انقلاب مكة الأبيض .. دولة سعودية رابعة أو العودة للدرعية

انقلاب مكة الأبيض .. دولة سعودية رابعة أو العودة للدرعية
الخميس ٢٢ يونيو ٢٠١٧ - ٠٧:٤٤ بتوقيت غرينتش

هل ازفت ساعة رحيل العائلة الملكية السعودية كلياً، ام حان اعلان دولة الخلافة الداعشية الاقليمية البديل!؟

منذ الانقلاب السلماني السديري على ارث الملك السابق عبد الله والحرب الباردة نشطة على قدم وساق بين ما اصطلح عليه وقتها بصراع المحمدين
محمد بن نايف مدعوما بالمخابرات المركزية الامريكية والدولة العميقة في واشنطن ومحمد بن سلمان مدعوما من فريق ترامب الذي حصل على تمويل نشط لحملته الانتخابية مقابل ايصاله الى عرش المملكة رويداً رويداً.. بقرارات الملك الاخيرة تكون الحرب الباردة التي كانت مستعرة بين الاجهزة الامريكية والسعودية قد وصلت الى مآلاتها ورست عند اعتاب عرش بن سلمان بانقلاب مخملي ابيض تتواصل فصوله ويتم الاعلان عنها بالتقسيط…
هي الحرب التي طال النزاع فيها على السياسات والصلاحيات منذ أن عُيّن سلمان ملكا ثم قام هو بعزل مقرن ومن ثم التدرج في سحب الصلاحيات والبساط من تحت ارجل بن نايف الى أن جاء يوم الحسم المطلوب..

لم نخطئ في قراءتنا للمشهد منذ اليوم الاول و معنا كثير من المراقبين ممن تحدثوا قبل أكثر من شهر عن ذلك ايضا ، حينما تنبأنا بانتقال الحكم السعودي لأبناء الملك سلمان بن عبد العزيز بدلا من أبناء عبد العزيز (إخوة الملك سلمان وأبناؤهم)، وقلنا ان المسأله مسألة وقت ليس إلا، وها هي تظهر أهم إشارات الانتقال المذكور، بإعفاء الملك للأمير محمد بن نايف من منصبه كوليّ للعهد وتعيين محمد بن سلمان (ولي ولي العهد سابقا) بدلا منه.

كانوا ينتظرون لحظة الموائمة الدولية المناسبة وخصوصا من الخليفه الامريكي دونالد ترامب طبعا ذلك بعد ان تحولت السعودية الى مشيخة اداة لأمريكا على ان يتم تغطية ذلك بارضاء حكم صبيان المملكة الجدد لشهواتهم وهوسهم الداخلي او الخارجي من خلال آلية” ادفع بالتي هي احسن” للمعتوه الأمريكي لارضائه مقابل حماية عرش تتقاذفه الصراعات والاهم من ذلك اعلان اسرائيل الهاً جديدا في الجزيرة العربية اعتمادا على نظام الاسلام الامريكي الذي تكرّس في قمة الرياض الاخيرة…

وهذا ما حصل بالضبط في الساعات الماضية ما دفع بعض الدول الأوربية تتفاجأ من هذا النوع من السريان السلس لالية المال مقابل الحماية ما اثار شهيتها كثيرا…

من المعلوم ان الأوامر الملكية الانقلابية تم تعمية صورتها التآمرية لتظهر وكانها تحولا اداريا عادياً من خلال جعلها تشمل “تعيين كل من الأمير بندر بن خالد بن فيصل بن عبدالعزيز مستشاراً بالديوان الملكي بمرتبة وزير، وتعيين الأمير بندر بن فيصل بن بندر بن عبد العزيز مساعدا لرئيس الاستخبارات العامة بالمرتبة الممتازة”.

بالإضافة إلى “تعيين الأمير عبد العزيز بن تركي بن فيصل بن عبد العزيز نائبا لرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة بالمرتبة الممتازة، وتعيين أحمد بن محمد السالم نائباً لوزير الداخلية بمرتبة وزير وإعفاء ناصر الداود من منصبه وتعيينه وكيلا لوزارة الداخلية بمرتبة وزير”.

وكذلك “اعفاء؛ عبدالرحمن بن علي الربيعان نائب وزير الداخلية من منصبه؛ وتعيينه مستشاراً بالديوان الملكي بمرتبة وزير”.

وتاتي هذه القرارات الملكية السعودية في وقت تشهد فيه منطقة الخليج الفارسي ازمة كبيرة على خلفية قيام السعودية ومعها الامارات والبحرين بجانب مصر بقطع علاقاتها مع قطر وفرض عقوبات عليها.

