زيارة الأربعين والخطاب الوحدوي الحضاري - القسم الاول

زيارة الأربعين والخطاب الوحدوي الحضاري - القسم الاول
الثلاثاء ١٥ نوفمبر ٢٠١٦ - ١١:٤٥ بتوقيت غرينتش

تختزن زيارة الأربعين لمرقد سيد الشهداء الامام الحسين - عليه السلام ـ زخما هائلا من المعطيات والمكاسب، وهي تتبدى في كل عام بأشكال جديدة تبعث على الثقة بأن ممارسة هذه الشعيرة أخذت تنعكس ايجابيا على المناخ السياسي والعقائدي والاجتماعي للشعب العراقي المؤمن من جهة، وعلى مصداقية مدرسة آل البيت النبوي الشريف ـ عليهم السلام ـ من جهة اخرى، وعلى تحسن نظرة الرأي العام العالمي الى الجهتين الآنفتي الذكر على صعيد متصل.

في الاتجاه المعاكس فإن تزايد مخاوف الأنظمة الرجعية كالسعودية وحليفاتها والتابعة للمخاوف الصهيوغربية، من تعاظم وتيرة تخليد مراسم الأربعين، لا يشكل حالة خطيرة مستحدثة في هذا الإتجاه، باعتبار ان هذه المخاوف المتداخلة مصلحيا ووظائفيا، نابعة اساسا من الماهية العدوانية الإستكبارية والإمبريالية والطائفية لهذا التحالف البشع، وكذلك ناتجة عن خسائره وهزائمه المدوية والمخزية على ايدي اتباع نهج عاشوراء والتضحية الحسينية في العراق وسوريا ولبنان واليمن، في آن واحد.
المهم هو ان زيارة الأربعين (سميت كذلك بمناسبة مرور أربعين يوما على استشهاد الإمام الحسين ـ ع ـ يوم العاشر من شهر محرم ـ عاشوراء ـ وهو يقع في يوم العشرين من شهر صفر )، والتي تطورت منطلقاتها من دول بعيدة جغرافيا وصولا الى بلد المراسم وهو العراق واجتماعا في مقصد الزائرين، مدينة كربلاء المقدسة حيث مرقد شهيد عاشوراء واهل بيته الأبرار وصحبه الميامين، اخذت تعبر عن يقينية الوعي الجماهيري بأهمية هذه الممارسة في إطلاق الطاقات المعنوية الكامنة في نفوس ابناء الامة الاسلامية، وحتى في نفوس اتباع الديانات السماوية واحرار العالم، ووجوب حشدها باتجاه توطيد العلاقات البينية الإنسانية، وبما يؤسس لاحقا لتشكيل جبهة اخلاقية منسجمة ومتفاهمة، تحمل على عاتقها التصدي لدعايات الزيف والخداع والبروباغندا الناقمة، التي تعمل منذ فترة طويلة على تلفيق التهم والأباطيل والأكاذيب للمسلمين والموحدين عموما ولأبناء مذهب الأمام جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ خصوصا.
فالمؤكد ان زيارة الأربعين وبما تنطوي عليه من الفضائل والبركات والإلهامات الإيمانية والنفسانية السليمة، تحولت خلال الأعوام القليلة الماضية الى ملحمة جماهيرية عملاقة يفوق عدد المشاركين فيها الـ (25) مليون نسمة من داخل العراق ومن مختلف انحاء العالم.
بيد أن ما يثير اهتمام المراقبين الدوليين والأقليميين، هو مدى الإلتزام الطوعي لملايين الزائرين بالنظام والتلاحم والتآخي والهدوء والسكينة من جانب وانبراء أبناء الشعب العراقي الكريم لخدمة هؤلاء الزوار من جانب اخر. إنها خدمة تفوق درجات التصور العقلية كافة على مستوى تأمين احتياجاتهم الغذائية والصحية والرفاهية والتموينية، مما لا تعد ولا تحصى.
بيد ان المحصلة الأمضى للمشاركين في مسيرات الأربعينية زوارا ومُحتفين، هو تحوّل هذه المراسم الى حالة من الإستفتاء الشعبي العام لفائدة الوحدة والتكاتف والتراحم والتعاون على البر والتقوى، ولمقارعة زعماء معسكر الاستكبار الاميركي - الإسرائيلي - السعودي وحروبهم وفتنهم وصنائعهم ومرتزقتهم من التكفيريين الدواعش ومن هم على شاكلتهم، الذين حولوا العالم الإسلامي الى جحيم لا يطاق.
من الواضح ان اهداف زيارة الأربعين هي تجسيد حقيقي لاهداف صاحب الذكرى سبط رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الامام ابي عبد الله الحسين ـ عليه السلام ـ في اصلاح حال الأمة الإسلامية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والسير بسيرة نبي الرحمة محمد ـ ص ـ واميرالمؤمنين الامام علي ـ عليه السلام ـ.
  وللقارئ والمتابع والمراقب القدرة على ان يكتشف بسهولة ويسر، أصدقاء هذه الرسالة واعداءها في عصرنا الراهن، وذلك عبر استعراض مردود سلوكيات قوى الخير والشر على واقع المنطقة ودولها وشعوبها بل على مستوى العالم بأسره. المردود الذي بات واضحا الآن وضوح الشمس في رابعة النهار.
(يتبع)
• حميد حلمي زادة

208