعضهم والتجزير بالاخر، كما حصل مؤخرا في الصراري في تعز.

3) ان مفاوضات الكويت وغيرها، اصبحت امرا ثانويا لدى القادة الوطنيين في اليمن، ورغم ذلك فان القادة، عادوا واكدوا انه في حال التوصل الى حل للازمة في المفاوضات فانهم على استعداد لاشراك جميع المكونات اليمنية في ادارة البلاد، ولكن ليس وفق الشروط الخارجية بل وفق شروط يمنية - يمنية بحتة لا يحق للسعودية او غيرها ان تتدخل فيها.

المجلس السياسي هو نعي مع وقف التنفيذ للمفاوضات، فان تخلى الطرف الاخر عن مكابراته،  وعرف حجمه  الميداني والسياسي في اليمن فان المفاوضات يمكن ان تنتج حلا عادلا للازمة، والا فان على السعودية (الغارقة في مستنقع اليمن ولن تخرج منه الا مهزومة)، ان تبحث عن مخرج يحفظ لها ماء وجه الهزيمة، وقد اعلن وزير الخارجية العماني في مقابلة مع قناة روسيا اليوم أنه “من غير المقبول أن تقوم دولة عربية بتوريط نفسها في مشاكل وأزمات ثم تطلب المساعدة لإخراجها من أزمتها”، مضيفا: “في بداية الأزمات يجد الكل نفسه هو الأقوى والأصدق والقادر على حسم القضية، وبالتالي من الصعب إقناعه بالعدول عما هو عليه".. وما يفهم من ذلك يوضوح ان المقصود بهذا القول هي السعودية، المعلومات تحدثت كثيرا عن استنجاد السعودية بالسلطنة وعبرها بايران من اجل ايجاد مخرج لها يحفظ ماء الوجه، لا سيما بعد ان تخلى الحلفاء والمرتزقة عن آل سعود.

لم يات تشكيل المجلس الا بعد ان استنفدت القوى الوطنية  السبل الممكنة  للحل، وايقنت ان وفد الرياض يناور على عامل الوقت بانتظار نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية، وبالتالي ليس لديه رغبة في السلام والاتفاق على حل، مع الاشارة الى ان وفد الرياض مملوك من السعودية وغير مالك لقراره.

4) لم يأت المجلس الاعلى بعد ان آيس الوطنيون اليمنيون من المجتمع الدولي الذي لم يقف معهم في محتنهم وازمتهم، بل وقف ضدهم متفرجا على الجرائم السعودية المرتكبة بحقهم، لا بل برأ الرياض من انتهاكات حقوق الاطفال واسقطها من لائحته الخاص بالانتهاكات بذريعة الضغوط...!!!.

5) ان صناع القرار الوطني اليمني لو لم يكونوا متأكدين من وقوف الغالبية العظمى من الشعب الى جانبهم في هذه الخطوة العملاقة والاستراتيجية لما اقدموا عليها، وتأكيدا لهذا الموقف نعود ونذّكر باقتراحنا السابقة باجراء استنفتاء في اليمن على شرعية من دعي الشرعية، لتظهرالحقائق بشكل واضح.

6) ان الاعلان عن تشكيل المجلس السياسي الاعلى جاء اثر ابادة ومجزرة الصراري في تعز، وان كان التحضير للمجلس لم يأت ارتجاليا بعد المجرزة، الا انه رسالة واضحة للتكفيريين الوهابيين السعوديين وغيرهم، بان اليمن السعيد لن يقبل بمستقبل اسود تتحكم به هذه القوى الظلامية ونموذجها في عدن والمكلا وحضرموت في اليمن والرقة في سوريا والموصل في العراق.. ( لنا في هذا المضمار مقال كتبناه امس بعنوان "الصراري: نموذج مستقبل اليمن السعودي" على موقع قناة العالم لمن يرغب بقراءته).

اخيرا.. في مقابل ما سبق على المجلس السياسي الاعلى ان يتوخى الدقة في العمل، واختيار الاكفاء اصحاب الاكف البيضاء لرعاية شؤون اليمنيين، والاّ فان هذا الاجماع الشعبي الكبير حول المجلس والفرحة العارمة به والتأييد شبه المطلق له، سوف يتصدع.. وعليكم اخذ العبر مما يجري في البلدان المجارة.  

* حكم امهز

210