نارام سرجون : كيف نقل الاعلام الغربي صور مجزرة الراشدين؟؟

نارام سرجون : كيف نقل الاعلام الغربي صور مجزرة الراشدين؟؟
الإثنين ١٧ أبريل ٢٠١٧ - ٠٦:٠٣ بتوقيت غرينتش

لم يدهشنا الاعلام الغربي بنذالته واحتقاره للحياة واحتقاره حتى للمواطن الغربي .. فهو يعامله كمواطن بلاعقل ولا وعي ولايكن له اي احترام .. وهنا يكمن الخلاف الكبير بيننا وبين المعجبين بالشفافية الغربية والديمقراطية الغربية التي تصارح مواطنها بكل شيء كما يزعمون .. وفي أي مثال أخلاقي نجد ان الديمقراطية الغربية لاتظهر أخلاقياتها ولاحرصها على اطلاع مواطنها على مايجري في العالم طالما انه فوضها باتخاذ قرار الوصاية على العالم من باب تمتعها بالتفوق الاخلاقي والحضاري الذي يخولها حق مخاطبة العالم باستعلاء لأنها تتكلم باسم الشعوب التي انتخبتها "ديمقراطيا" ..

العالم - العالم الاسلامي

ولكن مجرد النظر الى طريقة نقل الخبر والصور في خان شيخون والخبر عن مجزرة المدنيين من كفريا والفوعة في الراشدين يكفي كدليل على احتقار المواطن الغربي وعقله ورأيه .. ودليل على أن الرأي العالم الغربي لايعبر عن ديمقراطية طالما أنه لايصل الى الحقيقة .. فالمواطن الغربي حاصرته صور الأطفال في خان شيخون طوال 3 أيام وجرت نقاشات لاتعد ولاتحصى عن مشاعر ايفانكا ترامب وابيها وعن أعراض المصابين الذين اختنقوا بالغاز .. أما مجزرة الراشدين التي قتل فيها أطفال أضعاف ماقتل في خان شيخون واحترقوا وتم شواء أجسادهم الغضة فقد اكتفى الغرب بنقل خبر بارد وصور باردة للباصات وكأن من اصيب في المجزرة هي الباصات وزجاجها الذي يستحق أن نبكي على جراحه وليس أجساد الأطفال الغضة .. بل وقلل من أعداد الضحايا ولم ينقل صورة واحدة واكتفى بنقل الخبر كما لو كان خبرا عن حادث سير ..

ولذلك فان رأينا في ديمقراطية الغرب ليس مشوها وليس سببه الخلاف السياسي ولا الاقتصادي بل الخلاف الأخلاقي الشاسع والحضاري الانساني .. والخلاف على حقيقة ان الحرية لاتصنعها آراء من أكوام الأكاذيب .. الا اذا كانت الحرية ذاتها كتلة من الأكاذيب .. فكيف تكون هناك حرية اذا لم تكن هناك أخلاق ولاتعيش فيها الحقيقة .. فهل تستوي الحضارة مع النفاق الأخلاقي ومع التخشب الحسي لهؤلاء البشر الذين يقودون الشعوب الغربية ؟؟

اليوم ستنام عينا ايفانكا ترامب وعينا أبيها اليوم بسلام واطمئنان .. وستنام عين التوماهوك راضية مرضية وتغط في نوم عميق .. وسيستغرق العالم في نومه المديد بعد ان سهر الليالي وهو يقتلع أشواكا من مقلتيه غرستها فيه الخوذ البيضاء في خان شيخون وفي كل شوكة وجه طفل مات بالغاز .. أما أطفال كفريا والفوعة فانهم خلقوا للموت الصامت .. لن تعزف لهم الموسيقا الحزينة .. ولن يستشيط التوماهوك غضبا ويجول في البحار ويتلوى وهو يبحث عن الثأر والانتقام .. ولن يكتب الشعراء قصائدهم لأن طعم الموت في كفريا والفوعة ليس كطعم الموت في خان شيخون .. ولن يتحفنا شاعر النفط الأسود تميم البرغوثي بقصيدة وتغريدة يقطر منها الشعر الأسود والضمير الأسود والنذالة السوداء عندما ينحاز الشعر الى موت ولايبالي بموت ..

ان أكثر مايؤلمني في هذه السنوات هو أننا خسرنا في الشرق معركة القلوب والعقول بعد أن جهدنا سنوات في محاولة كسب هذه العقول وهذه القلوب .. كم مسحنا قلوب الناس بالرحمة والغفران .. وكم غسلناها بالعطر والنسيان .. ولكن ماأمسكته أصابعنا بعد كل هذا كان قلوبا من خشب .. فكيف صرنا متوحشين وكيف صار هذا الشرق يغص بالمتوحشين بعد أن كان يغص بالأنبياء يوما ؟؟ .. فكيف تمكن البدو الذين يبيعون النفط والغاز من تحويل قلوب الناس في أوطاننا الى أخشاب كما لم يفعل الكلام والكتب المقدسة .. وكيف أنطق النفط الله بالكراهية؟؟ .. فصار البعض يقتل الأطفال عمدا في خان شيخون من أجل صورة يوزعها على العالم كي يستجير بالتوماهوك وبايفانكا ترامب وكي يحظى بشفقة العالم .. وكيف صار بعضنا يستدرج أطفال كفريا والفوعة بنثر الطعام كما تنثر للعصافير الصغيرة البذور لتنقر بعض الطعام كي تطبق عليها الفخاخ المتفجرة .. وكما تستدرج الأسماك الصغيرة في البحر وهي لاتدري انها مقبلة على مذبحة بالديناميت ..

كانت كيمياء القدماء تبحث عن المعدن الخسيس لتحوله الى ذهب .. ولم تفلح كل جهود كيمياء وسيمياء القدماء في اقناع ذرة حديد واحدة لتصبح ذهبا.. ولكن كيمياء النفط والدين وكيمياء الغرب أفلحت في تحوبل المعادن الثمينة الى معادن خسيسة فتحول معدن العقل الى زفت وقار .. وتمكنت كيمياء الاعلام من أن تحيل لحم القلب الى خشب متآكل منخور .. عجبا ماهو هذا السر الذي أحال القلوب الى قطع خشب منخور .. تتشفى بموت أطفال في مدرسة أو تجد في قتل طفل جريح شفاء لما في صدورها ..

كنت يوما أبحث عن كيمياء العقل السلفي الوهابي وعن كيمياء العقل الغربي ولكني لاأريد اليوم الا أن أستخرج من صدر أي مسلح إرهابي يبتهج بقتل الأطفال والجرحى والأسرى قلبه من صدره ومن بين أضلاعه لا كي آكله بل من أجل أن أشرّحه وأتمعن في شرايينه المليئة بالقيح وأجوافه التي تضخ الرمل .. ولاأريد الا أن أحصل على عينة من دماغ سياسي غربي ..لأنني أريد أن أسحق بعضا من ذلك الذهن وأطحنه لأدخله في المختبرات علّي أجد فيه شذوذا أو طفرة قادمة من زمن الديناصورات أو قد أجد فيه حمضا نوويا مشتقا من خلايا الشيطان .. أريد أن أعرف ان كان الحليب الذي رضعه هؤلاء كان نوعا من أنواع الدم .. أو السم ..
 

نارام سرجون / شام تايمز
 

114-2