مستقبل الأمن السياسي العراقي بين يدي الحشد الشعبي

مستقبل الأمن السياسي العراقي بين يدي الحشد الشعبي
الجمعة ٢٦ مايو ٢٠١٧ - ١١:٣٢ بتوقيت غرينتش

واجهت الخطة الأمريكية لإقامة منطقة عازلة على الحدود السورية العراقية رفضا من قبل الحكومة العراقية لما فيها من آثار سلبية على أمن العراق وتعارضها الاستراتيجي مع محور المقاومة، وفي هذا الصدد كان لوجود قوات الحشد الشعبي على الحدود العراقية السورية الدور الأكبر في احباط المخطط الأمريكي.

العالم ـ مقالات

بعد أن تولى دونالد ترامب السلطة في أمريكا، أصبح موضوع إقامة المناطق الآمنة في سوريا من أهم المواضيع التي تنال اهتمام المحللين والسياسيين. وتعزز ذلك بصورة خاصة بعد اجتماع آستانة 4 وبعد اتفاق روسيا، إيران وتركيا على إقامة "مناطق خفض التوتر"، مما زاد اهتمام أمريكا وحلفائها بإقامة المناطق الآمنة. وفي هذا الصدد تعد الحدود العراقية السورية أحد المواقع التي تطالب أمريكا بإقامة مناطق آمنة فيها.

حيث يهدف الأمريكان الى إقامة منطقة آمنة في محافظة الحسكة والى جوار الحدود الغربية للعراق وتهدف هذه المنطقة في الدرجة الأولى الى حماية الأكراد السوريين الذين يلعبون دور الحليف الرئيس لواشنطن في المعادلات الميدانية بسوريا. وقد تعرضت هذه الخطة في الآونة الأخيرة الى انتقادات شديدة من قبل المسؤولين العراقيين. ويرى كثيرون أن إقامة هذه المنطقة سيؤدي عمليا الى سيطرة أمريكا على الشريط الشرقي لسوريا وغرب العراق ووضعه ضمن النفوذ الأمريكي.

بالإضافة الى رفض الحكومة المركزية العراقية للخطة الأمريكية، فإن الحشد الشعبي العراقي يعد من القوات التي قد تلعب دورا كبيرا في احباط الخطة الأمريكية لإقامة مناطق آمنة عند الحدود الغربية للعراق. وفي هذا الصدد، شهدنا في الأيام الماضية جدية قوات الحشد الشعبي العراقي في تحرير منطقة "القيروان" الواقعة غرب محافظة نينوى، ضمن عمليات "محمد رسول الله2". ويمكن تحليل الأهداف التي تنوي القوات العراقية تحقيقها من خلال احباط المخطط الأمريكي لاقامة مناطق آمنة عند الحدود الغربية للعراق كما يلي:

1- منع دخول العناصر المتطرفة والارهابية إلى العراق عبر الحدود السورية

تعد الأزمة السورية من الأسباب الرئيسية لانعدام الأمن في العراق وتعرضه لأزمات أمنية وبصورة خاصة منذ انطلاق إرهابيي تنظيم داعش من الأراضي السورية نحو العراق في عام 2014، مما أدى الى خروج مساحات شاسعة من الأراضي العراقية عن سيطرة الحكومة المركزية. إن سيطرة تنظيم داعش على الحدود العراقية السورية، تمنح التنظيم الإرهابية القدرة على المناورة ونقل معداته وقواته من سوريا الى العراق. ومن هذا المنطلق يعد قطع هذا الطريق بين الجانبين والسيطرة على الحدود الغربية للعراق من أهداف قوات الحشد الشعبي في العمليات التي يشنها ضد تنظيم داعش في العراق. ومن هذا المنطلق تتعارض الخطة الأمريكية الرامية الى إقامة منطقة آمنة عند الحدود العراقية مع الاستراتيجية التي يتبعها الحشد الشعبي. وفي هذا الصدد، أعلن القيادي في الحشد الشعبي، وأحد أعضاء مجلس النواب العراقي، فالح الخزعلي، أن قوات فصيل "كتائب سيد الشهداء" تعرضت لقصف من قبل الطائرات الأمريكية خلال تطهيرها منطقة "الشحمة" السورية الواقعة على مسافة 40 كلم من الحدود العراقية، لافتا الى أن هدف الفصيل من تطهير المنطقة من الإرهابيين هو منعهم هؤلاء من الانتقال للقتال الى جانب الإرهابيين في الموصل.

2- منع تطبيق السياسات الأمريكية في منطقة غرب آسيا

مع استلام دونالد ترامب السلطة في الولايات المتحدة الأمريكية، تصاعدت مساعي الأخيرة الى اسقاط الحكومات المستقلة والشعبية في سوريا والعراق وتنصيب حكومات موالية لها بهدف الحد من نفوذ إيران وعمقها الاستراتيجي بوصفها حاملة لواء محور المقاومة في المنطقة، فيما يعمل الحشد الشعبي الذي تأسس وفقا لفتوى الجهاد الصادرة من المرجعية الشيعية في العراق، لتحقيق أهداف تتناقض مع الخطة الأمريكية، ويعمل الحشد الشعبي على تعزيز محور المقاومة من إيران الى سوريا مرورا بالعراق. وبالنظر الى أن إقامة واشنطن مناطق عازلة عند الحدود العراقية السورية يهدف الى قطع الاتصال بين بغداد ودمشق، فإن الحشد الشعبي عزز مواقعه على امتداد الحدود الغربية لمحافظة نينوى من أجل الحيلولة دون تنفيذ الخطة الأمريكية.

3- الحد من مخاطر انتشار القوات الأمريكية عند الحدود الغربية للعراق

إن انتشار قوات الائتلاف الغربي أو المسلحين المدعومین غربيا عند الحدود الغربية للعراق قد يؤدي الى تعرض العراق لمخاطر حقيقة، ويمكن لانتشار الحشد الشعبي في هذه المناطق أن يحد من المخاطر المترتبة على ذلك.

بصورة عامة يمكن القول إن الحكومة المركزية العراقية عارضت الخطة الأمريكية لإقامة منطقة آمنة عند الحدود العراقية السورية بسبب الآثار السلبية التي قد يتعرض لها الأمن العراقي بسبب ذلك، وفي غمار هذه المواجهة، يقع الدور الأكبر لمنع تنفيذ الخطة الأمريكية على عاتق الحشد الشعبي العراقي.

* الوقت

210