الجماعات السلفية والعلاقة العضوية بـ"إسرائيل"

الجماعات السلفية والعلاقة العضوية بـ
الجمعة ١٦ سبتمبر ٢٠١٦ - ٠٨:٤٢ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي يحبس العالم انفاسه وهو يراقب سريان مفعول الهدنة التي فرضتها القوتان العظيمتان امريكا وروسيا على المتحاربين في سوريا، حيث تخضع جميع الجبهات الى مراقبة صارمة، فاذا بطائرات مقاتلة “اسرائيلية” تغير على مواقع عسكرية للجيش السوري في ريف القنيطرة، بذريعة سقوط قديفة او قذيفتين مجهولة المصدر على الجانب المحتل من الجولان.

رغم ان هذا السلوك “الاسرائيلي” يكشف عن حقيقة ان “اسرائيل”  كيان يختلف عن اي كيان او بلد في العالم، فهي ترى نفسها فوق اي قانون، ولا تقيم وزنا لاي اعراف دولية، ولايردعها لا خطوط حمراء ولا صفراء، وتضرب متى تشاء بعرض الحائط بالامم المتحدة ومجلس الامن، وبكل المحافل الدولية، وليس في قاموسها معنى للقيم الانسانية او الاخلاقية، الا اننا وفي هذه السطور سوف لن نتناول هذا الموضوع اكثر من ذلك، وسنركز على الاسباب التي جعلت “اسرائيل” تتصرف بهذا الشكل الذي شذ عن كل الجهات الفاعلة في سوريا، وعرض الهدنة التي ترعاها حليفتها الكبرى في سورية للخطر.

يرى العديد من المراقبين ان العدوان العسكري “الاسرائيلي” ضد الجيش السوري، لم يكن الاول ولن يكون الاخير، مادامت ميزان القوى في الحرب المفروضة على سورية تميل لصالح الجيش السوري و محور المقاومة، وقد تأكد هذا الامر اكثر من مرة، كلما وجه الجيش السوري والقوات المتحالفة معه ضربات قوية للمجاميع التكفيرية في سورية، تتدخل “اسرائيل” على الفور عسكريا وبشكل مباشر لرفع معنويات هذه المجاميع التكفيرية، ويبدو ان الانتصارات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في اكثر من جبهة في سورية، والهزيمة المرة التي لحقت بالجماعات التكفيرية، والهدنة التي قبلتها هذه المجامع على الأرض، كلها عوامل اثارت حفيظة “اسرائيل” الراعي الاول لهذه الجماعات في جنوب سوريا وخاصة في الجولان، وفي مقدمة هؤلاء فرع القاعدة الرسمي في سوريا “جبهة النصرة”.

العدوان “الاسرائيلي”، جاء لتعكير ماء الهدنة، ورفع معنويات التكفيريين المنهارة، وظهر ذلك جليا من التغطية الخبرية لبعض الفضائيات الخليجية المعروفة، حيث تناولت خبر العدوان “الاسرائيلي” على الجيش السوري، بفرح عارم، ونقلت تصريحات قادة “المعارضة” السورية وهم يستبشرون خيرا بالتدخل “الاسرائيلي” لصالح “الثورة السورية”، في مشهد يعكس الحالة المزرية والبائسة التي تعيشها هذه “المعارضة”.

الملفت ان “اسرائيل” اعلنت ان القذائف التي تسقط في الاراضي السورية المحتلة، مجهولة المصدر، اي من غير الواضح من هي الجهة التي اطلقتها، الجيش السوري ام الجماعات التكفيرية، الا ان “اسرائيل” لم تقدم ولا حتى مرة واحدة على قصف الجماعات التكفيرية التي تتواجد في  مناطق ملاصقة جغرافيا بمواقع قوات الاحتلال الصهيوني، بينما قامت وفي اكثر من مرة بقصف الجيش السوري، الامر الذي يعكس حجم تورط “اسرائيل” في الحرب المفروضة على سورية.

“اسرائيل” لم تقصف مواقع التكفيريين ولا مرة واحدة خلال الاعوام الخمس الماضية فحسب، بل كانت العمق الاستراتيجي لهذه الجماعات، ففي الوقت الذي كانت فيه الطائرات “الاسرائيلية ” تقصف القنيطرة، ذكرت وسائل اعلام “اسرائيلية” ان قادة “اسرائيل” قرروا تعزيز علاج جرحى الجماعات التكفيرية السلفية في سورية واغلبهم من القاعدة في المستشفيات “الإسرائيلية”، وانهم قرروا نقلهم عبر حافلات من الحدود بشكل ثابت يومياً إلى مستشفى زيف في صفد، ومن ثم إعادتهم بعد تلقيهم العلاج الى الاراضي السورية.

وسائل اعلام “اسرائيلية” كشفت حجم القلق الذي تستشعره “اسرائيل” من هزيمة الجماعات التكفيرية السلفية في سوريا، ونقلت عن اللواء في الاحتياط “الإسرائيلي” عاموس يدلين رئيس «مركز أبحاث الامن القومي» والرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية قوله : «إن مصلحة إسرائيل تكمن في: تدمير المحور الشيعي في سوريا وإبقاء إيران و «حزب الله» ضعيفين، ونريد ان تكون سوريا سنية علمانية لان غير ذلك يعني استقدام أسوء عدو لنا من مسافة 1500 كيلومتر الى مسافة صفر على حدود الجولان»، هذه التصريحات “الاسرائيلية” بالاضافة الى العدوان “الاسرائيلي” المباشر على سوريا، كلها تكشف العلاقة العضوية التي تربط الجماعات السلفية بـ”اسرائيل”.

الرد القوي للجيش السوري على العدوان “الاسرائيلي” الاخير والمتمثل بإطلاق ثلاثة صواريخ من طراز “سام 200″ على الطائرات “الاسرائيلية” واسقاط اثنتين منها، افشل كل المخططات “الاسرائيلية”، الرامية لرفع معنويات التكفيريين المنهارة، واكد ايضا على وجود ارادة لدى القيادة السورية، بدعم قوي من محور المقاومة،  للتصدي مباشرة لـ”اسرائيل”، الجهة التي كانت تختفي كل هذه الفترة وراء الجماعات التكفيرية.

* شفقنا

2-210