كفريا والفوعة حسم مع وقف التنفيذ

كفريا والفوعة حسم مع وقف التنفيذ
الأحد ١١ سبتمبر ٢٠١٦ - ٠٣:٤٤ بتوقيت غرينتش

خمس سنوات من الحصار والقصف ومحاولات الهجوم للسيطرة والإبادة هي أقل كوابيس السكان الثلاثين ألفاً المحاصرين في الفوعا وكفريّا، المجاورتين لبنش " التكفيرية التوجّه، بعد سيطرة النصرة الإرهابية عليها منذ العام 2012" ..في الفوعة يذكر مراسل وكالة اسيا المحلي كيف أن العيون غائرة.. والوجوه شاحبة..وبقايا المنازل تتحدث.

عندما تتجوّل في "الفوعة وكفريّا" تشعر بالموت يتربص بك في كل زاوية، هي شبه حياة يعيشها أهالي البلدتين المحاصرتين، وفي الوقت الذي ينتظرون فيه أي بصيص أمل يخلصهم من المعاناة، كانت تصل إليهم عبر الهاتف أخبار عائلات المسلحين في داريا والمعضمية وحي الوعر يخرجون إلى أماكن آمنة تحت رعاية الحكومة السورية وتقدم لهم الخدمات، أو يتجهون إلى إدلب آمنين مع أسلحتهم، في حين أن كفريّا والفوعة" المحسوبتين في صف الدولة السورية تموتان ببطء خارج كل التسويات. الناس هناك جائعون بحق، ولا إمكانية لإطعامهم سوى مرة واحدة في النهار إن وجدت بعض الحبوب أو الأعشاب، وبأحسن الحالات معونات الخبز التي ترميها الطائرات بين كل حين وحين.
تقع بلدتا كفريا والفوعة في ريف محافظة إدلب الشمالي، وفي الوسط بين بلدات تفتناز ومعرة مصرين وبنش، اللاتي كن مصدراً لإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون وعمليات القنص منذ نهاية عام 2011 لكن الحصار الكلي لكفريا والفوعة بدأ في 25/3/2015 عندما تمكنت فصائل "جيش الفتح" من السيطرة على مدينة إدلب بالكامل، أما مبرر الحصار فهو أن المناطق المحاذية لهما يعتبرونهما مواليتان للدولة السورية ويدعون لإبادتهم جميعاً بتهمة "الكفر والشرك".

قطع الحصار المصدر الوحيد الذي كان يمد كفريا والفوعة بأبسط مقومات الحياة، وباتت البلدتان بلا غذاء أو دواء أو محروقات، أما الكهرباء فلم يرها الأهالي منذ ثلاثة سنوات. لم يعد القصف اليومي على البلدتين شيئاً غريباً، والأيام التي يسقط فيها 1600 قذيفة هي أيام عادية، فقد وصل عددها في أحد الأيام إلى 3200 قذيفة وصاروخ وجرة غاز وصواريخ ثقيلة يطلقون عليها اسم "الفيل"، فأينما خسر الإرهاب شيئاً على امتداد سورية كان الانتقام دائماً من نصيب "كفريا والفوعة
أصبح الحديث عن السكان مجرد أرقام تزداد كل يوم، فقد بلغت حصيلة الحرب حتى الآن أكثر من 2200 قتيل بينهم 400 طفل و850 امرأة، إضافة إلى 4500 جريح معظمهم عاجزون كلياً بسبب النقص الحاد في وسائل الإسعاف والكوادر الطبية، وحوالي 300 مفقود ومخطوف لا يعرف مصيرهم، كما بلغت حالات الموت بيت حديثي الولادة 17 حالة في الشهور الأخيرة و100 حالة نقص نمو مع انعدام اللقاحات وحليب الأطفال والحاجات الضرورية، أما ما تبقى من السكان فجميعهم يعانون من فقر الدم إلى جانب أمراض أخرى
أن تعيش في كفريا والفوعة يعني أن مجرد فكرة الحصول على ماء للشرب هي مهمة شاقة وعبء اقتصادي على كل شخص حيث تستهدف القذائف الصاروخية خزانات مياه البلدتين بشكل مباشر ممنهج، فبلغ سعر المتر المكعب من الماء 20 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 35 دولار أمريكي، وسعر رغيف الخبز 200 ليرة سورية أما الخضار والفواكه فمعدومة، وإن وجدت نادراً فهي غالية جداً، ومصدر الطاقة الوحيد هو الحطب للتدفئة ولإعداد الطعام

ألفت طرقات "كفريا والفوعة" أقدام الأطفال الحافية، فعمر ثيابهم بات أقدم من عمر الحرب، أما الجديد الوحيد لديهم فهو مختلف أنواع الأوبئة من قمل وجرب وسرطانات جلد تتفاقم كل يوم دون وجود إمكانية لعلاجها
أثناء اتفاق داريا الشهر الماضي كثر الحديث عن ضغوطات إقليمية تهدف إلى تفريغ كفريا والفوعة ونقل الأهالي إلى مدينة داريا لتصبح محافظة إدلب كلها تحت سيطرة جيش الفتح، لذلك جاء تصعيد القصف على البلدتين بهدف زيادة الضغط على الجيش السوري الذي رفض هذا الاتفاق كون محافظة إدلب ستكون وجهة معركته المقبلة بعد حلب

الاتفاق الوحيد الذي كانتا كفريا والفوعة طرفاً فيه هو اتفاق"الزبداني_ الفوعة وكفريا" في أيلول 2015 والذي بدأ بخروج المسلحين وعائلاتهم من الزبداني عبر مطار بيروت إلى تركيا مقابل خروج حوالي 300 مدني وجريح من الفوعة عبر تركيا وبيروت إلى دمشق، لكن لم تستمر تلك الهدنة وظلت باقي بنود الاتفاق خارج حيز التنفيذ
اليوم ورغم كل ما يعانيه أهالي كفريا والفوعة إلا أن الصمود كان موقفاً قرروا أن يخوضوه حتى الرمق الأخير، وذلك ما يدفعهم الآن إلى الاستغراب من وسائل الإعلام المحلية والعالمية الذين يتجاهلون معاناتهم، ويبقى السؤال معلقاً بذهنهم بلا جواب : إلى متى كفريا والفوعة خارج حسابات الحسم أو الاتفاق؟؟

*لجين حجلي ــ آسيا نيوز

4

تصنيف :