مراقبوات يقولون بأن محمد بن سلمان قصد بذلك تمهيدا لهذا الأمر الواقع الجديد ذلك بانه بقطع علاقاته مع قطر وفرض عقوبات عليها ومحاصرتها يكون قد ألقم الأمراء حجرا اذ ان من يستطيع عزل قطر ويستطيع تشكيل اجماع خليجي عليها ودعم امريكي ولو ظاهري واولي فانه قادر على فعل ما هو شبيه له في الداخل بل واكثر …!

التوقعات مفتوحة كما يقول متابعون
فكلمة ابن نايف لإبن سلمان كما ظهرت على التلفزيون الرسمي السعودي خطيرة جداً لمن يعرف من هو ابن نايف عندما قال له : “أنا الان برتاح وأنت الله يعينك..”

فابن نايف رجل خبيث وماكر وليس سهلا ما قاله وكلمته لم تنطلق عبثا بل هي ضربة في الصميم للصبي الطارئ على السلطة ما سيجعل بن سلمان يتحير في تفسيرها..

وارتياح بن نايف سوف يترجم كما يعتقد الخبراء والمطلعون بأنه سيغادر السعودية مع ملياراته التي قبضها وتلك التي ورثها من ابيه ليقيم بين لندن وباريس وغيرها من العواصم والبلدات مثل محمد بن فهد طبعا ، وعنده الخيارات الكثيرة والكبيرة تاركاً بن سلمان يضرب اخماساً باسداس عن مستقبل خطوات الن عمه ضده…

وبن نايف هذا لن يكون مثل حمد ابو تميم بتاع قطر ولا الثاني حمد بن جاسم عايشين هكذا في الخارج… ذلك ان ابن نايف يعرف تماماً الخراب الذي يعم المملكة بسبب الغلام ابن سلمان وانه لن يستطيع أن يمسك بالزمام كما يجب وان مصير المملكة كله صار في مهب الرياح بسبب عنجهية الحاكم المراهق ودخوله في اكثر من صراع ونزاع في الداخل كما في الخارج.

واما الجزء الثاني من كلمته وهي : قوله له الله يعينك.. المطلعون يكادون يجزمون بان ابن نايف سوف يشغّل جنوده الارهابيين على بن سلمان لإشغاله وتشتيت جهوده عن تثبيت الحكم بتفجيرات واغتيالات متعددة الاشكال بادوات دواعشية وارهابية اخرى عديدة وهو الضليع بدوائر الدولة العميقة وهو المعروف بانه كان وراء محاولات اغتيال عديدة لامراء معارضين له ايام الملك عبدالله من خلال تحريك الخلايا النائمة التابعة له وما اكثرها ..

– ولكن لننتظر اولا بعض الوقت أيام او اكثر ويتنحى الملك سلمان بحجة عجزه ومرضه ويبحث له عن أعذار لصالح ابنه قبل أن يموت وهذه سوف تأتي بسرعه والوقت لن يطول

– طبعا يجمع المتابعون بان بن نايف لم يخرج من اللعبة بسهوله الا بعدما ضمن اموال وضمن أن بن سلمان لن يدوم في عرشه طويلا..

كما ان ابن نايف لم يتنازل عملياً بشكل نهائي عن حقيبة ابيه اي الداخلية (صقور نايف) وإن تم الحد من سلطاتها وتقليص المهام فيها الا انه لم يتركها لأي أحد كان بل تنازل عنها لإبن أخيه عبدالعزيز بن سعود بن نايف …

على العموم الأيام كفيلة بذلك لا نستعجل والله يمحو ما يشاء وعنده ام الكتاب كما يقول العارفون من اهل الداخل ويضيفون بانهم لا يتمنون لبلدهم الا الخير لكنهم ينتظرون معلومات اضافية سوف تتسرب في الايام المقبلة عن مزيد من صراع الاجنحة، داخل العائلة الحاكمة…

يظل سؤال يطرح نفسه في هذه الاثناء أي دور ظلّ لهيئة البيعة التي يتشدقون بها ويدفعون بها الى الواجهة مع كل انقلاب جديد، و في وسط الاستعدادات لصعود أمير من الجيل الثاني للعرش لأول مرّة في تاريخ المملكة وتحفّظ عشرات الأمراء من أصحاب النفوذ أو التأثير على القرارات الملكية الأخيرة!؟

الذين يعرفون تاريخ المملكة وصانع الملوك فيها يشيرون باصابعهم من جديد الى رجل الظل الشهير خالد التويجري الذي لم يختف من المشهد كما كان يشاع ، بل ها هو جالس يدير الأمور من غير ظهور، وأبرز أذرعه وأصابعه متغلغلة ومطوقة لبن سلمان و هي من ترسم له سياساته وجميع تحركاته…

نعم اختفى التويجري كما اختفى بقية عناصر الدولة العميقة عقب موت الملك عبدالله لبعض الوقت ، لكنهم سرعان ما عادوا بقوة بعد أن كسبوا بن سلمان وتبنوا مشروع إيصاله إلى الحكم..

