بالفيديو، قيادي بحزب الله: المقاومة أوقفت انعاش مشروع تجزئة المنطقة

السبت ١٩ نوفمبر ٢٠١٦ - ٠٦:١٩ بتوقيت غرينتش

ايران (العالم) 19/11/2016- اعتبر مصطفى الحاج علي عضو المجلس السياسي لحزب الله اللبناني في حوار خاص مع قناة العالم، ان دول المنطقة تواجه خطر المشروع الاميركي الغربي الصهيوني بتفتيتها وتجزئتها دويلات تقوم على اسس طائفية ومذهبية، لادامة هيمنة الاستكبار العالمي والصهيونية، مشيراً الى ان من يقف امام هذا المشروع ويحول دون تحقيقه هي ارادة الشعوب والمقاومة، وان السعودية هي أصل مشكلة الارهاب الذي يعصف بالمنطقة.

المذيع: انقضت مئة عام معاهدة سايكس بيكو، اليوم أهم ما يواجه العالم الاسلامي والمنطقة هي مسألة التجزئة، كيف تنظرون الى المشروع الاميركي الغربي في تجزئة المتجزأ من بلدان المنطقة؟

الحاج علي: لو امعنا النظر فيما يجري في المنطقة لرأينا انها تواجه أمرين "التفكيك والتفتيت"، بمعنى ان التفتيت هو ان تجزئ المجزأ، وابتكار اسم الفيدرالية او الكونفدرالية.

واشار الى ان التفتيت هو ان يراد ان يصل الحد الاقصى بان يحول كل جزء من هذه الاجزاء الى دويلة قائمة بذاتها، واليوم للاسف فان المنطقة توضع على سكة احد الاحتمالين، مؤكداً ان من يقف امام تنفيذ مشروع التجزئة هو ارادة شعوب والمقاومة في هذه المنطقة، محذراً من ان المنطقة تشهد حالياً احداثاً بالغ الخطورة.

واوضح الحاج علي، عندما نذهب الى التفتيت او التفكيك فهذا يعني انه في مرحلة السايكس بيكو كانت نقطة ارتكازها على الاقليات والبحث دائماً هو تحويلها عن نقاط ارتكاز لمشروع تجزئة المنطقة.

واكد، انهم اليوم يذهبون الى ما هو اخطر من ذلك باثارة الصراع وتفجير المجتمعات من الداخل، ليس فقط على اساس ديني، وانما على اساس اثني وطائفي ومذهبي وربما على اساس قبائلي او عشائري، بحيث نذهب الى اقصى درجات التقسيم.

المذيع: اشرتم الى ان المقاومة او الشعوب التي يمكن ان تقف امام مشروع التجزئة، لكن التجزئة تقوم على الاقليات وعلى بعض شعوب هذه المنطقة؟

الحاج علي: ان الكثير من المجتمعات الانسانية في داخل العالم العربي او الاسلامي قد ذهبت ضحية تضليل اعلامي كبير الذي حاول تصوير الصراعات عبر اعطائها مضامين مختلفة، ولاسيما مضامين مذهبية وطائفية، غير انه مع الوقت بدا واضحاً للكثير بان طبيعة الصراع في المنطقة لا يمت بأي صلة للطائفية او المذهبية، على الرغم من انها احد المحفزات الاساسية للتعبئة في هذه الصراعات وزج الشعوب بها وسفك دمائها.

واكد، ان الصراع الذي يدور في المنطقة هو صراع سياسي في العمق وخيارات سياسية كبيرة تدور بين الهيمنة الاستكبارية الاميركية الصهيونية وحلفائها.

واوضح، ان من بين الخيار الاخر الذي نطلق عليه هو خيار المقاومة والممانعة الذي يرفض هذا المشروع، ويحاول بكل ما اوتي من قوة ويبذل في سبيله كل التضحيات الممكنة من اجل منعهم من تحقيق اهدافهم، وهو اكثر من كان استلم زمام المبادرة كما في معركة سوريا والعراق واليمن.

