جهاد مقدسي و"السيناريو القذر" الذي يُعد لسوريا

جهاد مقدسي و
الثلاثاء ٢٧ يونيو ٢٠١٧ - ٠٨:١٢ بتوقيت غرينتش

اُنفقت مليارات الدولارات من قبل الدول العربية الغنية التي كانت تقف وراء الأزمة التي تشهدها سوريا منذ عام 2011، من اجل تحريض المسؤولين السوريين، سياسيين وعسكريين ودبلوماسيين وعلاميين وحتى فنانين، على الانشقاق عن النظام لإعطاء وجه شعبي للحراك المشبوه الذي شهدته سوريا قبل اكثر سبع سنوات.

العالم - مقالات

مصادر غربية ذكرت ان هذه الدول قامت بتقديم كل الاغراءات من اموال وامكانيات ضخمة لشخصيات سورية محسوبة على النظام، واتصلت بكل اعضاء السلك الدبلوماسي السوري في جميع انحاء العالم، من اجل اقناع من تستطيع اقناعهم لاعلان انشقاقهم عن النظام ومن ثم الانضمام الى “الثورة”، الا ان جهود هذه الدول لم تسفر الا عن انشقاق بعض الاشخاص الذين يعدون على الاصابع، واقامت الامبراطوريات الاعلامية التابعة لتلك الدول احتفاليات ضخمة حول هذه الانشقاقات، واعتبرتها بداية لانهيار النظام.
الاغراءات التي قدمتها الدول الغنية للمسؤولين السوريين، كانت تتضاعف كثيرا في حال كان هذه المسؤول عسكريا، ولكن من سوء حظ هذه الدول، كان فشلها مدويا في الاتصال مع القيادات العسكرية للجيش السوري، الذي اثبت خلال السنوات السبع الماضية، انه من اكثر جيوش المنطقة تماسكا وقوة، رغم كل الهجمة التي تعرض لها والضغوطات الهائلة التي مورست ضده.
رغم كل المليارات التي انفقت لضرب الحكومة السورية والجيش السوري، الا ان الدول التي كانت تقف وراء هذا الانفاق الهائل، لم تحقق أيا من اهدافها فحسب، بل حتى الشخصيات القليلة التي تمكنت من اغرائها والايقاع بها اخذت تنشق بدورها عن “المعارضة” التي صنعتها تلك الدول بالمال والاغراءات، بعد ان تبين لهذه الشخصيات حجم المخطط الجهنمي الذي يُنفذ ضد سوريا كوجود، وكذلك بعد ان تبين لها ان كل ما كانت تقوله الدول التي اصطنعت “الثورة” السورية، ليس سوى سراب، وان الحكومة السورية اخذت تبسط سيطرتها على المزيد من الاراضي التي اغتصبتها العصابات التكفيرية، وان الميزان مال وبشكل كبير لصالح الجيش والشعب السوري، وهذه الحقيقة دفعت ايضا اكثر الدول الاوروبية صقورية من الملف السوري وهي فرنسا، الى التراجع والاعلان صراحة ان المعارضات السورية بمختلف توجهاتها لا تشكل اي مرجعية يمكن الاعتماد عليها لحكم سوريا، وانها اي فرنسا، لم تعد تشترط رحيل الاسد من اجل حل الازمة السورية.

