أمريكا والتهرب من قراءة رسائل الإنتخابات الإيرانية

أمريكا والتهرب من قراءة رسائل الإنتخابات الإيرانية
الأحد ٢١ مايو ٢٠١٧ - ٠٧:٣٣ بتوقيت غرينتش

استوقفتني جملة قالها وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في مؤتمره الصحفي مع نظيره السعودي في الرياض على هامش زيارة الرئيس الامريكي الى السعودية، وكشفت عن المنطق الامريكي الاهوج وازدواجية المعايير التي تتعامل بها امريكا مع العالم دون ان تستشعر شيئاً من خجل او حياء.

العالم - مقالات

الوزير الامريكي تيلرسون قال في ذلك المؤتمر الصحفي وتعليقا على فوز الرئيس روحاني بولاية رئاسية جديدة ان على روحاني "استعادة حقوق الإنسان للشعب الإيراني"، معتبرا ما قاله شرطا من الشروط التي يجب على الرئيس الايراني تنفيذها اذا كان يرغب في تغيير علاقة إيران مع بقية العالم.
الاسباب التي دعتني ان توقف امام ما قاله تيلرسون عن دفاعه عن حقوق الانسان في ايران كثيرة منها انها قيلت في بلد لا نعتقد ان تيلرسون كان مصيبا في اختياره ليكون منبرا للدفاع عن حقوق الانسان، ثانيا ان الرئيس الذي خاطبه تيلرسون انتخب في انتخابات نزيهة وديمقراطية شارك فيها اكثر من 41 مليون ناخب، وحصل على اكثر من 23 مليون صوت، اي بنسبة 57 بالمائة، وهي مشاركة اذهلت العالم اجمع.
الرئيس الايراني الذي خاطبه تيلرسون من السعودية بشأن حقوق الانسان، قال في البيان الذي تلاه بعد اعلان فوزه بالنص :"ان ايران اليوم باتت اكثر تألقا من اي وقت مضي وهي مستعدة في اطار الاحترام المتبادل والمصالح الوطنية لتطوير علاقاتها مع العالم.. ان العالم  باسره تلقي اليوم رسالة من الشعب الايراني الذي اختار نهجه بعيدا عن العنف والتطرف للتعامل مع الجميع.. ان الشعب يرغب في العيش بسلام ومودة مع العالم لكنه في الوقت نفسه لا يرضي بالذل والتهديد".
الرئيس الايراني حسن روحاني الذي خاطبه تيلرسون بتلك الصيغة المتغطرسة، حصل على نحو 6 ملايين صوت اكثر مما حصل عليها في الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2013، في تاكيد على شعبيته بين الايرانيين، بينما رئيس تيلرسون، دونالد ترامب لم يكمل بعد المائة يوم من وصوله الى البيت الابيض حتى كشفت استطلاعات الراي الامريكية عن تدني شعبيته الى مستوى قياسي بالنسبة لرئيس أميركي على مدى نصف قرن، بسبب خطابه الاهوج وسلوكه غير المتزن، الامر الذي دعا علماء نفس امريكيين الی التحذير من أن ترامب يعاني من اضطرابات نفسية حادة وخطيرة على المجتمع، ويعاني من الشك المرضي، وميل نحو الهلوسة، ورأوا أن واجبهم الأخلاقي يفرض عليهم "إبلاغ المجتمع عن حالة ترامب الذي يمكن بسبب قراراته أن تتعرض البلاد للخطر".
تيلرسون الذي خاطب الرئيس روحاني بتلك النبرة المتعالية، يتولى مسؤولية بلد يعتبر الاول في المنطقة والعالم يتصدى للجماعات الارهابية التكفيرية وعلى راسها "داعش" و"النصرة" في العراق وسوريا بشهادة حكومتي هذين البلدين، وقدم الالاف من الشهداء والجرحى للدفاع عن الشعبين العراقي والسوري، بينما البلد الذي يقود دبلوماسيته تيلرسون، كان وراء صناعة هذه المجاميع الارهابية بشهادة كبار المسؤولين الامريكيين انفسهم وعلى راسهم هيلاري كلينتون.
الامريكيون لم يكتفوا بصناعة هذه المجاميع الارهابية التكفيرية بل ما زالوا يمدونها بكل اسباب القوة من سلاح وتدريب ومال، كما يقومون بالدفاع عنها ويحاولون دون اي تنسيق بين الجيشين العراقي والسوري بهدف القضاء على الارهاببين الدواعش والنصرة في سوريا والعراق، بالرغم من اعلانها كذبا وزورا تشكيبل تحالف دولي لمحاربة "داعش"، وآخر الادلة على كذب امريكا المجزرة البشعة التي ارتكبتها الطائرات الامريكية باستهداف رتل عسكري للجيش السوري والقوى المتحالفة معه قبل وصوله الى منطقة "التنف" على الحدود مع العراق، بهدف منع اي تنسيق بين العراق وسوريا ولانقاذ مسلحي جماعة النصرة الارهابية فرع القاعدة في سوريا.
في الوقت الذي رحب قادة العالم بالثقة التي اولاها الشعب الايراني مرة اخرى بالرئيس روحاني بعد نجاحه في التوصل الى الاتفاق النووي مع القوى الكبرى في العالم من خلال الدبلوماسية والحوار بعيدا عن التهديد والوعيد والحروب والعدوان، نسمع في المقابل انباء تتوالى من واشنطن عن تدابير احترازية يتخذها مستشارون حقوقيون في البيت الأبيض ضد عملية عزل محتملة لترامب، بسبب فضيحة اتصال فريقه الانتخابي بالروس وتاثير ذلك على هزيمة منافسته هيلاري كليتون في الانتخابات الرئاسية.
العالم وقف احتراما للديمقراطية الايرانية، التي صنعها الشعب الايراني برجاله ونسائه في يوم 19 من ايار / مايو، وكان السلام ونبذ العنف ورفض التدخل في شؤون الاخرين، من اهم رسائلها، رسائل كتبها اكثر من 41 مليون مواطن ايراني، بحروف واضحة سهلة القراءة، الا ان الكابوي الامريكي مازال يتهرب من قراءتها لا لجهل فيه بل لوقاحة جُبل عليها.

* شفقنا

 

205