تشريع جديد في سوريا حول الضريبة على بيع العقارات

تشريع جديد في سوريا حول الضريبة على بيع العقارات
الخميس ٠٤ مايو ٢٠١٧ - ٠٩:١٢ بتوقيت غرينتش

تُعَدُّ مِلْكيّة العقارات من أهم سماتِ الموروثِ الثقافيِّ للشعوب، خاصةً في المناطق التي لم تنقطع فيها الحياة على مر العصور، نظراً لانتمائها إلى حضارات متأصِّلة تاريخيّاً.

هذا إلى أنَّ حقّ مِلْكيّة الماديات، يمنح المواطنين أماناً وطمأنينةً، إضافةً إلى تلبية حاجاتهم الوظيفيّة، كما أنَّ المِلْكيّةَ الخاصة عموماً، والعقاراتِ منها خصوصاً، مصانتان، بموجب أحكام دستور الجمهورية العربية السوريّة. وهذا يقتضي التفكير مليّاً عندما تُتخذ التحضيرات لإصدار أيِّ قانون يتعلّق بالعقارات، نظراً إلى تأثيراته الممكنة، سلباً أو إيجاباً، ذلك على المستويين الاجتماعيّ والاقتصاديّ.

تساؤلات عن القانون

تقوم فكرة التشريع الجديد، على تقدير الأسعار الرائجة، لكلّ أنواع العقارات، لذلك لا بدّ من طرح الأسئلة الآتية:

* هل تتوافر الظروف التي تمكّن، من تحديد القيمة الرائجة، في ظلّ تعقّد آليات التنفيذ، التي تقوم بها لجان عمل عدّة؟

* ما المدة الزمنية التي سيستغرقها عمل هذه اللجان، الذي يتمثل في مسح العقارات بكافة أنواعها وفي كل أنحاء القطر؟

* هل يتمتع أعضاء هذه اللجان بالخبرة اللازمة، مهنيّاً وفنيّاً، لتقييم العقارات بمختلف أنواعها؟

* كيف يمكن تقدير السعر الرائج -ولو لمدّة قصيرة-في ظل تذبذب سعر صرف الليرة السورية؟

* هل لهذه اللجان القدرة على الوصول لكافة المناطق في القطر لتقييمها، أو أنها ستعمل على مبدأ المتاح فقط، وبالتالي ستقع في مشكلة عدم العدالة الضريبية للمكلفين، فلا يمكن وبذريعة تحسين موارد الدولة تطبيق القانون على جزء من الناس وإهمال الجزء الآخر؟

* كيف يمكن لهذه اللجان تحديد تأثير الحرب في قيمة العقارات، رغم كونه-في الحقيقة-تأثيراً مؤقتاً، سيزول بزوال السبب؟ فكما هو معروف ارتفعت أسعار العقارات بشكل كبير جداً في مناطق معينة، لكونها مناطق آمنة فقط. وانخفضت أسعار الكثير من العقارات في مناطق تُعدّ راقية جدّاً وذات مواصفات فنية عالية (حلب)، لكونها تقع ضمن مناطق ساخنة فقط!

* هل من العدالة إعادة تقييم العقارات في ظل الحالة التي تمر بها البلاد، والتي أثرت بشكل كبير في القطاع العقاري: حيث إنَّ الحالة الفنية للكثير من العقارات (حتى في المناطق الآمنة) قد تراجعت بشكل كبير، نتيجة الأعمال العسكرية أو التخريب الممنهج الذي تعرضت له، من قِبَلِ المجموعات المسلحة وهي في الحقيقة مدن كاملة (داريا-الوعر-....) والسؤال: هل سيتم تقييم العقارات تامة البناء أم على الهيكل؟

التأثيرات السلبية للقانون

يمكن إجمال التأثيرات السلبية الكبيرة لهذا القانون بما يلي:

-إنَّ الحديثَ عن طرح المشروع الجديد -في ظلِّ سعي الدولة لحل مشكلة السكن المتفاقمة-يعطي انطباعاً بأن هناك تناقضاً بين سعي الدولة لحل هذه المشكلة ونتيجة المشروع المتمثلة في تثبيت أسعار العقارات، عند المستويات العالية التي وصلت إليها. وإن تثبيت أسعار العقارات عند حدودها الحالية سيؤثر سلباً وبشكل كبير في معدلات التضخم، وبالتالي على مستوى معيشة المواطن، التي تقف أصلاً عند مستويات صعبة جداً وحرجة. فما تبريرات الحكومة لمثل هذه المعدلات، مقارنةً بالفائدة المرجوة من التقييم؟

-سيرفع هذا القانون كلفة مدخلات مرحلة إعادة الاعمار.

-سيُنعش تجارة العقارات غير النظامية.

-سيبقى تاجر العقارات خارج إطار التكليف الضريبي.

المقترحات

يجدر بالحكومة عموماً، وبوزارة المالية خصوصاً، البحث عن حل لزيادة الإيرادات من القطاع العقاري، بشكل تتجنبان فيه أي تأثيرات سلبية، وهنا يمكن تقديم المقترحات التالية:

-فرض رسوم مدروسة ومعقولة على بيع العقارات السكنية والأراضي خارج التنظيم، على شكل مبالغ مقطوعة متدرجة حسب موقع العقار، مع الحفاظ على رسم معيّن كحد أدنى.

--تشكيل لجان مالية تخصصية لتقدير القيم الفعلية للعقارات التجارية، عند البيع واستيفاء الضريبة عليها، وفق أحكام قانون الدخل النافذ، لأنَّ مفهومي العقار السكني والعقار التجاري مختلفان تماماً.

-يجدر بوزارة المالية أن تتعامل مع مهنة تجارة العقارات كغيرها من المهن التي تحقق أرباحاً، وبالتالي ينبغي أن يُكلّف العاملون في هذه المهنة نفسها بدفع الضريبة، لا أن تفرض ضريبة على بيع العقارات السكنية، وهي أساساً عملية لا تخضع للضريبة.

يُعدُّ كلُّ هذا ممكناً شريطة الاستناد إلى تشريع واضح وعادل وشفاف، ولن يلقى معارضة، وسيوفر إيرادات منسجمة مع أحكام القانون والدستور.

المصدر: مركز دمشق للأبحاث والدراسات - مداد

4

كلمات دليلية :