«إسرائيل» لا تريد سلاما بل إستسلاما عربيا بلا ثمن

«إسرائيل» لا تريد سلاما بل إستسلاما عربيا بلا ثمن
الأحد ٠٤ ديسمبر ٢٠١٦ - ٠٧:٤٢ بتوقيت غرينتش

«إسرائيل» والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية أشعلت نيران الحروب في المنطقة العربية خدمة لمصالحها وأهدافها. إن حجم الدمار والخسارة البشريّة والماديّة والنفسيّة الناتج عن هذه الحروب لا يقدّر بتمن لضخامته، وإن إعادة إصلاح البنية التحتيّة، وإعادة إعمار وبناء المدن التي حولها المعتدون إلى مدن أشباع تفتقر لكل شيء سيحتاج إلى عشرات السنين وإلى تريليونات الدولارات.

* أما بالنسبة لتدمير الانسان وخسارته فإنها لا تقدر بثمن. الملايين من أبناء شعبنا قتلوا، وشرّدوا، وفقدوا الأمل في الحاضر والمستقبل. ملايين الأطفال توقّفوا عن الدراسة، وانضموا إلى صفوف الفقراء المعانين والمحرومين من حقهم في التعليم والعيش الكريم. إن ما يحدث في وطننا هو… تدمير ممنهج… لمستقبل أمتنا وإنساننا تقوم به «إسرائيل» والولايات المتحدة ودول أخرى بدعم وتمويل من بعض العرب المتآمرين معها .

* «إسرائيل» لن تعطي الفلسطينيين شيئا إلا إذا أجبرت على ذلك. إنها تعتقد أن العرب… سيستسلمون لارادتها ويقبلون سلامها بلا قتال، وبدون حلّ للقضية الفلسطينية. ولهذا فإنها تستثمر الوقت، وتعتقد أنه ليس من مصلحتها أن تقدّم أي تنازلات لتحقيق السلام. إنها لا تحتاج إلى دفع ثمن سلام مع أناس تعدّدت وتعمّقت خلافاتهم، وتشرذمت أوطانهم وبدأت تنتحر وتتهاوى .

* أضف إلى ذلك كله أن معظم الدول العربية التي لم توقّع إتفاقات سلام مع «إسرائيل» هرولت إلى «تل أبيب» وأقامت معها علاقات سريّة وأعربت عن رغبتها في تعاون واسع النطاق معها لحماية… الوطن العربي…! لكن الحقيقة هي أن «إسرائيل» وعلى الرغم من كل هذه التنازلات العربية المهينة لم تغيّر سياساتها العدائيّة، ولم نسمع أن حاكما عربيا واحدا من الذين أقاموا السلام وطبّعوا معها سرا وعلانية.. إعترض وقطع علاقاته الدبلوماسية معها وهدد بإلغاء معاهدات.. الاستسلام.. أو على الأقل وقف التطبيع إحتجاجا على موقفها الرافض للسلام، وعلى استمرارها في التوسع الاستيطاني وقتلها المستمر للفلسطينيين والعرب!

* حالة الافلاس العسكري والسياسي والأخلاقي التي يمرّ بها الوطن العربي تنذر بطوفان قادم قد يحرقنا جميعا ويفتح الباب على مصراعيه لـ«اسرائيل» وغيرها من الأعداء لتتصرّف بنا وبأوطاننا كما تشاء دون إعتراض من أحد. إن الصهاينة يعلمون أن حروبنا الداخليّة وما ينتج عنها من كوارث ستقودنا في النهاية إلى الرضوخ لهيمنتهم… والاستسلام لهم بدون مقابل… ولهذا فإنهم لن يتنازلوا عن شبر واحد من الأراضي المحتلة إلا إذا أرغموا على ذلك.

* د. كاظم ناصر- بانوراما الشرق الاوسط

205