المذيع: من يطالع الخطاب التجزيئي او التفتيتي يجد اليوم اللغة الطائفية هي المهيمنة عليه، لكن المشروع القومي العرقي هو ما ينفذ على الارض، مثلاً لو اخذنا بنظر الاعتبار سوريا، صحيح ان الهجمة الطائفية هي الابرز لكنها تظهر كحصان طراودة لمشروع تقسيمي على اساس عرقي من عرب وسنة واكراد وتركمان وما شابه، كيف تفسر هذه الحالة؟

الحاج علي: ان المشروع القائم في المنطقة بين حدين، بين حد التفتيت والتفكيك، لان عندما نزج بالعناوين الاثنية او القومية فهذا يعني نريد من ندفع المشروع الى حدود التفكيك وليس حدود التفتيت.

واوضح، لو احتفظوا بالاطار المذهبي فقط فرضاً في الصراع بين سنة وشيعة وبين علويين وسنة واسماعليين او بين المذاهب الدينية الاخرى لكنا امام الاحتفاظ بحدود سايكس بيكو كما هي، لكن هنالك يراد اعادة صياغة النظام السياسي بعنوان فيدراليات طوائف او مذاهب.

واضاف: عندما تزج بالعنوان القومي فهذا يعني ان من يقف وراء المشروع لا يريد فقط تفتيت الدول، وانما يريد تفكيكها الى دويلات، قد تأخذ بعض الدول طابعاً اثنياً او قومياً كما هو المشروع الكردي في سوريا كما كان يطمحون، او المشروع الكردي في العراق ايضاً، اضافة الى حدود الدويلات المذهبية والطائفية، بحيث نكون امام حدود دموية وصراعات لا تنتهي بين الطوائف والمذاهب وبين الاثنيات والقوميات او بين الحدود القومية الكردية العربية، كما هو الحال في سوريا او في العراق.

وتابع: اذا نجح المشروع الاثني فهذا يدل على اننا امام تفكيك وسوف يمضي بالتفكيك الى النهاية، وفيما اذا نجح المشروع الطائفي فنحن امام مشروع تفتيت، مشيراً الى ان الدمج بين المشروعين ربما يكون موجوداً، ولذلك ان هناك حدين لهذا المشروع ايهما سينجح هو الذي سيرسم صورة المنطقة.

واشار الى ان الحصيلة النهائية لهذا المشروع تريد ان تخدم العدو الصهيوني، وهو المؤسس الاصلي له لكي يضمن بقائه واستمرار هذا البقاء بتقسيم المنطقة.

المذيع: اتصور ان قضية اميركا والغرب والعدو الصهيوني هي مهمة الشيطان كالاغواء ودفع الانسان الى الجهنم، على اساس اي مبدأ يمكن ان نقف امام هذا المشروع؟

وقال الحاج علي: هناك عوامل داخلية ليست وليدة اليوم وانما هي حصيلة اسباب وعوامل تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية متنوعة، أوصلت هذه القابلية الى حد امكانية استخدامها من قبل العوامل الخارجية.

ونوه الى ان تحديات العوامل الخارجية تحاول منعنا من ننصرف الى مشاكلنا الداخلية، بل ويذهب الى مضاعفتها ويحاول ان يغرقنا حتى لا نرفع برأسنا ونتبصر بوعي وبصيرة بحقيقة اسباب مشاكلنا الذاتية حتى نتمكن من معالجتها وننهض على اقدامنا مجدداً، لهذا لا نبرر للانظمة الديكتاتورية او المتسلطة على رقاب شعوبها واخفاقاتها على صعيد النهوض بشعوبها واحترام حرية وكرامة شعوبها، ولا نستطيع ان نبرر لها الاسباب الاقتصادية ومشاريع التنمية المتنوعة، ولا حتى نستطيع ان نعفي حتى علماء الدين من هذه المسؤولية، حيث لم يعمد احد على تنقية التراث الموروث المليء بالعنف، لان ايديولوجيات الجماعات الارهابية غالباً ما تبحث عن مشروعيتها من خلال اللجؤ الى هذه الموروثات التاريخية، ولو لم تكن موجودة لفقدت مشروعيتها المزعومة.

