ناهض حتر .. من هو ولماذا قُتل وماهي رسالة القتلة؟

ناهض حتر .. من هو ولماذا قُتل وماهي رسالة القتلة؟
الإثنين ٢٦ سبتمبر ٢٠١٦ - ٠٨:١٥ بتوقيت غرينتش

اطلق مسلح عدة رصاصات اخترقت رأس الكاتب والصحفي والناشط السياسي الاردني ناهض حتر، وهو يهم بالدخول الى قصرالعدل وسط عمان صباح يوم الاحد 25 ايلول / سبتمبر، لحضور جلسة لدى المحكمة، ونقل على الفور الى المستشفى وما لبث ان فارق الحياة، وتمكن بعض الاشخاص المتواجدين بالقرب من حتر من السيطرة على القاتل وتسليمه الى قوات الامن.

السلطات الأردنية كانت قد أفرجت عن حتر، في 8 أيلول الحالي مقابل كفالة مالية بعد نحو شهر على توقيفه في 13 آب بعد نشره رسما كاريكاتيريا عبر صفحته على موقع التّواصل الاجتماعي “فايسبوك” اعتُبر “مسيئا للذات الإلهية”. وكان رئيس الوزراء هاني الملقي طلب من وزير الداخلية سلامة حماد استدعاء حتر واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.

والرسم الكاريكاتيري الذي أحدث حالة من الغضب كان بعنوان “رب الدواعش”. لكن حتر حذف المنشور من صفحته بعد أن أكد أن الرسم يسخر من الإرهابيين وتصورهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية لا من قريب ولا من بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروجه الإرهابيون.

وقال، قبل أن يغلق صفحته الشخصية، إن الذين غضبوا من هذا الرسم نوعان: أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي، وهؤلاء موضع احترامي وتقديري، والنوع الثاني “إخونج داعشيون يحملون الخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون.

شهود عيان اكدوا ان الفاعل، بدت عليه مظاهر التشدد من اطلاق اللحية وارتداء ثوب قصير، وقالت الأجهزة الأمنية أن القاتل هو امام جامع سابق في حي الزغاتيت بمنطقة الهاشمي الشمالي يدعى رياض اسماعيل احمد عبدالله، وغادر الأردن وعاد لها مؤخراً.

كان حتر كاتبا وصحافيا يساريا خريج الجامعة الأردنيّة، قسم علم الاجتماع والفلسفة، وحاصلٌ على ماجستر فلسفة في الفكر السلفي المعاصر. سجن لمرات عدة في الأعوام 1977 و1979 و1996. وبعد تعرضه لمحاولة اغتيال في العام 1998، غادر حتر الأردن ليقيم في لبنان، ليعودَ بعدها إلى بلده الأم.

له مؤلفات عدة، أبرزها: “في نقد الليبرالية الجديدة، الليبرالية ضد الديموقراطية”، “وقائع الصراع الاجتماعي في الأردن في التّسعينيات”، “المقاومة اللبنانية تقرع أبواب التّاريخ”، “الملك حسين بقلم يساري أردني”، “العراق ومأزق المشروع الإمبراطوري الأميركي”.

هذه كانت كل المعلومات التي تناولتها وكالات الانباء والمواقع الخبرية عن جريمة اغتيال الكاتب والصحفي الاردني ناهض حتر، الا ان من الصعب الاقتناع بما قيل عن ان السبب  وراء جريمة القتل هو الرسم الكاريكاتيري الذي يسييء لمقدسات المسلمين، فمن الواضح ان الرسم لم يحمل اي اشارة يمكن فهمها على انها اساءة الى “الذات الالهية” او الدين الاسلامي، بل على العكس تماما، كما قال حتر، ان الرسم  كان تنزيها للذات الالهية، وسخرية بالعقلية التكفيرية السلفية التي تحاول الاساءة، للذات الالهية وللمقدسات الاسلامية، عبر ممارسات تأنفها حتى اكثر العصابات اجراما ودموية في التاريخ، فيما تلصقها الجماعات التكفيرية بالاسلام.

ان حتر، كان يرى من الضروري توعية الشباب ازاء الصورة المشوهة التي ترسمها الجماعات التكفيرية على انها “الاسلام الصحيح”، بينما الهدف من هذه الصورة النيل من الاسلام نفسه، واظهاره على انه دين “متخلف” و”دموي” و”يرفض الاخر” و”يعادي المراة والحياة”، بينما الاسلام الحقيقي هو اسلام التقدم والتحرر والسلام والحياة والمساواة، فجميع من اطلع على الرسم الكاركاتيري الذي نشره حتر، لم يخطر في ذهنهم ولاحتى لثانية واحدة ان حتر يسييء للاسلام، بل الجميع كانوا يرون في الرسم سخرية من التكفيريين و”الدواعش” ونظرتهم الى الاسلام.

نقول كما قال حتر، ان الرسم استفز التكفيريين الظلاميين، لانه يكشف حقيقتهم المريضة ورؤيتهم الشاذة الى الاسلام للشباب والراي العام، لذلك هددوه بالقتل وهو في السجن، وشنوا عليه حملة شعواء في الفضاء المجازي، طالت حتى اسرته، التي طالبت السلطات الاردنية توفير الحماية لها.

صحيح ان السبب المعلن للقاتل كان الرسم الكاريكاتيري، الا ان مواقف حتر من القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ودعمه لمحور المقاومة، واشادته المستمرة بحزب الله ومقاومته ضد الكيان الصهيوني، وتعريته المستمرة لمحور الانبطاح العربي وتبعيته لامريكا والغرب، ورفضه للحروب المفروضة على سوريا واليمن والعراق وليبيا، من قبل امريكا و "اسرائيل" ومحور الانبطاح والعثمانية الجديدة، وعدائه المعلن للفكر السلفي التكفيري الظلامي، كان السبب الرئيس وراء اغتيال حتر، فقد تم اتخاذ القرار لاسكات هذا الصوت والى الابد، بعد ان نجح في الوصول الى قطاعات واسعة في المجتمعات العربية.

كان بامكان القتلة ان يغتالوا حتر في مكان بعيد عن قصر العدل وتحت جنح الظلام، فهو هدف يسهل الوصل اليه، فالرجل كان يتنقل بشكل عادي شانه شان اي مواطن اخر و بمفرده ودون حماية، الا انهم قرروا قتله امام قصر العدل وفي وضح النهار وامام عيون رجال الامن، ليرسلوا رسالة الى الجميع، مفادها ان الاردن اصبح في قبضتنا، ونحن من يقرر متى وكيف نقتص ممن نريد، وليس هناك مكان امن لمن ينتقدنا وينتقد محور الانبطاح العربي ويقف الى جانب محور المقاومة ويشيد بحزب الله، وهي رسالة وان كانت تهم الجميع، الا ان على السلطات الاردنية خاصة ان تتوقف امامها كثيرا، قبل ان تخرج الامور عن سيطرتها، فالاردن مستهدف.

المصدر: شفقنا

109-4