ما هي سيناريوهات الاعتداء المرتقب على سوريا؟

ما هي سيناريوهات الاعتداء المرتقب على سوريا؟
الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٨ - ٠٤:١٦ بتوقيت غرينتش

لا شك أن ما يتم التحضير له أميركياً وغربياً لتنفيذ ضربة عسكرية تستهدف سوريا، يوحي وكأنها واقعة لا محال، بمعزل عن نتائج ومسارات قرارات مجلس الأمن في هذا الصدد، المرتقبة أو التي تم اجهاضها عبر الفيتوهات المضادة.

العالم - مقالات وتحليلات

وحيث عبّرت مندوبة الولايات المتحدة الاميركية صراحة عن قرار بلادها تنفيذ عمل عسكري ضد سوريا، بغطاء من مجلس الأمن أو بدونه، ما الاحتمالات العسكرية لهذه الضربة (أو مستوياتها) والردود عليها، وما الأبعاد الاستراتيجية لكل من تلك الاحتمالات؟

المستوى الأول من الاعتداء

– من الطبيعي أن يكون الاعتداء هذه المرة أعنف وأوسع من الاعتداء السابق على مطار الشعيرات العام الماضي، وذلك لعدة أسباب، ليس أقلها التطورات الميدانية التي حصلت لصالح الدولة والجيش العربي السوري، من الشرق حتى الوسط والشمال، وخاصة بعد تحريره الغوطة الشرقية كآخر معقل كانت ترتكز عليه هذه الدول المعتدية اليوم، لمحاولة الانقضاض على سوريا.

– اذا أخذنا بعين الاعتبار هذه المرة الجدية الروسية الواضحة في التهديد بالرد على الاعتداء، مع القدرات المتطورة في منظومة الصواريخ اس 400 واس 500 التي أصبحت عاملة في الميدان السوري، بالاضافة طبعاً للامكانيات المستجدة للجيش العربي السوري ولحلفائه في محور المقاومة في الدفاع الجوي، والتي ظهرت في العاشر من فبراير /شباط الماضي عبر اسقاط القاذفة اف 16 الاسرائيلية ، يمكننا الذهاب باتجاه توقع ضربة صاروخية تستهدف أكثر من قاعدة جوية سورية، مع احتمال استهداف بعض المواقع التي يدّعون انها لتحضير الغازات التي استعملت في الغوطة الشرقية (طبعا حسب مزاعمهم التي يبنون عليها اعتداءهم) .

– هذا المستوى من الاعتداء سيؤمن لهم الصورة المطلوبة دولياً بأنهم لم يتراجعوا، وبأنهم استهدفوا الوسائل المستعملة في “قصف الغوطة بالغاز”، مطارات (مدارج وقاذفات) ومراكز أبحاث علمية.

– من ناحية أخرى، مع احتمال حدوث أضرار محدودة بعد تنفيذ سحب واخفاء أغلب القدرات المستهدفة في المطارات المعنية، سيُبعِد هذا الشكل والمستوى من الاعتداء أية امكانية لحرب واسعة لا يرغب بها أحد، وسيعطي مخرجاً لروسيا ولمحورها بأنها وقفت بوجه الاعتداء من خلال نسبة الصواريخ الاميركية المرتفعة التي سوف تصاب وتسقط قبل وصولها لأهدافها، ولن يُقفِل أيضا هذا المستوى من الاعتداء النزاع الديبلوماسي المفتوح، في مجلس الأمن حول التحقيقات بموضوع الغاز الممنوع، أو في الأروقة الديبلوماسية حول المفاوضات السورية السورية أو حول تواجد ايران وحزب الله في سوريا.