اخر الشخصيات التي انشقت عن “المعارضة السورية”، والتي اقامت وسائل الاعلام التابعة للدول التي اخترعت “الثورة السورية” الدنيا ولم تقعدها عندما اعلنت انشقاقها عن الحكومة السورية وانضامها الى “المعارضة”، هي جهاد مقدسي رئيس منصة القاهرة المعارضة والناطق الرسمي السابق باسم الخارجية السورية، الذي فجر مع اعلان انشقاقه من المعارضة قنبلة، اصابت شظاياها المقدسي نفسه و”المعارضة السورية” على مختلف الوانها.
مقدسي وفي بيان نشره على صفحته الشخصية على موقع فيسبوك، أكد ابتعاده عن العمل السياسي متمنياً التوفيق للجميع، مبرراً قراره بأنه لأسباب تتعلق بظروف العمل والحياة التي لطالما حكمت الظروف الشخصية وان قراره لم يكن سهلاً أبداً.
اما قنبلة مقدسي فكانت اعترافه بان استقالته تأتي في وقت “يُحاك لسوريا سيناريو قذر” وهو لا يودّ أن يكون جزءاً منه.. معتذراً عن تقديم تصريحات إضافية حالياً.
لا نعلم حقيقة ما هي الاسباب التي دعت مقدسي للانشقاق عن المعارضة وترك العمل السياسي بشكل عام والانسحاب من الحياة السياسية، هل هي صحوة ضمير متأخرة، ام كما يعتقد البعض ان المُشغل امتنع عن الدفع لاتباعه في المعارضة مما جعل رموزها تقوم بالانسحاب دون الاعلان عن الافلاس كما فعل مقدسي، او انه رأى ان نهايته اقتربت مع اقتراب المعارضة من نهايتها بعد الانتصارات الميدانية الكبرى التي سطرها الجيش السوري على مختلف ساحات التحرير من رجس العصابات التكفيرية، ولكن يبقى الشيء المهم هو ان مقدسي انسحب وانتقل الى الظل ووجه بذلك ضربة قوية لما يسمى ب”المعارضة السورية” وللجهات المُصنّع لها.
يدعى مقدسي ان وطنيته وحبه لوطنه ولما يحاك له من سيناريو قذر، هي التي دفعته الى الانسحاب من المعارضة والحياة السياسية بشكل عام، ولكن اذا كان ما يقوله مقدسي ان وطنيته دفعته لاتخاذ هذا القرار صحيح، ترى اليس من الوطنية ان يكشف للشعب السوري ماهي طبيعة هذا السيناريو القذر حتى يتعرف هذا الشعب على ما يحاك له، على الاقل للتقليل من عدد الضحايا الذين يسقطون كل يوم في سوريا بسبب هذا السيناريو؟، ترى هل يكفي الاعتذار والانسحاب لرفع المسؤولية عن كاهل مقدسي عما انزله بالسوريين خلال السنوات الماضية عندما كان يمثل فصيل “معارض” يتنقل بين عواصم العالم يحرض على بلاده وينفخ في نار الحرب التي احرقت الاخضرواليابس؟.

هل الوطنية تعني ان يغطي على جرائم رفاقه في المعارضة بالانسحاب وعدم قول الحقيقة عن هذه المؤامرة القذرة التي تحاك ضد سوريا؟، اليس رفض مصارحة الشعب السوري الذي ابتلي بمثل هذه النماذج التي جلبت له الدمار والخراب، من اجل تنفيذ اجندات خارجية وفي مقدمتها الاجندة الصهيونية، جريمة كبرى بحق هذا الشعب؟، كان من الاولى على مقدسي لو كان حقا كما يدعي انه يحب سوريا وشعبه، ان يعترف بما فعل هو وما فعل رفاقه في “المعارضة” كل هذه الفترة، وان يكشف عن الجهات الممولة للجماعات المسلحة، والهدف من هذا التمويل ومن كل هذه الحرب الظالمة التي فُرضت على الشعب السوري؟.
حتى لو لاذ مقدسي للصمت ورفض الكشف عن طبيعة المؤامرة القذرة التي تستهدف بلاده وشعبه، الا انه كشف عن بؤس ويأس “المعارضة السورية” التي تعتبر اداة قذرة لتنفيذ مؤامرة قذرة تستهدف وطنهم وشعبهم من اجل حفنة من الدولارات القذرة، وكشف ايضا وبشكل غير مباشر ان النصر حليف الجيش السوري الذي ينتقل من نصر الى نصر حتى تحرير كامل التراب السوري، بينما تتساقط “رموز المعارضة” المصنعة في الغرف المظلمة واحدا تلو الاخر .. في مزبلة التاريخ.
• شفقنا