ما هي أهم مؤشرات اللقاء بين بوتين والاسد في سوتشي؟

ما هي أهم مؤشرات اللقاء بين بوتين والاسد في سوتشي؟
الأربعاء ٢٢ نوفمبر ٢٠١٧ - ٠٥:١٥ بتوقيت غرينتش

 ظهور الرئيس السوري بشار الاسد في سوتشي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحمل بلاشك دلالات و رمزية كبيرة. فظهور الرئيس السوري الاول في العام ٢٠١٥ كان على خلفية اعلان روسيا لتدخلها العسكري و بدء العمليات العسكرية على الارض في سوريا.

العالم - مقالات

 لقاء الرئيس بوتين بالاسد، يأتي بعد عامين و نيف على اللقاء الاول، ليعلن انتهاء العمليات العسكرية بعد اعلان سقوط "داعش". من هنا يمكن النظر الى رمزية اصرار الرئيس بوتين على حضور جنرالات الحرب الروس للاجتماع مع الرئيس السوري على أنه تقييم نهائي لفكرة انهاء التدخل العسكري الروسي بصورته الكاملة و التي سادت في السنتين الاخيرتين.  كذلك يمكن اعتبار الحالة الرمزية المتمثلة بظهور الرئيس السوري في روسيا و الاجتماع بالقيادة العسكرية الروسية على انه تمهيد لفكرة الانتقال السياسي التي عملت موسكو جاهدة للتأسيس لها على مدار السنتين الماضيتين.

لم يعد خافياً على أحد ان طريق موسكو للوصول الى هذه المرحلة لم يكن سهلاً، و لعل ابرز ما قامت به روسيا على مدار الازمة السورية هو احداث التحول في العلاقة مع تركيا و دفع انقرة باتجاه رؤية روسيا للحل في سوريا.

 لهذا فان معضلة تعطيل  مؤتمر جنيف على مدار السنوات الماضية بدأت بالتغير مع ظهور فكرة مؤتمر استانة، و الذي وضع تركيا و ايران و روسيا في صف واحد.

خارطة الطريق الروسية كانت تشير منذ البداية ان الهدف الروسي هو ازالة معطلات الحل السياسي. الموقف التركي، و انتشار الجماعات المسلحة مثلت ابرز معطلات الحل السياسي، لهذا مثلت استانة انجازاً حقيقياً في اطار الوصول للحل السياسي. بالرغم من اهداف المؤتمر كانت تقنية الا ان مكاسبها كانت سياسية، حيث هدفت موسكو منذ البداية الى انجاز فكرة وقف اطلاق النار، و من ثم الانتقال لتطبيق آليات فرض الاستقرار عبر تطبيق نموذج مناطق خفض التصعيد. هذه الخطوات أظهرت قدرة موسكو على صياغة تفاهمات مصالحية مع كافة الاطراف، و يمكن اعتبار منطقة خفض التصعيد في الجنوب السوري احد ابرز الانجازات السياسية التي انجزتها موسكو مع الولايات المتحدة و الاردن.

تدرك روسيا ضرورة و أهمية العودة الى مؤتمر جنيف، حيث لا يمكن ان تحل المسألة السورية دون مظلة دولية، و بالتالي فان الهدف الاساسي هو العودة  الى جنيف  في اطار جديد، يمثل انجازاً في آليات فرض الاستقرار في سوريا، و انهاء وجود الجماعات المسلحة و انجاز تغيير في مواقف الدول على الصعيدين الدولي و الاقليمي، و في النهاية  تشكيل معارضة سورية تسهل الوصل الى الحل السياسي و تتخلى عن سياسة التعطيل التي سادت في الفترات الماضية.

هذا الانجاز انعكس ايضاً على المعارضة السورية و التي وجدت نفسها مضطرة للتكيف مع سياسة الامر الواقع، و لعل ابرز ما قاد المعارضة السورية للوصول الى هذه النقطة هوالتغيير في الموقف الدولي والاقليمي الذي أدى الى خسارة المعارضات السورية  لحواضن حقيقية. يضاف الى ذلك الانجازات العسكرية على الارض و التي صبت في نهاية المطاف في خدمة روسيا و حلفائها، ففي ظل الازمات عادة ما يحدد الواقع العسكري شكل المكتسبات السياسية.

من هنا تجد موسكو ان عوامل العودة الى جنيف بدأت بالاكتمال، فعلى الصعيد الميداني لم يعد هناك وجود حقيقي لتنظيم "داعش"، و المعادلة السورية تغيرت تماماً، لهذا فان المطلوب روسياً الانتقال الى اعادة صياغة فكرة المعارضة السورية و توحيدها و تهيأتها للانتقال الى جنيف من اجل البدء في عملية الحل السياسي.

لهذا فان رمزية لقاء الرئيس بوتين بالرئيس السوري اليوم تشير فعلياً ان مرحلة بناء الحل السياسي وفقاً للرؤية الروسية قد بدأت.

 عامر السبايلة / راي اليوم 

109-4