بوتين ولعبة الإغواء السياسي تجاه فرنسا

بوتين ولعبة الإغواء السياسي تجاه فرنسا
الثلاثاء ٢٨ مارس ٢٠١٧ - ٠١:٣١ بتوقيت غرينتش

تتفاعل أصداء الزيارة التي قامت بها مرشحة الرئاسة الفرنسية إلى روسيا.. الزيارة التي طرحت العديد من التساؤلات حول مستقبل العلاقات الروسية الفرنسية، والتي يبدو أنها باتت موضع نقاشٍ قُبيل الإنتخابات الفرنسية كما جرت الأمور قُبيل الإنتخابات الأميركية وفي ظل مواقف الرئيس الأميركي الجديد الذي كان مرشحاً آنذاك.

العالم ـ مقالات وتحليلات

ويتوقف المحللون عند الهدف من اللقاء الذي حصل، خصوصاً في وضعٍ ما تزال تعاني فيه روسيا من تهمة التدخل لتغيير الأنظمة الغربية لا سيما النظام الأميركي.. فيما كانت مواقف المسؤولة الفرنسية، أشبه بمواقف من يتبنى الإنفصال عن الإتحاد الأوروبي! فماذا في الأسئلة التي طرحتها الزيارة التي قامت بها ماريان لوبان إلى روسيا؟ وما هي الحقائق التي تتعلق بحجم التقارب السياسي بين المرشحة الفرنسية والكرملين؟

لوبان في روسيا: هل يمكن أن تكون الزيارة بعيدة عن التأثيرات السياسية؟

خرجت العديد من الصحف ووسائل الإعلام الغربية لتطرح علامات إستفهامٍ حول أسرار الزيارة التي أجرتها المرشحة الفرنسية إلى روسيا. وهنا يمكن لحاظ التالي:

أولاً: توقفت العديد من التحليلات عند مسألة أن روسيا ما تزال تقبع تحت اتهامات تتعلق بالتدخل في الإنتخابات الرئاسية الأميركية، حيث ذكرت وسائل الإعلام الروسية، أن الرئيس بوتين أبلغ رئيسة حزب الجبهة الوطنية الفرنسية خلال زيارتها، أن روسيا لا تعتزم التدخل في الإنتخابات الرئاسية الفرنسية، والتي تُعتبر تهمة، سبق أن اتهمتها بها وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية أواخر العام الماضي. في حين أضافت التحليلات أن مجرد الزيارة تُعبِّر عن تناغمٍ بين الطرفين، الأمر الذي سيكون له تأثير سياسي مستقبلاً.

ثانياً: توقفت تحليلات أخرى عند مسألة تتعلق بالجانب الروسي، تتمثل بحقيقة مفادها أنها المرة الأولى التي يستقبل فيها الرئيس الروسي مرشحاً رئاسياً لدولة أخرى في بلاده قبل موعد أجراء الإنتخابات. فيما يمكن الإشارة إلى أن زيارة لوبان إلى روسيا كانت تتضمَّن لقاء مسؤولين روس، دون أن يُطرح لقاء بوتين.

حقائق سياسية حول التقارب بين لوبان والسياسة الروسية

عدة مواقف نادت بها المرشحة الفرنسية، تُثبت ميلها للتقارب مع السياسة الروسية بشكل أكبر من سياسات الإتحاد الأوروبي. وهنا نُشير للتالي:

أولاً: دعت لوبان وخلال حملتها الرئاسية إلى تطوير العلاقات الفرنسية مع روسيا، والقيام بتعزيز التعاون في كافة المجالات لا سيما في مجال مكافحة الإرهاب. وخلال الزيارة الأخيرة، أكدت على ضرورة استرجاع هذه العلاقات الروسية الفرنسية.

ثانياً: لم تُخفِ لوبان المشاعر السياسية المشتركة الموجودة بينها، وبين الرئيسين الأميركي والروسي، لناحية رفضهم لسياسات الإتحاد الأوروبي. وهو ما يُشكل توجهاً جديد ونادراً في الحياة السياسية الأوروبية لا سيما من قِبَل مرشح رئاسي.

ثالثاً: من جهته، لم يُخفِ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأييده الواضح للنهج الذي تقف خلفه لوبان. حيث أشار إلى أنه مُعجب بالنهج الذي تُمثله لوبان، لافتاً إلى أنها تُعبِّر عن مسار متنامي من القوى السياسية الجديدة في أوروبا.

رابعاً: يبدو واضحاً أن الطرفان يتفقان على عدد من السياسات التي تخص الشأن الأوروبي الروسي المشترك، والتي تتعلق بمناهضة الهجرة، ودعم القيم الوطنية ومواجهة العولمة الغربية. فيما يشترك الطرفان في معارضة سياسات الإتحاد الأوروبي.

خامساً: أعلنت لوبان وقوفها بإنحياز إلى الطرف الروسي وليس الأوروبي، فيما يخص الأزمة الأوكرانية. فهي أكدت دائماً أن القرم كانت دائماً روسية. كما تعتبر أن الإتحاد الأوروبي أخطأ في فرضه العقوبات الإقتصادية على روسيا. حيث انعكس ذلك على الإقتصاد الأوروبي بشكل سلبي ودفع روسيا إلى حيازة شبه جزيرة القرم.

سادساً: تُعتبر المرشحة الفرنسية المسؤول الأوروبي الثاني والذي يُطلق تصريحات تتوافق مع السياسة الروسية بالشكل الذي ظهر. حيث سبقتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والتي عاشت أيضاً مرحلة من الغزل السياسي مع الكرملين.

لا شك أن فوز لوبان يعني انضمامها إلى قادةٍ يتقاربون في التوجهات السياسية ويعيشون حالةً من الغزل في التصريحات. وهو ما ينطبق على بريطانيا تيريزا ماي وأميركا دونالد ترامب وروسيا فلاديمير بوتين. في حين يبدو أن سياسة الإغواء السياسي التي يعتمدها الرئيس الروسي ناجحة. وليس من المستبعد أن تكون مسألة السيطرة على قرارات قادة الدول الأهم في العالم، هدفاً لروسيا، كونهم يمثلون المقاعد الأربعة في مجلس الأمن الخاص في الأمم المتحدة، والذين يحق لهم جميعاً استخدام حق الفيتو. لنقول أن بوتين نجح في خرق الوحدة الأوروبية وعبر البوابة البريطانية ثم الفرنسية، كما نجح في أن يكون بطل الإنتخابات الأميركية الأخيرة! فهل سيكون أيضاً بطل الإنتخابات الفرنسية؟!!

المصدر: الوقت

104-3