هل تبصر الحكومة اللبنانية النور قريبا؟

هل تبصر الحكومة اللبنانية النور قريبا؟
السبت ١٩ نوفمبر ٢٠١٦ - ٠٤:٤٨ بتوقيت غرينتش

منذ اللحظة الاولى لانتخاب "ميشال عون" رئيسا للجمهورية اللبنانية، لم يكن الظن أن مروراً سلساً أوسهلا متوقعاً للحكومة اللبنانية، فمصالح السياسيين كانت دائما بالمرصاد.. الاعتقاد هذا لم يسقط في أية لحظة منذ أن بدأ سعد الحريري بُعيد تكليفه في الثالث عشر من تشرين الاول الماضي عملية تشكيل الحكومة.

 يقضي الرجل وهو العارف بطبيعة التقسيم المفترض والمُلزم له بين الاطراف والاقطاب السياسية في لبنان منذ التكليف، وقتاً كبيراً بين هذه الاطراف ليذلل عقبات التشكيل.. تارة يزور القصر الجمهوري للتشاور، أخرى في عين التينة (مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري) ثالثة في كليمنصو (مقر اقامة رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط) ورابعة في معراب (مقر اقامة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع)، البحث طبعا عن حكومة جامعة يريدها الرجل كما قال في بيان قبوله التشكيل "وطنية جامعة".

الكل متفق نعم، لكن على شيئ واحد منذ البداية، أن الحصص ثابتة للجميع، وأن التأكيد عليها يعكسه شكل الحكومة وتوازناتها المفترضة طائفياً وسياسياً.

أكثر من تشكيلة حكومية تم التوصل اليها للساعة دون البحث بالاسماء، فهذه مهمة كل فريق ولا يجب التدخل بها، علماً أن الاتفاق الضمني هو ان لا تكون الاسماء مستفزة. الغريب انه كلما تم الاتفاق على نقطة، تبرز نقطة خلاف أخرى.

كان الإتفاق الأولي أن يكون وزير الخارجية "جبران باسيل" صهر رئيس الجمهورية خارج الحكومة، وأن ينوب عنه الصهر الثاني  العميد "ميشال روكز"، لكن الرئيس عدل عن رأيه وقررالإبقاء على باسيل.

مُررت اول عقبات التشكيل دون اي تدخل.. تم الاتفاق على حكومة ثلاثينية، لكن الصعود والهبوط في الاسماء كان يصعد وينزل بها كما تفعل البورصة بالاسهم، استقر الرقم على 24 وزيراً، لكن ذلك لم يُذلل صعوبات التشكيل،  فالقوة المسيحية الجديدة المتمثلة بتحالف عون وجعجع، قررت أن تستأثر بالتمثيل المسيحي داخل الحكومة، فمن وجهة نظرها لا مكان لمن لم يؤمن وصول الرئيس الى منصبه.

من هنا نشب الخلاف على توزير أية شخصية من قبل سليمان فرنجية او حتى الكتائب اللبنانية التي لا حساب لها في العهد الجديد.

هنا دخل الحريري في دوامة التشكيل مرة اخرى.. وكادت تنفلت الامور مع عودة الخلاف الدفين بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي نبيه بري الى العلن، وإرسال عون اشارة الى بري عن نيته توزير "حسن يعقوب" وهو المعروف بعداءه الكبير للرئيس بري، على اعتبار ان عون ينطلق من فكرة ان موقعه له بعد وطني لذلك هو يريد توزير وزير شيعي وآخر سني من حصته، فما كان من بري الا الرد برغبته بتوزير "عصام ابو جمرا" وهو من الصقور السابقة في التيار الوطني واحد المعارضين الكبار لعون.. هنا بدات الامور تخرج عن السيطرة السياسية بخلاف ما يُراد للعهد الجديد.

كانت رغبة رئيس العهد "ميشال عون" أن تبصر الحكومة الجديدة النور قبيل عيد الاستقلال الـ65 للبنان الثلاثاء القادم، وبالتالي أن تشارك الحكومة الرئيس مراسم الاستقلال بعد انقطاع دام لعامين مع خلو سدة الرئاسة.. حتى اللحظة لا يبدو ان الرياح تجري كما تشتهي سفن الرغبة.

انفجرت نعم، لكن بدأ من يستطيع العمل على تهدئة النفوس مهمته الصعبة، التذليل ممكن وفي أيام قليلة ايضاً،  فالردود العالية كانت تستلزم ردودا أعلى، تلك عادة السياسيين في لبنان، لكن العقبات ستذلل وفي وقت قريب جداً، ليصبح للبنان حكومته التي ستحمل الرقم 70 وهي الثانية لسعد الحريري بعد حكومته الاولى التي شكلها عام 2008.

وبغض النظر عن حكومة العمر القصير الذي قد لا يتجاوز اشهر الانتخابات المقررة صيف العام القادم، فانها حكومة ستحافظ على اسماء وزراءها الثلاثة في مواقع الداخلية والخارجية والمالية، وهي ستجهد لعمل تضامني لم تستطع الحكومة السابقة اليه سبيلاً مع حدة التجاذب السياسي في البلاد.

• فاطمة عواضة

3