المستوى الثاني من الاعتداء

سيكون هذا المستوى من الاعتداء عبارة عن استهداف أوسع من استهداف القواعد الجوية، حيث سيمتد الى مواقع حكومية ورسمية، ومن الطبيعي – اذا صدقت التهديدات الرسمية الروسية – ان الرد عليه سيتجاوز استهداف الصواريخ المعتدية، الى استهداف قواعد انطلاق الصواريخ، والتي ستكون بالأغلب بحرية، بالاضافة طبعاً الى تطوير الرد ربما الى استهداف قواعد برية أميركية في الخليج (الفارسي) وتركيا.

– هذا الرد الواسع، والذي سوف ينحصر بمسرح القدرات الأميركية والروسية في المحيط القريب لسوريا بحراً وبراً، سوف يكون له تداعيات خطيرة طبعاً على الصعيد الدولي وخاصة في العلاقة الاميركية الروسية، ولكن لن يتوسع أكثر لأنه سيكون مقيداً بتوازن الرعب الموجود بين القوتين، لتلافي الاشتباك الاستراتيجي الأخطر والذي لن يكون بعيداً عن حرب عالمية مدمرة.

المستوى الثالث من الاعتداء

– سيتوسع الاعتداء أكثر ليطال أغلب مرافق الدولة السورية، بالاضافة لاستهدافه القواعد الروسية في سوريا وفي المحيط القريب، وسيشترك فيه العدو الاسرائيلي ودول غربية من ضمن الناتو، وربما تركيا ايضا لارتباطها بالمحور الأساس أي حلف شمال الأطلسي، وفي المقابل سيشترك المحور الروسي الايراني السوري مع حزب الله بمواجهة هذا الاعتداء، ولن يكون الأمر طبعاً بعيداً عن حرب عالمية مركزها الاقليم وامتداداتها الشرق وأوروبا.

– النتائج الكارثية لهذا المستوى من الاعتداء سوف تلغي أو تعزل بالكامل الملفات الحالية، والتي هي موضوع وأساس الاشتباك، كملف الصراع مع العدو الاسرائيلي والملف النووي الايراني وملف سوريا، وسينتقل العالم برمته الى وضعية أخرى مختلفة بالكامل عما هو عليه اليوم.

انطلاقاً من النتائج المحتملة للاعتداءين الأخيرين، وخاصة للمستوى الثالث الواسع من الاعتداء المرتقب، لا يمكن تخيل إقرار أحد من الأطراف الفاعلة الأساسية وخاصة روسيا والولايات المتحدة الأميركية، بالقبول أو بالجنوح الى هذا المستوى من الاشتباك، والذي سيكون بمثابة انتحار جماعي، وحتى تبدو النتائج المرتقبة للمستوى الثاني من الاعتداء غير مقبولة من الأطراف المذكورة، ولا يمكن لأحد التكهن بعدم خسارته الكبيرة من جراء حدوثها، ولا يمكن ضبط تداعياتها الكارثية.

من هنا، لا يمكن استبعاد المستوى الأول من الاعتداء – وكحد أقصى – بتقديرنا، مع احتمال قوي لاستبعاده ايضا وفتح باب التسوية الديبلوماسية من خلال عدة مخارج، تبدأ بتفعيل لجنة التحقيق الصادرة عن منظمة حظر الاسلحة الكيمياوية، مع تسليم الجميع بتسهيل مهمتها، وفتح باب النقاش بين المحور الغربي من جهة وبين روسيا وايران وسوريا من جهة أخرى، بموضوع تفعيل المفاوضات السورية – السورية، استنادا لمرجعية جنيف وقرار مجلس الامن رقم 2254، وبموضوع التواجد الايراني في سوريا، حيث انه أصبح هناك حاجة ملحة لإيجاد حل له بالنسبة للمحور الاول، خاصة بعد الحديث عن الانسحاب الاميركي المرتقب من سوريا، وصراخ الدول المعتدية على سوريا كافة من خطورة ترك حلفائهم وأزلامهم بمواجهة الدولة السورية المدعومة من محور المقاومة.

شارل أبي نادر - العهد

2-4