من كان يحارب في حلب؟

من كان يحارب في حلب؟
الخميس ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦ - ٠٦:٥٠ بتوقيت غرينتش

يوم الاثنين 19 كانون الاول / ديسمبر الحالي، اقدم ارهابي على قتل 12 شخصا واصابة 48 آخرين بجروح، دهساً بشاحنة اقتحم بها سوقا لهدايا اعياد الميلاد في العاصمة الالمانية برلين، واعلن تنظيم “داعش” التكفيري مسؤوليته عن الهجوم.

العالم - سوريا

هجوم برلين، أعاد الى الاذهان حادث الهجوم الذي وقع في نيس بفرنسا في تموز / يوليو الماضي، عندما قاد رجل تونسي شاحنة على طريق الساحل، ودهس أناسا تجمعوا لمشاهدة عرض بالألعاب النارية في اليوم الوطني فقتل 86 شخصا، وأعلن تنظيم “داعش” مسؤوليته عن الهجوم.
وزارة الداخلية الالمانية ذكرت، استنادا إلى عدد من الأدلة، ان منفذ هجوم برلين هو مواطن تونسي ايضا، واسمه أنيس العامري، كما ظهر من بطاقة هوية مؤقتة لطالب لجوء تعود إليه، عُثر عليها تحت كرسي الشاحنة التي استخدمت لتنفيذ الهجوم.
الشرطة الألمانية اعلنت ان العامري يتواجد على أراضي الاتحاد الأوروبي منذ العام 2012، وعاش في البداية في إيطاليا، ثم وصل في العام 2015 إلى ألمانيا، حيث حصل، في نيسان / أبريل من العام الجاري، على رخصة الإقامة بصفة لاجئ، وسكن في مقاطعة شمال الراين-وستفاليا، حيث أقام اتصالات بشبكة متشددة بقيادة أحمد عبد العزيز عبد الله، كانت تجند مواطنين ألمان للالتحاق بصفوف تنظيم “داعش”.
في نفس اليوم الذي شنت فيه “داعش” هجومها في برلين، كان احد عناصر “جيش الفتح”، الذي تشكل “القاعدة” (جبهة فتح الشام) عمودها الفقري، يطلق النار على السفير الروسي في انقرة اندريه كارلوف، ويرديه قتيلا، بتسهيل ومشاركة من حركة الذئاب الرمادية والحزب الاسلامي التركمنستاني، كما جاء في البيان الذي تبنى فيه “جيش الفتح” عملية الاغتيال.
وجاء في جانب من بيان “جيش الفتح” :”ان هذا (الهجوم) بمثابة ثأر اولي للنساء والاطفال والشيوخ في حلب ولدماء المسلمين في كل بقاع الارض، وبهذا نؤكد بأن خروجنا من حلب او من اي مكان لن يثنينا عن اخذ الثأر لاهلنا، وسنعود بإذن الله فاتحين من دمشق وانقرة وموسكو وبغداد وكل بقاع ارض الاسلام”.
تعمدنا نقل هذه الفقرة المطولة من بيان “جيش الفتح” ، من باب من فمك ادينك، فهذه هي القاعدة تعترف وبلسانها وبوضوح، بان الذين كانوا يقاتلون الجيش السوري في شرق حلب، ويقصفون المواطنين الابرياء في غربي حلب، على مدى سنوات، وبدعم واسناد من الدول الغربية، هم ارهابيو القاعدة والتنظيمات التكفيرية الاخرى، التي كان و مازال الغرب، يصر ويؤكد انهم معارضة “معتدلة” وانهم “ثوار” وانهم “مدنيون عزل”.
الغريب ان الغرب، ورغم هزيمة التكفيريين والارهابيين في شرقي حلب، مازال يضع السيناريو تلو السيناريو من اجل الحيلولة دون هزيمة التكفيريين في عموم سوريا، اثر الضربة الموجعة التي وجهت لهم في حلب، فبعد يومين فقط من هجوم “داعش” في برلين، اعلن مارتين شيفر المتحدث باسم الخارجية الألمانية، “ان الحكومة الألمانية ترى أن تصور التوصل لحل سلمي مع الرئيس السوري بشار الأسد، أصبح أقل مما كان عليه قبل أحداث مدينة حلب، ويبدو أن هناك داخل القيادة السورية اعتقادا بأن السيطرة على حلب هي اللبنة قبل الأخيرة في الانتصار، الا ان من يعتقد ذلك، فهو يخدع نفسه”.