المذيع: هل يمكن ان تعطينا فكرة عن المشروع المقاوم على صعيد افهام الاخر او جذبه واحتوائه بحيث لا يكون عاملاً مساعداً في المشروع الغربي؟

الحاج علي: قبل الاجابة لابد من التمييز بين مسألتين اساسيتين، الاولى: نحن امام مهمات ملحة لا تقبل التأجيل، ومفروضة علينا، لها علاقة بالتصدي ومقاومة البُعد العنفي العسكري الذي يمارس ضدنا ويحاول ان يلغينا من الوجود، بحكم ان العدو الارهابي التكفيري هو الذي فرض علينا ذلك.

واضاف: ان هناك مهمة اخرى لا تقبل التأجيل وهي مواجهة الايديولوجيات والثقافات السلبية، او مواجهة الارهاب كتحدي ايديولوجي او ثقافي او اخلاقي، هنا انت لست امام مهمة قصيرة الزمن، وانما مهمة طويلة ومركبة ومعقدة وليست بسيطة، وتتطلب جهوداً كبيرة ولا يستطيع القيام بها فرد بنفسه.

واعتبر ان الطلقة التي تطلقها المقاومة هي تحمل بحد ذاتها رأياً ايديولوجياً ووجهة نظر ثقافية واخلاقية، موضحاً ان نيران المقاومة دفاعاً ضد من يمارس العنف والارهاب والكراهية والاقصاء وامتهان كرامتك ضدك، فانت تقول له بهذه الطلقة عكس ذلك تماماً، الايمان بمنطق الحوار والتعايش والى آخره.

واشار الى ان المقاومة امام مشروعين ثقافيين حتى لو كانا يتصارعان عسكرياً في الميدان، معتبراً ان الشرط الانتصار في الميدان يحقق الشرط الموضوعي للانتصار في الثقافة وفي الايديولوجيا، والهزيمة في الميدان يعني هزيمة المشروع الثقافي والعسكري، ومن هنا تأتي اهمية الصراع العسكري الذي يخوضه المقاومون سواء في لبنان او في العراق او في سوريا او في اليمن او في اي منطقة من العالم لمواجهة هذا المشروع.

وقال: لابد من تضافر جهود العلماء والمفكرين وجهود امثال انعقاد المؤتمرات التي تعقد ايران، معتبراً اياها بانها عبء كبير لابد ان يطوي مرحلتين اساسيتين، الاولى: لابد لنا من الفهم الموضوعي العلمي المشترك لطبيعة هذه المشكلة وخطورتها وتحدياتها.

واضاف: ان المرحلة الثانية، لابد من تهيئة ارضية مشتركة لمقاربة الحلول لهذه المشكلة مع ملاحظة خصوصيات كل بلد من البلدان.

ودعا الى ضرورة الى ايقاذ الامة ودق ناقوس الخطر الى مستوى الامة بالتنبه لهذا الخطر الذي بات خطراً عالمياً ماحقاً ومعولماً ولم يقف عند حدود ولا حواجز جغرافية، بل مشروعه الفوضى والتدمير وضرب النسيج الوطني للمجتمعات، ومشروع تفتيت المفتت، ومشروع ضرب اي فكر مستقبلي او حضارة انسانية، هو مشروع عدمي باختصار.

المذيع:  ظاهر المشروع هو مشروع سياسي طائفي بامتياز، لكن بعض التحليلات التي ظهرت تقول ان هذا المشروع جذوره اقتصادية جيوسياسية، هل انت مع هذا التفسير لظاهرة الارهاب والفوضى التي تعم المنطقة اليوم؟

الحاج علي: لاشك ان هناك مجموعة عوامل اقتصادية وجيوسياسية وايديولوجية واخرى مختلفة، لكن يبقى ضرورة الوقوف على الاوزان النسبة لهذه العوامل وتأثيراتها، مثلاً نسبة العامل السياسي او الثقافي وآخره هم بنفس النسبة يؤثرون في انتاج هذه الظاهرة، أم ان هناك نسبة متفاوتة لهذه العوامل، وفي المحصلة يشكل ما يسمى فلسفياً العلة التامة لانتاج ظاهرة من هذا النوع.

