هل تنفع محاولات تیلرسون في رتق فتق سياسة ترامب؟

هل تنفع محاولات تیلرسون في رتق فتق سياسة ترامب؟
الثلاثاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٦:١١ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي يقف العالم اجمع في وجه الرئيس الامريكي دونالد ترامب لمنعه من انتهاك الاتفاق النووي الدولي بين ايران والقوى الست لكبرى في العالم ، لما يترتب عنه من تداعيات كارثية على امن واستقرار العالم ، وفي مقدمة هذه التداعيات رفض كوريا الشمالية اجراء اي مفاوضات مع الغرب حول تجاربها النووية والصاروخية ،يخرج وزير خارجية امريكا ريكس تيلرسون على الملأ ويتحدث بطريقة لا تخلو من العته عن ايمان ترامب بحل الازمة مع بيونغ يانغ عبر المفاوضات.

العالم - الأميركيتان

صحيح ان ادارة الرئيس الامريكي ترامب متخبطة ، بشهادة الامريكيين انفسهم ، ولكن ان يصل التخبط حدا بهذه الادارة الى ان يشكك فيه الكثيرون باداء وزير الخارجية تيلرسون ، فهذا امر لا يمكن تصوره لادارة تدعي انها تقود اكبر بلد في العالم ، وتتزعم الجهود الدولية لحل الازمات التي تعصف بالمعمورة!.

الكثيرون باتوا يشككون في ان يكون تيلرسون يتحدث باسم رئيسه ترامب ، نظرا للهوة الواسعة التي تفصل بين مواقف تيلرسون ورئيسه ترامب ، فالاول كان يدافع عن اتفاقية باريس للمناخ ، الا ان رئيسه خرج منها ،الاول كان يدافع عن عتماد الدبلوماسية طريقا لحل الازمة مع كوريا الشمالية بينما رئيسه هدد بتدمير كوريا الشمالية بالكامل ، الاول دعا الى التمسك بالاتفاق النووي الدولي مع ايران  بينما رئيسه يهدد بالخروج منه في اي لحظة.

تعامل ترامب مع تيلرسون اثار شفقة حتى المشرعين الامريكيين على الاخير ، ففي الوقت الذي كان تيلرسون في الصين ويتحدث عن الدبلوماسية والتفاوض مع كوريا الشمالية ، سخر ترامب منه وطلب منه الا يضيع وقته بالحديث عن الدبلوماسية والتفاوض ، الامر الذي دعا السناتور بوب كوركر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي الى القول إن تصريحات ترامب توازي إخصاء الوزير على الملأ.

البعض قال ان تيلرسون انتقم لكرامته التي اهدرها ترامب بوصفه الاخير بانه مخبول خلال لقاء خاص في تموز / يوليو مسؤولين أمريكيين ، ومازال تيلرسون يرفض مرارا الإجابة عن سؤال حول حقيقة ما قاله ، الا ان ترامب دعا الى اجراء فحص معدل الذكاء لديه ولدى وزير خارجيته لمعرفة من هو الاذكى!!.

الملفت ان تيلرسون قال ، بعد رفض ترامب تاييد التزام ايران بالاتفاق النووي ، ان امريكا لا تنوي الخروج من الاتفاق  النووي ، الا ترامب عاد واكد امس الاثنين على ان الاتفاق قد يلغى بالكامل ، الامر الذي يكشف حجم التخبط الرهيب في هذه الادارة.

ما حذر منه وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في الاجتماع الذي عقدوه الاثنين في لوكسمبورغ برئاسة منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد فدريكا موغريني ، من ان عدم احترام الاتفاق النووي الدولي الذي دعمه مجلس الأمن سيكون له عواقب وخيمة على السلام الإقليمي وقد يقوض جهود كبح الطموحات النووية لكوريا الشمالية ، قد وقع ، فقد رفضت كوريا الشمالية اقتراحا تقدمت به روسيا لاجراء محادثات مباشرة مع  كوريا الجنوبية في سان بطرسبرغ لمحاولة التغلب على خلافاتهما المتعلقة ببرنامج بيونغ يانغ الصاروخي.

من الصعب جدا اتهام كوريا الشمالية برفض الدعوات لتفاوض مع منافسيها الاقليميين والقوى الكبرى وعلى راسها امريكا ، وهي ترى كيف يتعامل الرئيس الامريكي مع الاتفاق النووي الذي كان ثمرة مفاوضات بين القوى الست الكبرى وايران واستغرقت اكثر من 10 اعوام بهذه الطريقة الاستعلائية والنزقة ، رغم ان العالم كله باستثناء “اسرائيل” و السعودية ، يؤيد الاتفاق.

المتتبع لتصريحات تيلرسون هذه الايام وحديثه عن الوئام السائد بينه وبين رئيسه ، وكذلك حول سياسة بلاده القائمة على “اعتماد الدبلوماسية” لحل الازمات الدولية ، يشعر ان الرجل يحاول يائسا رتق فتق السياسة الكارثية لرئيسه ، الا ان الفتق اكبر بكثير من رقعة الرتق.

221