حذار من غمر رؤوس الفلسطينيين تحت الماء اذا..

حذار من غمر رؤوس الفلسطينيين تحت الماء اذا..
الخميس ٢٦ أبريل ٢٠١٨ - ٠٤:٣٧ بتوقيت غرينتش

ما ان اعلن ترامب عن موافقته نقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس المحتلة، حتى انفجرت جمعات الغضب الفلسطينية واحدة تلو الاخرى، اعقبتها مسيرات اسبوعية حاشدة عرفت بمسيرات العودة .. ستقام الجمعة (27 أبريل) الخامسة منها...

العالم - مقالات

وفي حين يرحب ويستجيب الفلسطينييون لدعوات قوى المقاومة بغية المشاركة في هذه المسيرات، يسعى كيان الاحتلال الاسرائيلي الذي يشعر بقلق شديد تجاه الرأي العام، من خلال ممارسة سياسة التهديد والترهيب بشكل معلن ومبطن احتواء هذا الحضور الفلسطيني المكثف، والتلويح بان هذا التحرك هو محدود جداً وغير مجدي. وخير دليل على السياسة الصهيونية هي عمليات القتل والتنكيل التي يقوم بها هذا الكيان المحتل امام الكاميرات دون وازع فضلا عن اغتيال العلماء والمفكرين الفلسطينيين كما فعل في ماليزيا حيث اغتالت خبير الطائرات المسيرة عضو حركة حماس محمد البطش .

في ظل هذه الظروف، سؤال يطرح نفسه بقوة وهو، ما هي العقبات التي تحول دون تاثير جمعات الغضب السابقة، ومسيرات العودة اللاحقة ، والاحتجاجات المتصاعدة ضد نقل السفارة الامريكية و بعض السفارات الاخرى في الـ 14 من ايار /مايو المقبل؟ بعبارة اخرى ما هي الممارسات والعقبات التي ادت وتؤدي الى الحيلولة دون فاعلية جمع الغضب ومسيرات العودة من جهة، والتقليل من الامال المعقودة على عدم ترجمة مؤامرة نقل السفارة الامريكية على ارض الواقع من جهة اخرى ؟ 

الحقيقة هي ان الحضور الشعبي خلال الاشهر الاخيرة ضد ما تعرف بـ"صفقة القرن" تم بناءا على الدعوات التي وجهتها فصائل المقاومة الفلسطينية، تلك الفصائل التي يبدو انها باتت اخر واقوى عقبة تعترض عملية التطبيع ولا زالت متمسكة بمبادئها وعقائدها خلافا لبعض المسؤولين. واخيراً ايمانها بانتصار نضالها وتحقيق اهدافها المنشودة يجعلها اكثر جدية لمواصلة الدرب رغم الضغوط التي تمارس ضدها والمصائب التي  تتكبدها . لكن هناك ثلاث عقبات كبيرة تعترض هذه المسيرة رغم انها ليست باقوى من ارادة الشعب الفلسطيني والمجاهدين. لو تجاوزنا الكيان الصهيوني الذي يعد العقبة الرئيسية والاساسية الاولى، فان العقبة الثانية تتمثل في الدول العربية والاسلامية في المنطقة، والتي ليس فقط لم تقم بواجبها الذاتي والانساني والديني في مواجهة الكيان الصهيوني بل انها وخلال السنوات والاشهر الاخيرة بعثت باشارات مطمئنة الى "اسرائيل" وامريكا، لتنتج عنها اتخاذ الرئيس الامريكي دونالد ترامب قراره بتنفيذ عملية نقل السفارة خلافا لاسلافه واصراره على القيام بهذا الامر وشرعنته تزامنا مع يوم النكبة وتاسيس الكيان الصهيوني. هذا فضلا عن الاعلان الرسمي عن شرعية الكيان الاسرائيلي من قبل ولي العهد السعودي الغر محمد بن سلمان والزيارات العلنية والسرية لساسة الدول العربية والسباق المخزي لهذه الدول بغية التطبيع مع الكيان الصهيوني واللعبة المزدوجة التي تقوم بها مصر حيال المقاومة و"اسرائيل"واخيرا المحاولات التي يمارسها الاردن ضد القادة الفلسطينيين من خلال تغيير سمة اقامتهم.. جميع هذه الامور الى جانب الصمت المقيت الذي يسود سائر الدول العربية والاسلامية هي اجزاء العقية الثانية التي تحول دون تحقيق جهود المقاومة لاهدافها.    

 اما العقبة الثالثة فهي عقبة داخلية تتمثل في السلطة الفلسطينية، اي اصدقاء الامس وفي احسن حالات حسن الظن الاصدقاء المتخلفين عن الركب اليوم. ففي مثل هذه الظروف حيث بلغت القلوب الحناجر بسبب قرب تنفيذ مؤامرة صفقة القرن خلال الايام القادمة ما تشكل تهديدا كبيرا لنضال الفلسطينيين على مدى سبعين عاما، فان تصعيد الخلافات مع حماس والمجاهدين واهالي غزة والتضييق عليهم وعدم تسديد رواتبهم وسائر القضايا الاخرى تعد بمثابة خناجر يطعن بها قلب القضية الفلسطينية .  

وزير الحرب الاسرائيلي افيغدور ليبرمان كان قد زعم في وقت سابق بان كيانه "معني بابقاء رؤوس الفلسطينيين في غزة فوق الماء فقط لعدم غرقهم"، ولكننا نرى بان هذه السياسة باتت تطبق على جميع الفلسطينيين. فحذار حذار، ان لم يتخذ العالم الاسلامي والدول العربية الاجراءات المرجوة فهناك مخاوف من ان تغمر رؤوس الفلسطينيين تحت الماء.

ابو رضا صالح