بعد نصف قرن على وفاته

إعدام تشي جيفارا.. أسرار وأكاذيب ومؤامرات سرية

إعدام تشي جيفارا.. أسرار وأكاذيب ومؤامرات سرية
السبت ٢٨ أكتوبر ٢٠١٧ - ٠٧:٠٠ بتوقيت غرينتش

نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا، في ذكرى وفاة زعيم الثورة الكوبية تشي غيفارا، عرضت من خلاله بعض التفاصيل حول حادثة إعدامه والأسرار التي ما زالت تحيط بها، والأكاذيب التي راجت بشأنها.

العالم - الأميركيتان

وهناك دعوات لفتح الأرشيف الخاص بإعدام تشي غيفارا، وكشف كل ألغاز تلك الفترة الحافلة بالأحداث المثيرة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها ، إن مغامرة تشي غيفارا في بوليفيا، برفقة متمردين، لا تزال بمثابة  لغز كبير ومثير، على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن عليها. وقد عجز المؤرخون إلى حد الآن عن فك شيفرة حيثيات تلك الفترة بشكل كامل، فيما تتواتر العديد من التساؤلات على غرار: من خان غيفارا أثناء وجوده في بوليفيا؟ وكيف تم تنفيذ حكم الإعدام في حقه؟ وهل حقا مات غيفارا على يد جندي واحد؟ وما هو الدور الذي لعبته كل من كوبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في الإيقاع بهذا الزعيم؟

وذكرت الصحيفة أن كل هذه الأسئلة لا تزال مطروحة بقوة في أمريكا اللاتينية، وقد طفت على السطح مجددا بمناسبة الاحتفالات بذكرى وفاة غيفارا. ولكن لن يتم الكشف عن هذه الأسرار، إلا إذا اتفقت كل الدول المعنية على إخراج أرشيفها السري إلى النور.

وذكرت الصحيفة أن الصحافي البوليفي، خوسي لويس ألكازار، مراسل صحيفة بريزنسيا الذي كان موجودا مع القوات الحكومية التي كانت تحارب الثوار الذين يقودهم تشي غيفارا، قد أخرج للعالم في 8 من تشرين الأول/ أكتوبر سنة 1967 أول صورة لتشي غيفارا. أما بالنسبة لزميله خوان كارلوس سالازار، فقد كان أول من وصل إلى منطقة القتال في آذار/ مارس 1967. وقد كان، آنذاك، يغطي الأحداث لصالح وكالة فيدس المحلية ووكالة الأنباء الألمانية، حيث كان بصدد تغطية حدث اعتقال ومحاكمة ريجيس ديبراي وسيرو بوستوس، عضوي شبكة الثوار التي كان يقودها تشي غيفارا.

وأفادت الصحيفة أن الصحفيين ألكازار وسالازار، إضافة إلى أمبرتو فاكافلور؛ المراسل الذي كشف لاحقا عن سرقة مذكرات تشي غيفارا، قد تحدثوا عن ذكرياتهم في تلك الفترة، وكشفوا جملة من الأدلة والتفاصيل حول ما وقع في تلك السنة المضطربة والحافلة بالأحداث في بوليفيا.

وأوردت الصحيفة على لسان خوان كارلوس سالازار، أنه "لا يزال سر وفاة تشي غيفارا قائما؛ لأن هناك بعض الألغاز التي لم يتم حلها بعد، وسيستمر الأمر على هذا النحو ما دامت كل من كوبا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا ووكالة الاستخبارات الأمريكية والجيش البوليفي؛ يرفضون الإفصاح عما لديهم من معلومات".

وألكازار، الذي أرسلته صحيفة بريزنسيا، التي كانت تعد أهم وسيلة إعلامية في بوليفيا حينها، يعتبر المراسل الوحيد الذي كان شاهدا على العمليات التي شنها الجيش ضد المتمردين. وكان هدف ألكازار في ذلك الوقت يتمثل في إجراء لقاء صحافي مع تشي غيفارا في الأدغال، تماما كما فعل الصحافي الأمريكي هيربرت ماثيوز في سييرا مايسترا، مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، قبل عشر سنوات من ذلك.

وأضافت الصحيفة أن لويس ألكازار لم يتمكن من تحقيق هذه الأمنية، إلا أنه حظي بسبق صحافي آخر لم يفارق ذاكرته طيلة حياته. فبفضل علاقته الوثيقة بالجيش، أتيحت له فرصة نادرة تمثلت في معاينته لعملية اعتقال غيفارا عن قرب. وفي الأثناء، اكتشف ألكازار الكذبة التي اختلقها نظام الجنرال رونيه بارينتوس حول الموت المزعوم لغيفارا في المعارك.

وتمكن ألكازار من لمس جسد غيفارا بنفسه في المستشفى، ولاحظ أنه كان دافئا. وبعد حديثه مع عدد من الجنود الذين كانوا يحرسون هذا الزعيم في منطقة لا هيجيرا، توصل ألكازار إلى أن الجيش هو من أطلق النار على تشي غيفارا.

وعلى الأرجح، قام الملازم كارلوس بيريز بإطلاق رصاصة قاتلة مستهدفا منطقة القلب، باستعمال بندقية من طراز "أم 2"، ليوجه له جندي آخر رصاصة الرحمة في العنق. وحسب ألكازار، لم يعلن الجيش أي رواية رسمية في ذلك الوقت. فضلا عن ذلك، رفضت صحيفته نشر القصة الحقيقية، في حين أبى صحافي فرنسي آخر الحديث عن الوقائع التي حدثت آنذاك.

ومن المثير للاهتمام أن الطرف الوحيد الذي نجح في نهاية المطاف في إماطة اللثام عن هذا السر الخطير فيما يتعلق بكيفية موت تشي غيفارا، كانت الصحافية الحسناء ميشال راي. وقد تمكنت من إغواء بارينتوس واقتلاع اعتراف منه؛ تم نشره بشكل حصري في مجلة "باري ماتش" الفرنسية في كانون الأول/ ديسمبر 1967.

وذكرت الصحيفة أن ألكازار وسالازار يتفقان بشأن فشل مغامرة تشي غيفارا المثيرة في بوليفيا، والأمر سيان بالنسبة لجهوده السابقة في الكونغو. فقد كان من الواضح أن تشي غيفارا لم يكن يحظى بالظروف الملائمة للنجاح، في حين عجز عن كسب دعم صادق وحقيقي من قبل الفلاحين.

ولفتت الصحيفة إلى أن غيفارا قد لاقى الصعوبات ذاتها عندما أقام في معسكر نانكا هوازو، حيث كان يعيش المزارعون. ولم تكن تجمع المزارعين علاقة جيدة مع تشي غيفارا، مما جعله عاجزا عن تجنيدهم في صفه. من جانبه، اعتبر ألكازار أن تشي غيفارا أظهر جهلا كبيرا بالفكر السياسي والوقائع الاجتماعية في بوليفيا.

وأشارت الصحيفة إلى أن هناك سؤالا آخر لا يزال يحير المؤرخين، وذلك فيما يتعلق بهوية الشخص الذي كشف عن وجود تشي غيفارا في بوليفيا. فقد دخل تشي غيفارا هذا البلد بشكل سري في تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1966. 

المصدر: عربي 21