حنين بريطانيا الى ارثها الاستعماري وعدم الوعي بالمتغيرات

حنين بريطانيا الى ارثها الاستعماري وعدم الوعي بالمتغيرات
الأربعاء ٠٧ ديسمبر ٢٠١٦ - ٠٣:١٥ بتوقيت غرينتش

أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأربعاء 7 ديسمبر/ كانون الأول أن إيران تشكل خطرا واضحا على منطقة الخليج الفارسي ولا بد من التصدي لها عن طريق بذل جهود مشتركة.

العالم - العالم الإسلامي

ومن السهل جدا الربط بين اعلان تريزا وتصريحات ترامب بشأن انظمة محميات الخليج الفارسي ونظام آل سعود، والتي وفرت المزيد من المخاوف لهذه الانظمة بالاضافة لما تعانيه من هزائم متعددة في كل مشاريع العدوان والتآمر على اقطار وشعوب امتنا العربية، وايضا ما اصبحت تعانيه هذه الانظمة من خسائر في الجانب المالي اذا كان في مجال الانفاق للعدوان على اليمن ودعم الارهاب في سوريا وليبيا والعراق، او في مجال سعر برميل النفط الذي ادى له مخطط هذه الانظمة "وفقا لما ورد على لسان مسؤوليه المختصين" باغراق السوق بشحنات النفط في محاولة فاشلة للضغط على روسيا وايران، بصدد تهديده بسحب الحماية الامريكية مالم تحصل امريكا على المزيد من المال والثروة من هذه الانظمة.

ان مشهد وجود رئيسة وزراء بريطانيا وسط "قمة" مجلس التعاون الخليجي والذي يحمل الكثير من مظاهر عودة بريطانيا الى المنطقة "لحفظ" امن محمياتها السابقة مما أسمته "الخطر الايراني".. يوضح:

1- ان امريكا التي تراجعت عن دورها كقطب اوحد للعالم امام روسيا، يمكن ان تتراجع عن دورها كزعيمة امبريالية، وانها لن تكون الشيطان الاكبر في جوقة الشياطين الاخرين، وان الصراع بعد اسقاط النظام العالمي احادي القطبية، يتفاعل على دور زعامة العالم الغربي الاستعماري الامبريالي، ليس فقط بين بريطانيا وامريكا، بل بين امريكا وكل حليفاتها السابقات من ذوي الارث الاستعماري.
2- في ظاهرة متجددة، يصر الغرب على ابراز دور المرأة الحديدية، المرأة المسترجلة، فبعد فشل هيلاري كلنتون في انتخابات الرئاسة امام المرشح الجمهوري ترامب، اندفعت بريطانيا لتقديم نسختها من نسختها الجديدة، وكاد الامر يشمل فرنسا، واضنه يتوافق مع النسخة الالمانية... وهذا يؤكد الرغبة الاوربية في استجلاب مشاريع وصنع نماذج اخرى على نفس النهج والمستوى ليشاع الى غلاظة العالم وقسوته.. اولا، ويؤكد ايضا وحدة المشروع الغربي في الجوهر والمظهر.
3- التداول في الادوار.. فقد شهد العالم ابان ثورتي يوليو 1952 في مصر وتموز 1958 في العراق واعلان الجمهورية العربية المتحدة، واسقاط حلف بغداد... شهد تراجعا بريطانيا في المنطقة، اعقبه بروز الدور الامريكي نيابة عنه وعلى نفس الاهداف والمخططات... وهكذا يعود اليوم الدور البريطاني للمنطقة بعد تراجع الدور الامريكي.
4- لا نشك لحظة واحدة ان اهم اهداف الغرب، بما فيه الاعلان الذي ادلى به اشتون كارتر وزير الدفاع الامريكي الحالي، عما اسماه ضرورة استمرار الوجود العسكري الامريكي في العراق، هو حماية "امن اسرائيل".
وان التمظهر الجديد في قمامة "قمة" مجلس التعاون الخليجي، يسير على نفس الهدف، وانه ما كان لينعقد الا بموافقة ومشاركة صهيونية، وتحت عنوان "التهديد الايراني" الذي يذكرنا بعناوين ومسوغات الماضي الاستعماري تحت عنوان "الخطر الشيوعي".
فان كون ايران خطر على الكيان الصهيوني لا يمكن نكرانه الا من كان يرتدي نظارات سواء، ويملك قلبا اكثر سوادا.
واذا كان هذا التهديد يشمل انظمة وحكومات عربية، فانه في اطار تحالف تلك الانظمة مع الكيان الصهيوني ليس الا. فأيران التي تدعم المقاومة العربية، وما تتميز به من دور في مناهضة الهيمنة، وما تمثله في مشروعها العلمي التنموي الوطني، انما تمثل النقيض الكامل لمشاريع وتخطيطات وتخبطات انظمة مجلس التعاون.. باستثناء عمان.
ان الاسوء الذي تواجهه "قمة" دول مجلس التعاون الذي تحضره بريطانيا التي يفوح منها حنين لا غبار عليه الى عقدها الاستعماري الماضي، هو المشروع التحرري المقاوم الذي بات يتوسع ويقوى ويكبر يوما بعد يوم، خصوصا وانه توافق مع اعظم ما انجزه الجيش العربي السوري المقاوم في معركة تحرير حلب.. والتي سوف لن تتوقف حتى يستعاد كل ارض سوريا المقدسة.. وصولا الى تعزيز واستمرار كفاح امتنا العربية ﻻستعادة كل حقوقها وبناء دولتها الواحدة الموحدة.
نعم..
يقول المثل ان الغارق يتمسك بقشة..
وانظمة دول مجلس التعاون الى غرق لا تنفع فيه قشة.. ولا تنفع فيه بريطانيا او غيرها، بل اكاد ارى انها ستغرق وتغرق معها كل قشة تتمسك بها.

* حسين الربيعي/ العالم

108-4