واضاف: ان السؤال الاكبر: ما هي نسبة العامل الايديولوجي؟ يعني لو فرضنا لم توجد مدرسة اسمها الوهابية او نظام اسمه آل سعود؟ ولم يجد من يرعى ويوجد له البيئة الحاضنة على المستوى الدولي ويقدم له كل ما يحتاجه للوجود وللاستمرار؟ هل كان يمكن ان نجد ردوداً شبيهة بهذه الردود على الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟

انا اقول لا، بدليل وجدت ايديولوجيات كثيرة في التاريخ منها الماركسية وغيرها التي حاولت ان ترد على الاسباب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، لكن ردت بنظرية ثورية مختلفة وان مارست العنف في بعض جوانبها، لكنها لم تصل الى حد العنف الى هذه النتيجة التي نشهدها.

المذيع: لقد حددتم المشكلة، فهل السعودية هي المشكلة؟

 الحاج علي: اعتقد ان النظام برمته بحد ذاته هو المشكلة الذي تحول الى عبء انساني.

المذيع: لماذا لا نعمل على علاج أصل المشكلة؟

الحاج علي: ليس انا من يتخذ هذا القرار، هذا يحتاج الى قرار تتخذه كل الدول المتضررة من هذه المشكلة، نعم لو كانت هناك دول حريصة على مجتمعاتها ووحدتها الداخلية، لكان يجدر بهذا النظام ان يعزل.

المذيع: معركة حلب طالت، برأيكم ما سبب الاطالة، الموقف العسكري او السياسي؟

الحاج علي: لا الموقف العسكري او السياسي وانما هو الموقف الانساني، الحرص الشديد على وجود المدنيين في حلب الشرقية هو الذي اطال امد المعركة، ولولا الحالة الانسانية لكانت معركة حلب الشرقية انتهت من الناحية العسكرية.

المذيع: لماذا الموقف الانساني؟

الحاج علي: ان الجماعات المسلحة من جبهة النصرة الى احرار الشام الى غيرها تتمرس وراء المدنيين.

المذيع: لكن هذا لا يبرر بعض التراجعات في المواقف العسكرية؟

الحاج علي: هذه التراجعات تحدث بين حين وآخر وهذا امر طبيعي في العمليات العسكرية، ويجب ان نضع هذه التراجعات في اطارها التكتيكي وليس في اطارها الاستراتيجي، مشيراً الى ان الاطار الاستراتيجي محسوم فيما يخص مدينة حلب، وهذا يعني ان مدينة حلب يجب ان تعود الى كنف الدولة السورية، لكن يبقى كيف تدار هذه المعركة بأقل الخسائر الممكنة من اجل تحقيق أعلى الاهداف.

المذيع: هل هناك سقف زمني لنهاية هذه المعركة؟

الحاج علي: لا استطيع التكهن بسقف زمني، من الصعف حقيقة، لاننا لا نخوض حرباً عادية، وانما حرباً غير كلاسيكية في حلب، حرب لا متوازية كما يسمونها في العرف العسكري، من جهة نتنظر الى المجموعات المسلحة ومن يقف ورائها، هناك اشتباك دولي اقليمي في حلب كبير، وهم يدركون مغزى سقوطها والانتصار فيها، لهذا معركة من هذا النوع بالافاق والابعاد الاستراتيجية لابد من ان تأخذ وقتاً.

المذيع: ماذا يعني سقوط حلب او تحريرها؟

الحاج علي: مدينة حلب اكبر مدينة في سوريا وهي العاصمة الاقتصادية، وهي نقطة تحول في المسار الحربي، لانها تحمل التحولات الاستراتيجية باتجاه ادلب، باتجاه حمى، والرقة والباب.

المذيع: لو جاءت تركيا عن طريق الفصائل الموالية وسيطرت على مدينة الباب، كيف سيكون الموقف ربما تكون الحرب الدولية في تلك المنطقة وليست حلب؟

الحاج علي: هناك اليوم معركة استرجاع سوريا، ولا يعني فقط الجغرافية السورية وانما موقعها ودورها ضمن هذا المحور، اليوم كل المعركة في سوريا، وهي اكبر مما يتخيلون، ومن شأنها ان ترسم كما للروس أنفسهم مستقبل النظام الدولي والتوازنات، والمدخل الى الشراكة في المنطقة هو سوريا.

103-3