بالعطش جئناكم..!

بالعطش جئناكم..!
الجمعة ٣٠ ديسمبر ٢٠١٦ - ٠٢:١٠ بتوقيت غرينتش

يحرم الاسلام الذي يتشدق به المسلحون ويدعون العمل به، بل ويجرم حرمان البشر من الماء بغض النظر عن دينهم ومذهبهم وعرقهم وميولهم السياسية.

العالم - مقالات وتحليلات


فرسول الإسلام صلى الله عليه وآله قد قال فيما روي عنه: “عذب الله امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض”.

فهذه هرة تدخل بها امرأة النار فكيف بحرمان الملايين من سكان دمشق من الماء؟!

وفي الإسلام أيضا دعوة لسقاية الماء، بل قد تكون أعظم من بناء المساجد، فعن أنس رضي الله عنه، أنه قال: قال سعد: “يا رسول الله، إن أم سعد كانت تحب الصدقة، أفينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: نعم، وعليك بالماء." رواه مسلم.

وكان العرب قبل الإسلام يتباهون بسقاية حجاج بيت الله الحرام.. وقد قال بعض التابعين: من كثرت ذنوبه فعليه بسقي الماء.

وكانت الحروب قبل الاسلام مضبوطة بضوابط وقواعد أولها عدم حرمان العدو من الماء مهما حدث، وعندما اتى الاسلام أبقى على هذه الضوابط، وخير مثال على ذلك غزوة بدر حيث لم يمنع الرسول (صلى الله عليه واله الماء) عن كفار قريش رغم انه كان يتحكم بمصادر الماء حينذاك.

مشروع الماء في عين الفيجة بوادي بردى هو مشروع سوري وطني يغذي الاحياء العاصمة دمشق بماء الشرب، وبلغت كلفة هذا المشروع مبالغ ضخمة وكل ذلك أنجز في وقت كانت تعاني فيه سورية من أزمات اقتصادية خانقة في ثمانينيات القرن الماضي.

ولنعد بالذاكرة إلى الوراء أثناء دراسة المشروع، عندما كان البعض يتهكمون على إمكانية أن تجر الدولة مياه الفيجة الى العاصمة دمشق، وفعلا تم المشروع واصبحت مياه وادي بردى تصل إلى كل بيت في العاصمة.

وبالحديث عن الوقائع فإن مدينة دمشق لا يمكن لها أن تعطش ولا يضغط عليها بالعطش، لأنه رغم أن وادي بردى يزود العاصمة بالماء بنسبة تتراوح بين الـ60 والـ70بالمئة، إلا أنه هناك مصادر رديفة وبديلة، لم تستخدمهما الدولة السورية ومنها الابار الاحتياطية والمياه الجوفية في المدينة ومحيطها، اضافة الى محطات التكرير التي تحتفظ باحتياطيات استراتيجية لتغذية العاصمة.

الارهابيون في وادي بردى إن عمدوا الى اغلاق المياه بشكل كامل، فإن الدولة السورية لن تتكلف رصاصة واحدة لكي تخرجهم من المنطقة، لان هذه المياه ستغرق المنطقة كلها وستخرجهم السيول منها لان من يعرف جغرافية المنطقة يعلم انها واد وقطع الماء يعني غرقها بالكامل خصوصا مع عدم إمكانية تصريف الفائض منها، اضافة الى عدم إمكانية قطع المياه من وادي بردى بشكل كامل حتى لو أرادوا ذلك بسبب قدم المنظومة وشبكة التمديدات.

لم تقطع الدولة السورية الماء عن مدينتي داريا والمعضمية بريف العاصمة رغم قدرتها على ذلك، وتستطيع الدولة قصف محطات توليد الكهرباء في دوما وادلب وغيرها من المؤسسات الحيوية، إلا أنها لم تفعل ولن تفعل..

ولأنها دولة فهي لا تقصف ولا تدمر بنيتها التحتية، لأنها هي التي أنشأتها وتعرف الجهود التي بذلت لتطويرها، إلا أن الارهاب يدمر لأنه لا يعلم قيمة هذه المشاريع العملاقة، وإن عرف فهي لا تقع في دائرة اهتماماته وأولوياته.

إلا أن الارهابيين كان عليهم أن يأخذوا العبرة من إخوانهم في حلب، فقطع الماء عن أهالي المدينة واستعماله كأداة للضغط على الدولة والمدنيين لنحو عاميين لم يحقق لهم أي مكاسب سياسيا وعرى صورتهم الحقيقية أمام الحلبيين ليخرجوا في نهاية المطاف بالطريقة المهينة التي شاهدها العالم.

صمود أهالي حلب في وجه الارهاب وصبرهم على انقطاع الماء، أفشل مشاريع المسلحين وأفضى إلى نهايتهم  فالرهان على صبر الدمشقيين أكبر وفشل المشاريع الإرهابية سيأتي بنتائج أهم على المستوى الوطني.

لم يكتف الإرهابيون من مشاهد الفشل والذل المتلاحقة التي باتت محل تندر وسائل الإعلام ليضيفوا وصمة العار هذه إلى سجلهم المليء بالارتكابات بحق السوريين وهم ما زالوا عاجزين عن فعل شيء يخفف من غضب السوريين عليهم وتخفف دعوات “الشوام” عليهم عند كل وضوء في الصباح والمساء.

استراتيجية بالموت وبالذبح والجوع جئناكم لم تنفع الارهاب في سورية واستراتيجية بالعطش جئناكم ستفشل أيضا على أسوار دمشق.

• ابراهيم شير