الجيش يُصعِّد في محيط دمشق

الجيش يُصعِّد في محيط دمشق
الإثنين ١٩ فبراير ٢٠١٨ - ٠١:٥٧ بتوقيت غرينتش

اكد عدد من المسؤولين الأكراد، في تصريحات إعلامية، التوصل إلى اتفاق حول دخول الجيش السوري الى منطقة عفرين، من دون أن يخرج أي حديث رسمي من الطرفين المعنيين مباشرة، أو من الدول صاحبة المصالح والتأثير في تلك المنطقة. وبالتوازي، كثف الجيش استهدافاته المدفعية على مواقع في الغوطة الشرقية، في خطوة قد تكون مقدمة لمعارك عنيفة قد تطاول نيرانها الجانبية أحياء العاصمة دمشق

العالم-سوريا

تتابع تركيا عدوانها العسكري على منطقة عفرين، الذي يدخل يومه الثلاثين، وسط ترقب لمآل التفاهمات التي أنجزها وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، خلال زيارته الأخيرة لأنقرة، من جهة، والمفاوضات الصامتة التي تدور بين الحكومة السورية و«وحدات حماية الشعب» الكردية حول عفرين من جهة أخرى.

الجانب التركي أكد أن مسار المحادثات مع الأميركيين لا يؤثر على العمليات العسكرية الجارية في الشمال السوري، والتي ستستمر «حتى تحقيق أهدافها النهائية» على حد تعبير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر لحزبه «العدالة والتنمية» أمس. ولفت الرئيس التركي في الوقت نفسه إلى أن المحادثات مع تيلرسون كانت «قيّمة بالتأكيد»، غير أن «اهتمامنا الرئيسي ينصب على تنفيذها، وعلى التطورات في الميدان»، مجدداً التأكيد أن الأميركيين هم من يجب عليهم «تصحيح أخطائهم». ولا يزال من المبكر الحديث عن تغيرات على الأرض في منبج أو غيرها من المناطق التي تضم قوات أميركية، غير أن هناك مؤشرات في الخطاب الأميركي الرسمي، قد تفسّر في ضوء التفاهمات الأخيرة. فبعدما أشارت مصادر طبية في عفرين إلى استخدام القوات التركية غاز الكلور في هجماتها ضد عدد من البلدات هناك، أكد مسؤولون في البيت الأبيض ووزارة الخارجية بشكل سريع، أن «من المستبعد جداً» أن تستخدم تركيا أسلحة كيميائية في هجماتها.


في المقابل، خرج عدد من المسؤولين الأكراد، في تصريحات لعدد من وسائل الإعلام، ليعلنوا عن التوصل إلى اتفاق بشأن دخول الجيش السوري إلى منطقة عفرين، وانتشاره على خطوط التماس مع القوات التركية. وبرغم التأكيدات المتقاطعة، لم يخرج أي تصريح رسمي من الجانب الحكومي أو من جانب «الوحدات» الكردية، المعنية مباشرة بالتنسيق حول هذه الخطوة على الأرض، حول إنجاز هذا الاتفاق. وتمحور حديث أوساط كردية مقربة من «حزب الاتحاد الديموقراطي» عن وجود «مفاوضات إيجابية» ونقاشات حول بعض التفاصيل المهمة في إنجاز الاتفاق. وبدا لافتاً في هذا السياق ما نقلته وكالة «فرات» المقربة من «حزب العمال الكردستاني»، عن مصادر مطلعة، قالت إن تعثر المفاوضات «في المرحلة الأولى كان بسبب تدخل بعض الأطراف الدولية كروسيا... إضافة إلى عوائق أخرى تتعلق بمناطق انتشار تلك الوحدات (الجيش السوري)... إلى جانب إمكانية أن تشمل الاتفاقية القيام بحملة مشتركة للسيطرة على منطقة الباب وجرابلس الواقعتين تحت سيطرة تركيا». وأكدت مصادر خاصة للوكالة أن «الطرفين توصّلا في نهاية الاجتماع الى اتفاق يقضي بإنشاء قاعدة انطلاق لجيش النظام، وتوزيع بعض نقاطه على الحدود المواجهة لتركيا، فيما غاب عن الاتفاق الجانبان السياسي والإداري»، مضيفة أن «الطرفين توصلا إلى اتفاق يقضي بمنع الطيران التركي من التحليق في أجواء عفرين». وبمعزل عن الشكل المفترض لدخول القوات الحكومية إلى عفرين، فإن روسيا التي تملك تأثيراً على الأطراف المعنية بملف عفرين، بقيت صامتة حول هذه المفاوضات، برغم أن إنجاز هكذا خطوة يتضمن نشراً لقوات حكومية، يتطلب تنسيقاً تقوده موسكو مع الجانب التركي، وقد يُسبق بهدنة على غرار ما جرى في محيط الباب وريف منبج الغربي. كما أن دخول التفاهمات التركية ــ الأميركية الأخيرة المشهد، من شأنه التأثير بشكل مباشر على تعاون أنقرة مع أي مبادرة من هذا القبيل، وخاصة أن التصريحات التركية لم تتضمن ــ حتى الآن ــ أي إشارات لاحتمال وقف أو إنهاء العملية العسكرية.

أما واشنطن، فقد أشارت على لسان وزير الدفاع الأميركي، جايمس ماتيس، إلى توافقها مع أنقرة على «تسليم المساحات المحررة من تنظيم داعش... إلى أصحابها الأصليين». وقال ماتيس في تصريح للصحافيين خلال عودته من جولة أوروبية، عن انسحاب «الوحدات» الكردية من منبج: «لا أستطيع القول إننا توصلنا إلى حلول نهائية بهذا الشأن، لكن العمل جار بين الطرفين بهذا الخصوص». وفي تصريحات لافتة للوزير الأميركي، لفت إلى أن بلاده «لم تتأكد بعد» من الجهة التي هاجمت قواتٍ يدعمها «التحالف الدولي» في ريف دير الزور، شرق نهر الفرات، مضيفاً القول: «لا أزال غير قادر على تقديم المزيد من المعلومات عن سبب قيامهم بذلك، لكنهم حصلوا على توجيهات من أحد... هل كان توجيهاً محلياً؟ هل كان من مصادر خارجية؟ لا تسألوني. لا أعلم». ويتزامن الحديث الأخير مع تصعيد في لهجة مسؤولين أميركيين، لمصلحة مواجهة إيران في سوريا، إذ أعرب مستشار الأمن القومي، هربرت ماكماستر، عن قلق بلاده بسبب «شبكة الوكلاء التي تبنيها إيران» في دول مثل سوريا واليمن والعراق، مضيفاً خلال مؤتمر ميونيخ للأمن أنه «حان الوقت الآن في اعتقادي للتصرف ضد إيران».

وعلى الأرض، كثّفت قوات الجيش السوري استهدافها المدفعي والصاروخي لبلدات ومدن غوطة دمشق الشرقية، بعد وصول تعزيزات عسكرية كبيرة إلى الجبهات المشتركة مع الفصائل المسلحة هناك. وأفادت مصادر معارضة عن سقوط عشرات الصواريخ مساء أمس، على بلدات دوما وعربين وجسرين، ومواقع أخرى في وسط وشرق مناطق سيطرة المسلحين. وبرغم ما نقل عن وجود محادثات تستهدف إخراج «هيئة تحرير الشام» من الغوطة، نفى فصيلا «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» هذا الأمر، مؤكدين في الوقت نفسه أنهما بصدد الاستعداد للتصدي لهجوم مرتقب من قبل الجيش السوري في الغوطة الشرقية.

المصدر: الأخبار

113