الجيش العربي السوري الاسطوري هو جيش الانقاذ

الجيش العربي السوري الاسطوري هو جيش الانقاذ
الأحد ٣١ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٥:١٣ بتوقيت غرينتش

في عام 1989 ضرب زلزال مدمر أرمينيا، وكان من أقسى زلازل القرن العشرين وأودى بحياة أكثر من خمسة و عشرين ألف شخص خلال عدة دقائق، ولقد شلت المنطقة التي ضربها تماماً وتحولت إلى خرائب متراكمة>

العالم - مقالات وتحليلات

و كان هناك فلاح بقي لأكثر من 37 ساعة يبحث عن ابنه الصغير تحت ركام المدرسة التي كان يرتادها ، ورغم أن الجميع قطع الأمل ببقائه حياً ، ألا أن الرجل استطاع فتح منفذ صغير ومنه سحب ابنه ورفاقه ، الذي أول ما سمع نداء والده حتى أجابه : قلت لزملائي، لا تخافوا فأبي سوف يأتي لينقذني وينقذكم لأنه وعدني أنه مهما كان سوف يكون إلى جانبي. مات من التلاميذ 14، وخرج 33 أحياء .

ولا شك أن ما جرى في سوريا يشبه الزلزال ، والذي سيكون له ارتدادات كبيرة فيما بعد ، ستشمل المنطقة والعالم برمته ، و الجيش العربي السوري يفعل كما فعل ذلك الفلاح الأرميني ، فلا أحد غيره قادر على انقاذنا ، وهو الوحيد الذي حين يدخل إلى أية منطقة سيردد أبناءها ماردده ذاك الصبي وهو تحت الأنقاض ، ورجال الجيش يرددون : لا تجزعوا … سنكون دائماً إلى جانبكم .

لنرجع إلى الوراء قليلاً ونرى كم سقطت رهانات ، وكم تناسخت وتناسلت معارضات ، وكم احترقت سيناريوهات وتفتت شعارات ، وعلى الدوام كان سقف مطالب المعارضات السورية أدنى من سقف المطالب الأمريكية و الغربية، مما يؤكد أنهم أدوات ووقود للحرب التي تديرها قوى الشر في العالم ، وبعد سلسلة هزائمهم كان سقف المطالب يتدنى أكثر ، وخاصة بعد تحرير العراق من داعش والتقاء الجيشين السوري والعراقي في البادية المتداخلة بين البلدين .

و بعد تحرير دير الزور وتحرير القلمون وخروج ارهابيو النصرة اليوم من بيت جن ، يكون الجيش العربي السوري مع بقية الحلفاء والأصدقاء قد هزموا المشروع الصهيوني ، ورسموا خرائط جغرافية جديدة ستدب الرعب في قلوب الصهاينة وأدواتهم ، كظهور الخزعلي في الجنوب اللبناني ، و انتشار الدبابات السورية على بعد كليومترات قليلة من الجولان المحتل ، و دوي صوت قاسم سليماني بين المقاومين الفلسطينيين في غزة ، في إشارة أن سوريا لن تكون وحيدة من الآن فصاعداً في مواجهة الكيان الصهيوني .

أمريكا المهزومة تحاول أن تحفظ ماء وجهها بتمسكها بقاعدتها في التنف ، ولكن الدولة السورية وهي تعيد سيطرتها على كامل التراب السوري ، لن ترضى ببقاء جندي أمريكي على أرضها ، فكما فشلت أمريكا في إقامة مناطق عازلة في الشمال أو الجنوب ، أو تأمين جبهة الكيان الصهيوني ، ستفشل في اللعب بورقة الأكراد مهما غيرت الأسماء والتسميات.

أما باقي الأدوات والشراذم فهم خارج اللعبة حالياً ولن يكون لهم دوراً في المستقبل ، وكل من يراهن على دور سعودي أو خليجي فهو واهم ، لأن الزلزال السوري قد ضرب نواتهم وسيكون من السهل تشظيهم في أية هزة خفيفة قادمة .

ذاً في جردة سريعة نجد أن الجيش العربي السوري لم يحفل بأية خطوط حمراء ” أمريكية أو اسرائيلية أو تركية ” وأنه يسير بخطى ثابتة نحو النصر ، فلا أردوغان ولا جنبلاط ولا الحريري صلوا في الجامع الأموي أو دخلوا الشام عبر مطار دمشق الدولي ، ولا أوباما ولا ترامب استطاعا تنفيذ وعيدهما بأن الأسد أيامه معدودة ، وأنه لن يكون موجوداً في أية مرحلة مقبلة ، فأثار ترامب انتباه العالم بقراره الفاقد لأية حيوية ” اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل ” ليخفف من صدى خسارة أمريكا في المنطقة.

وهذه المرة ستكون المحطة السياسية الأبرز في سوتشي وإنما لا يظنن أحد أن من ربح عسكرياً سيخسر سياسياً أو يرضخ لتنازلات يرفضها الشعب والجيش معاً ، اللذان دفعا الثمن الأغلى في هذه الحرب القذرة ، ومن الغباء أن يظن البعض بأن التعب قد نال من السوريين الشرفاء ليستسلموا لشروط أعدائهم ، ويقبلوا بشروط تسوية تجعلهم تحت رحمة من قتل أهلهم وذبح أبنائهم ، و سيظل جيشنا الباسل يبحث بين أنقاض هذه الحرب عن أبرياء كانوا دائماً على ثقة ويقين بأنه سيأتي لانقاذهم في أية لحظة .

فايز شناني - اوقات الشام

2-4