أخصائي ايراني يوضح..لماذا يکفّ أولادنا عن الاجتهاد في منتصف مبادراتهم؟

أخصائي ايراني يوضح..لماذا يکفّ أولادنا عن الاجتهاد في منتصف مبادراتهم؟
السبت ٠٢ سبتمبر ٢٠١٧ - ١٢:١٠ بتوقيت غرينتش

لماذا لايُدرک أولادنا العلاقة بين العلم والعمل؟ لماذا يتصورون أنّ الذکاء يعني الوصول المعجَّل والسريع إلی النجاحات العظيمة بأقلّ جهد ومکافحة. ولماذا يراودهم إحساس بالخَيبة، والتشاؤم، والفشل عندما لايجدون ما قصدوه من الفوز المتوقَّع في أعمالهم؟ ولماذا يظنّون أنّ النجاح يحصل بالفور سريعاً.

العالم - منوعات
 

يقول "سينا تهراني" الأخصّائي في التعليم وهو من أشهر المستشارين في المجالات الدراسية والأسريّة: عندما کنت أدرس في الصف الأول من الابتدائية کنت أظنّ أنّه عليّ أنّ أتعلّم القراءة والحساب بشکل ممتاز؛ وهذا ما کان يبعث في نفسي القلق والاضطراب عند ذهابي إلی المدرسة. وقد کان لي أخ يکبرني سبع سنوات وکان يُجيد القراءة والحساب، وکنتُ أظنّ أنّه تمکّن من ذلک دون أيّ عمل وجهد. وما أشبه هذا الأمر بالبرامج التلفزيونية التي تُعلّم الطبخ؛ حيث تعرض کيفية طهي وتحضير أفضل الأطعمة في فترة زمنية قصيرة ممّا يظّن المشاهد أنّ عملية الطهي والطبخ سهلة للغاية. فإنّي آنذاک ما کنتُ قد رأيتُ مدی ما بذله أخي في سبيل التعلّم. إلّا إنّي في ذلک العمر کنتُ أراه فقط أنّه يجيد کلمات صعبة يتابعها في کتب ضخمة، وأنّه يقوم بحلّ المسائل الحسابية. ولذلک کنتُ أظنّ أنّ کلّ إنسان ذکيّ يتمکن من هذه الأعمال بشکل تلقائي. ولکن عندما بيّن لي أبي أنّ کلّ مهارة تُحصَل شيئاً فشيئاً، أصبحتُ أدرک تلک العلاقة بين العلم والعمل ولم أعد أسيراً لتلک الأفکار الخاطئة.

استنتج من هذه المقدمة أنّ الخيبة والتشاؤم لدی التلاميذ والطلاب تنشأ من مصدرين:

الأول: إنّهم لايعرفون کيف أن يواجهوا القضايا والمشاکل؛ فإنّهم إن لم يتمکّنوا من حلّ مسألة حساب فسيستنتجون أنّهم ليسوا أذکياء. والمصدر الآخر، هو کيفية العلاقات في العالم من وجهة نظرهم.

يظنّ الإبن في کثير من الأحيان أنّه إذا کان جيداً فإنّ الظروف ستتآتي معه، أي إذا کان ذکيّاً فإنّ أعماله ستتم من دون عناء وتعب. وقد عشَّشت هذه الأفکار وللأسف في أذهان أطفالنا وأولادنا وحتی شبابنا؛ بحيث إنّهم إن لم يجدوا ما يقصدون تحقيقه وفقاً لتوقعاتهم سيشعرون بالخيبة بدلاً من أن يقولوا ربّما کان توقعنا خاطئاً أو إنّ جزءاً من أعمالنا کان جيداً و الجزء الآخر غير ناجح، أو أنّ کلّ مبادرة وعمل يتعرض لمشاکل في بداية الأمر. ومن ثمّ يکفّون عن مواصلة العمل ومبادراتهم ويشعرون أنّهم هم المقصِّرون وأنّهم يعجزون عن الفوز والنجاح.

يواصل "سينا تهراني" حديثه قائلاً: قد رسخ هذا الاعتقاد الخاطئ في ثقافتنا بأنّ النجاح يجب أن يحصل بالفور. بناءاً علی ذلک فإنّ علی الآباء والأمّهات الصدّ عن هذا الفکر الخاطئ وعليهم أن يعلّموا أولادهم الطريقة الصحيحة في حلّ المشاکل التي يواجهها الأولاد في طريق وصولهم إلی متطلباتهم وغاياتهم دون الکفّ عن العمل والجهاد.

وقد أضاف هذا الأخصّائيّ الشهير: إنّ معظم الأولاد والبنات يرون أنّ آباءهم وأمهاتهم ليس فيهم عيب أو نقص. وإنّ تجربتي تبيّن أنّ الذين يرون آباءهم وأمهاتهم خدماً لهم يضمرون لهم الاحترام والتقدير.

فمن الأفضل أن يکشف الآباء والأمهات عن مواصفاتهم الذاتية لأبنائهم لتتبيّن شخصيّتهم الحقيقية والصحيحة، وهذا ما سيدهش أبناءهم. وعلی الآباء والأمهات أن يقدموا لأبناءهم کيفية فشلهم في بعض مشاريعهم وأعمالهم. فعلی سبيل المثال فإن کانوا في حالة تأليف کتاب أو تنفيذ عملية خاصّة فالأفضل أن يسمحوا لأبنائهم معرفة کيفية ذلک التنفيذ. وإن واجه الآباء مشکلة في تنفيذ أعمالهم ومشاريعهم فليعرضوا المشکلة علی أبناءهم وليستشيروهم في إيجاد حلول جديدة.

وقال هذا المحلّل للقضايا التعليمية مضيفاً: يری بعض الآباء والأمهات أنّ هذا الأمر يعني تحميل أبناءهم مشاکلهم الخاصة. ولکن فليعلم الآباء والأمهات أنّ هذا الأمر يعلّم أبناءهم کيفية مواجهة المشاکل ولا يدلّ علی ضعف الآباء أو عدم أهليّتهم في حلّ المشاکل، وليستمرّوا حتی تحقيق الغاية المنشودة.فقد تطرأ مثل هذه المشاکل في الحياة ويجب إجتيازها بنجاح.

وقد قال هذا الأخصّائي المحترف في إدارة التعليم والذي اکتسب شعبيّة کبيرة لدی طلاب المدارس والجامعات الإيرانية وذلک بسبب آرائه المتميّزة، يقول محذِّراً الآباء أن يکون ما يقولونه موافقاً لِما يعملون به، فمثلاً إن قالوا لأبنائهم إنّ فعل الخطأ جزء من حياة الإنسان، ولکنّهم لايطبّقون ذلک علی أرض الواقع! فيتأثروا بأبسط المشاکل والأخطاء، فمن ثمّ سيضيع جميع تلک التوجيهات والنصائح التي وجّهوها لأبنائهم.فليرَ الأبناء فيکم شخصيّات بشرية قابلة للخطأ أو الغضب ولکن لايدلّ ذلک علی الکفّ عن مواصلة العمل و الإبداع.

وقد ختم " سينا تهراني" حديثه بتوجيه طلب من الآباء والأمهات بأن يذکروا لأبنائهم نماذج من شخصيّات العالم المتفوقين الذين واجهوا الفشل في مسيرة تقدمّهم نحو غاياتهم، وأيضاً کيفية تغلّبهم علی المشاکل التي کادت أن تعرقل تقدمهم. فعلی سبيل المثال أن يذکروا لهم قول "إديسون":«إنّي لم أفشل بل أنا جرّبتُ عشرة آلاف طريقة لا تعمل».

 106-10