الى حكومة بريطانيا مع لعنات التاريخ

الى حكومة بريطانيا مع لعنات التاريخ
الثلاثاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٦ - ٠٨:٢٣ بتوقيت غرينتش

عبّرت تصريحات رئيسة وزراء بريطانيا "تيريزا ماي" في اجتماع " المنامة " لدول مجلس التعاون عن مواقف هزيلة لا يمكن وضعها إلا في خانة الإستخفاف بالقوانين الدولية والأمن العالمي وحقوق الإنسان، والتملص من مسؤولية انتاج " لندن " للإرهاب التكفيري ودعمه، وهي استمرار للغة الوصاية الإستعمارية على البلدان العربية البترولية في منطقة الخليج الفارسي.

العالم - مقالات

من الواضح  ان "ماي "، لم تكن لتتجرأ على اطلاق وقاحاتها واكاذيبها وتزييفها للحقائق يوم الأربعاء 7 ديسمبر 2016، لو لم تكن واثقة بأنها تتحدث في "مجتمع دولي" يتعامى عن مثل هذا النوع من الخطاب الغربي الملغوم الراعي للجرائم الارهابية التفخيخية والتدميرية التكفيرية في الشرق الاوسط والمنطقة العربية، والداعم للأنظمة القبلية القمعية في الخليج الفارسي، وذلك للأسباب الآتية:
-انّ مشاركة "تيريزا ماي" في قمة دول مجلس التعاون الخليجي في المنامة أكدت بلا شك، على ان بريطانيا ضالعة في قمع تطلعات الشعب البحريني الذي يواصل ثورته وتضحياته وصموده احتجاجا على الدكتاتورية الخليفية الدموية والإحتلال السعودي الطائفي منذ شباط 2011 وحتى وقتنا الحاضر، وقد زف الكثير من ابنائه الخيرين شهداء للدفاع عن الحقوق والعدالة والديمقراطية والدستور والمواطنة الناجزة، فضلا عن تقديمه المئات الآخرين جرحى ومعوقين وسجناء وهم من أشرف ابناء هذا الوطن المضطهد المليء بالقواعد العسكرية ومقرات الاستخبارات البريطانية والاميركية والاسرائيلية.
- من المضحك والسخيف معا ان رئيسة حكومة بريطانيا تحدثت في المنامة، وكأنها ما فتئت " صاحبة الحل والعقد " في منطقة الخليج الفارسي، متناسية ان عهد الإستعمار لم ينته فحسب، بل إنه سيلاحق القوى الغازية سيما انجلترا، بتبعاته الباهظة، حتى تذوق وبال امرها وتسدد ثمن تمزيقها للأمة الإسلامية وسرقاتها لثرواتها وخيراتها، وزرعها للكيان الصهيوني القاتل في قلب العالم الإسلامي وتشريدها ملايين الشعب الفلسطيني اصحاب الوطن والمقدسات في ارض الاسراء والمعراج الى المنافي والشتات.
- يحاول زعماء النفط العرب الخليجيون ومعهم المسؤولة البريطانية "ماي" (عبثاً) التملص من أوزار انتاج الجماعات المسلحة التكفيرية ومساندتها بالأموال والأسلحة والإعلام والمعلومات الجاسوسية في العراق وسوريا وليبيا ومصر. انهم يعتقدون بأن التصريحات الزائفة التي لا تتطابق أبدا مع المفضوح والملموس من ممارساتهم وتحركاتهم الراعية لداعش والقاعدة وطالبان والإرهابيين الدمويين الاخرين، قادرة على اسدال الستار على مسؤولياتهم الخطيرة او التغطية على آثامهم الكبرى في اغراق العالم الاسلامي بالدماء والتدمير والحروب الطائفية المحرقة.
في هذا المجال لم يتردد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في تصريح تلفزيوني لقناة الـ (بي بي سي ) البريطانية  يوم الجمعة 9 ديسمبر 2016 عن (إدانة دعم اميركا وبريطانيا للإرهاب - قائلا - انهما صنعتا القاعدة و"داعش" وأمدتهما بالأسلحة بأموال خليجية).

- لقد ارتكبت رئيسة الحكومية البريطانية خطأ استراتيجيا فادحا عندما ردّدت من جديد معزوفة  " الخطر الايراني " على دول الخليج الفارسي والشرق الاوسط الكبير وهي " البروباغندا الشهيرة"، لإشاعة الخوف والهواجس بين ابناء الدين الواحد والمصير المشترك.
واقع الأمر إننا ومعنا الشعوب الإسلامية والعربية وأحرار العالم خبراء بسلوكيات بريطانيا واميركا والغرب المتصهين وسياساتها الغادرة ومخططاتها التوسعية، والتي بلغت ذروتها عقب تفعيل ما سمي بـ " نظرية الفوضى الخلاقة " تحقيقا لمشروع الشرق الأوسط الكبير، وذلك في ضوء ما عصفت بالمنطقة من مذابح كبرى وابادات جماعية ضخمة وتشريد للملايين من ابناء الأمة، وهي جرائم لا إنسانية بشعة قامت الأنظمة القبلية البترولية وعلى رأسها السعودية وقطر والبحرين بتمويلها ومساندتها في جميع الأبعاد والمحافل في أعقاب سقوط الطاغية صدام التكريتي، ونتيجة لتغيّر خارطة العملية السياسية الجديدة في ارض الرافدين لصالح عموم الشعب العراقي وبالضد من السياسات الشوفينية والطائفية التي سادت في ما مضى.
من الثابت ان تصريحات "تيريزا ماي " هي عديمة المصداقية شأن بريطانيا التي جرّت الفقر والفرقة والإرهاب والإحتراب الى العرب والمسلمين منذ الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا هذا. فهي التي زرعت "اسرائيل" في فلسطين. وجاءت بآل سعود العملاء الى الحكم في بلاد الحرمين الشريفين، وحوّلت البلدان العربية الخليجية الى محميات وقواعد عسكرية، وقادت الإنقلابات الدامية في دول المنطقة مثل ايران والعراق لفائدة شركات النفط الإحتكارية، وكانت صاحبة الفضل في تسليط نظام البعث الدموي في بغداد مدة 35 عاما، ليوفّر بممارسته المروعة ذريعة عملية غزو الكويت عام 1990 وتحطيم العراق واحتلاله من جديد عام 2003 بواسطة اميركا وبريطانيا والحلف الأطلسي وبدعم من آل سعود وحلفائهم.
صفوة القول: ان بريطانيا وحكومتها هي آخر من يحق له التحدث عن الخطر على الأمن والإستقرار الإقليميين، لأنها ـ ببساطة ـ المسبب الحقيقي للأزمات والخلافات والتفرقة وانتشار المجموعات الأرهابية في المنطقة منذ نشوء العصابات الصهيونية في فلسطين حتى "داعش" في العراق وسوريا واليمن وليبيا.

• حميد حلمي زادة

208