وأغلب من يعتمد عليهم ابن سلمان اليوم ، هم أساسا أذرع لخالد التويجري وخدمه، خذوا مثلا: عادل فقيه، سعود القحطاني، سلمان الأنصاري، تركي الدخيل، وغيرهم…

فعلى الرغم ما في بن سلمان من هوج وتهور وعناد وانفتاح على إسرائيل إلا أن دولة خالد التويجري “أقذر منه وأذرعها متصلة بإكثر المؤسسات العالمية إجراما” كما يعبر متابعون لصيقون بالعائلة الحاكمة ويقولون بانهم سيقضون على هيئة البيعة بشكل كامل قريباً…

واما “هيئة البيعة” التي اخبارها بالتضارب يتناقلون، فمنذ إنشائها عام 2006، لم تكن هيئة البيعة بعيدة عن التطورات العاصفة داخل العائلة المالكة، لكن دورها بقي هامشيا، ولم يتجاوز المصادقة على قرارات الملوك ومباركتها. ليأتي انقلاب سلمان الثالث على الهيئة كمؤشر على موتها سريريا، كما يؤكد المتابعون ..

وهي لم تلعب اي هيئة البيعة أي دور فاعل منذ انشائها في اكتوبر 2006 على يد الملك عبدالله. وشهدت تجاوزات عدة كانت أولها على يد مؤسسها بعد سنتين من تشكيلها عندما عيّن عبدالله أخاه نايف بن عبد العزيز، كنائب ثان لرئيس مجلس الوزراء من دور استشارة هيئة البيعة.

امتحان آخر كان أمام الهيئة عام 2011 مع وفاة ولي العهد سلطان، حيث أصدر الملك عبد الله حينها قرارًا ملكيًا عين بموجبه نايف وليًا للعهد معلنا عن مبايعة الهيئة له.

ومع استمرار الجدل حول تفعيل صلاحيات هيئة البيعة، كان التجاوز الثاني لعبدالله عام 2012 بعد وفاة نايف. حينها، عين أخاه سلمان، وليّا للعهد دون احترام ما أقرّه بنفسه في نظام البيعة.و لم تدع الهيئة للاجتماع للتشاور حول هذا التعيين، ما دفع الأمير طلال إلى الاستقالة من الهيئة بعد وفاة الملك عبد الله.. عمل الملك سلمان على تهميش دور هيئة البيعة وتجاوزها بقرارات عدة. أولى هذه القرارات كانت بعد ساعات من إعلان وفاة الملك عبد الله.

حينها، أصدر سلمان قرارات وصفت بالانقلاب وأطاحت بهياكل سلفه، وذلك بإصداره لأكثر من 30 أمرًا ملكيًا دفعة واحدة.

بعدها بأربعة أشهر، أصدر سلمان أمرا ملكيا تم بموجبه تعيين محمد بن نايف وليًّا للعهد بعد إعفاء مقرن، في قرار وصف بالإنقلاب على أمر سلفه عبد الله الذي نصّ سابقًا أن أمر تعيين شقيقه مقرن “لا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله أو تبديله”، في قرار عدّ الإنقلاب الثاني لسلمان مستغلا الهيئة كعنوان لتمرير قراراته من دون احترام لنظامها وإجراءات عملها، عين سلمان نجله محمد بمنصب ولي ولي العهد بمجرّد حصول “الاطلاع” على موافقة “الغالبية العظمى” لأعضاء هيئة البيعة.

واليوم، يأتي الإنقلاب الثالث بالإطاحة بمحمد بن نايف كولي للعهد وتعيين نجله محمد بدلا عنه ويصبح اليوم الذي انجز فيه سلمان انقلابه الثالث بتعين ولده وليا لعهده ولم يبق الا ان يتنازل له عن العرش وهو ما سيتم قريباً عندما يحدد الخليفة ترامب ساعة الاعلان عن اكتمال اعلان الدولة السعودية الرابعة…

وهكذا يكون اقترب انكسار قرن الشيطان ذلك ان مثل هذا الاعتلاء المحفوف للمخاطر لابن سلمان لن يطول قبل ان يتحول الى صراعات عنيفة تنهي تاريخ العائلة الحاكمة وتعبدها الى الدرعية من جديد بخفي حنين والنظار تشخص لليمن …!

والايام بيننا ستكون خير برهان..

ثمة من يؤكد قرب ظهور تداعيات خطيرة على الفصل الجديد من انقلابات العائلة السعودية الحاكمة ليس اقلها من تقهقر عاصفة الحزم عن صدر اليمنيين المظلومين، وتحولات دراماتيكية على مستوى الحروب الوحشية بالوكالة على كل من سورية والعراق ترسم نهاية داعش واخواتها وصعود محور المقاومة الى عرش الاقليم لاعبا دولياً اساسياً بامتياز…

وما ذلك على الله بعزيز

 

شبكة باب المغاربة للدراسات الاستراتيجية : محمد صادق الحسيني

 

112