الى جانب ذلك تسعى بريطانيا وفرنسا لدفع مجلس الأمن لحظر بيع أو تزويد الحكومة السورية بطائرات هليكوبتر وإدراج 11 قائدا عسكريا ومسؤولا سوريا على قائمة سوداء للعقوبات، بذريعة استخدام السلطات السورية اسلحة كيماوية خلال الحرب، بينما مازالت روسيا تؤكد انه لا توجد أدلة مادية كافية لاتهام السلطات السورية في قضية الكيمياوي، بل على العكس تماما، تؤكد المصادر السورية والدولية على ان الهجمات بالاسلحة الكيمياوية في سوريا شُنت من قبل الجماعات التكفيرية.
لا نعتقد ان الحكومات الغربية ساذجة الى هذا الحد، عندما تجند كل امكانياتها العسكرية والمادية والسياسية والاعلامية ونفوذها على المستوى الدولي، من اجل اسقاط الحكومة السورية، وهي تعلم علم اليقين ان البديل سيكون الفوضى العارمة، التي لا تعصف بسوريا فحسب، بل بالمنطقة برمتها.
هذا معهد “غيتستون” الألماني للسياسة الدولية، نشر تقريرا يوم الأربعاء 21  كانون الاول / ديسمبر 2016 ، اكد فيه على قيام دول خليجية بتمويل بناء مراكز “دينية” و تدريب خطباء في المانيا، وأشار التقرير الى وجود 10 آلاف متطرف في في المانيا وفقا لتقارير استخباراتية ألمانيه, وأن معظم الرعايا الألمان الذين سافروا إلى سوريا للقتال في صفوف داعش ” أصبحوا متطرفين بواسطة السلفيين الذين يستهدفون الشباب المسلم من ذوي الدخل المنخفض في المدن الألمانية.
وأشار التقرير وبشكل خاص الى جمعية الشيخ عيد آل ثاني الخيرية ورابطة العالم الإسلامي السعودية وجمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية، باعتبارها أكبر مموّلي الجماعات السلفية في ألمانيا.
الملفت ان الغرب يتعمد تجاهل بيانات القاعدة (جبهة النصرة- جبهة فتح الشام)، التي صدرت بعد تحرير حلب، والتي تؤكد على انها خرجت من المدينة وستعود اليها، و”ستفتح” بغداد ودمشق وموسكو، فالغرب مازال يكرر مقولته عن المعارضة “المعتدلة” التي كانت تواجه النظام السوري في حلب، ومازال يصر على ان هناك “مذابح” شهدتها حلب، بينما لا اثر لهذه “المذابح” على ارض الواقع، بل ان هناك وسائل اعلام غربية كشفت عن وجود حملة شرسة لتزييف الحقائق في حلب من اجل تحقيق اغراض سياسية لجهات لم تعد خافية على احد.
لم يكن كشف زيف الهجمة الاعلامية ضد الجيش السوري وحلفائه في حلب، من اختصاص الاعلام الغربي فحسب، بل ان مصر كشفت ايضا عن كذب ودجل ما نشر عن “مذابح” حلب الملفقة، فقبل ايام صرح مسؤول بمركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية المصرية، أنه تم ضبط 5 أشخاص وطفلين كانوا بصدد تصوير مشاهد دموية لتعرض على أنها في مدينة حلب السورية.
وأفاد المسؤول الأمني انه قد تم ضبط المشتبه بهم أثناء قيامهم بافتعال مشهد لطفلة، وتصويرها مرتدية فستانا أبيض، ملوثا باللون الأحمر المشابه للدم، وبيدها ضمّادة ملوثة باللون نفسه، بالإضافة إلى دمية صغيرة ملوثة وممزقة، وتظهر في خلفية المشهد أطلال منزل متهدم سبق وأن صدر بخصوصه قرار هدم في بورسعيد.
واعترف المتهمون بتصويرهم تلك المشاهد لنشرها عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، لإيهام مشاهديها بأن أحداث تلك المشاهد قد وقعت في مدينة حلب بسوريا.
رغم كل ذلك مازالت الحكومات الغربية تصر على استصدار قرارات اممية وممارسة ضغوط دولية، من اجل وقف هزيمة التكفيريين في سوريا، وموقف الغرب هذا ليس نابعا من سذاجة او عدم معرفة، بل جاء من اجل الابقاء على حالة الفوضى التي تضرب باطنابها ربوع المنطقة والاقليم، لسواد عيون ” اسرائيل”، فهذا الغرب يرى خلاص “اسرائيل” في نشر الفوضى، حتى لو ضربت تداعياتها اوروبا نفسها، كما في قضية اللاجئين، وفي قضية الاعمال الارهابية، مادام الهدف حماية “اسرائيل”.

* شفقنا

205