لماذا يلعب ماكرون دور ابن آوى في الحديدة؟

لماذا يلعب ماكرون دور ابن آوى في الحديدة؟
الأربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٨ - ٠٢:٠٧ بتوقيت غرينتش

العدوان السعودي ــ الإماراتي لتدمير الحُديدة فوق رؤوس سكانها المكلومين بالجوع والمرض من الحصار، تشارك فيه الدول الغربية وبعض الدول العربية بما لا تقدر عليه السعودية والإمارات. لكن الرئيس الفرنسي يسعى لإشباع جوع طموحاته باقتناص بقايا الفريسة التي يعفُّ عنها الذئب الأميركي.

العالم - اليمن

بيان المفوضية السامية لحقوق الإنسان عشية العدوان الجوّي لتدمير مطار الحديدة، هو بمثابة الضوء الأخضر للسعودية والإمارات من أجل تنفيذ العدوان على المطار والابتعاد في الوقت الحالي عن الميناء. فإعراب المفوضية عن قلقها على الوضع الإنساني لم يقترب من شبهة الضغط لوقف العدوان أو الإشارة من بعيد إلى الجرائم ضد الانسانية التي ترتكبها السعودية والامارات بسلاح الجو.

في السياق نفسه يجدد مجلس الأمن دعوته "لإبقاء ميانئي الحديدة والصليف مفتوحين"، ويُعرب عن قناعته بأن الحل في اليمن هو حل سياسي وليس الحل العسكري. لكنه يعوّل على جهود مبعوثه إلى اليمن مارتن غريفيث الذي ذهب إلى صنعاء بذريعة البحث عن حل سياسي لا يعدو كونه عن طلب استسلام وتسليم السعودية والإمارات بالسياسة ما عجزت عنه دول العدوان بالحرب والتجويع والحصار.

الدول المتحكّمة بمجلس الأمن والهئيات الانسانية الدولية، لا يضيرها أن تُعطي من طرف اللسان حلاوة لتعزيز الأوهام بفضائل مزعومة. لكنها شريكة فعّالة في جرائم اليمن التي باتت تُوصف بكارثة العصر كما تُطلق عليها الجمعيات الإنسانية. فالإدارة الأميركية التي رفضت طلباً من الإمارات لخوض معركة العدوان المباشر على الحُديدة، لا تنفي مشاركتها الفعّالة في العدوان على اليمن عبر تزويد السعودية والإمارات بالسلاح والذخائر وعبر الإشراف على غرفة العمليات والدعم اللوجستي والاستخباري وإحداثيات الأقمار الصناعية. وهي تشارك أيضاً بمستشارين وخبراء عسكريين على الأرض وبضباط أميركيين متقاعدين وشركات "بلاك ووتر" المشرفة على الأمن والعمليات الخاصة.

في بريطانيا يوجّه حزب العمال والمنظمات المناهضة للحرب أصابع الاتهام إلى حكومة تيريزا ماي بالمشاركة مع السعودية والإمارات في التسبب بالجرائم، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية. ولا تنفي تيريزا ماي معظم هذه الاتهامات لكنها تبرّر مشاركتها بما تجنيه من مكاسب اقتصادية وتجارية مع السعودية والامارات.

لعل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر حذاقة من الحكومة البريطانية في تبرير المشاركة بالجرائم إذ يصبغها بلون من الدهان الانساني، وفق ما خلصت إليه مجلة "لو جورنال دي ديمنش" الأسبوعية الفرنسية. فوزارة الدفاع الفرنسية نفت ما نقلته صحيفة "لو فيغارو" عن مصدرين عسكريين بشأن مشاركة فرنسا بقوات على الأرض في معركة الحديدة.

لكنها نفته بعذر أقبح من ذنب في إدعائها أنها تستعد "لعملية إزالة الألغام لدوافع إنسانية بعد اكتمال العمليات في الحديدة" وسيطرة العدوان ضمناً. وهذا التفسير من وزارة الدفاع  أثار حفيظة طوني فورتين من مرصد التسلّح الذي وصف نفي الوزارة بأنه نفي في معرض التصريح بتشجيع العدوان على الحديدة بشكل لا لُبس فيه. وفي مجرى هذا الاندفاع الفرنسي الذي أقرّه ماكرون في لقائه مع محمد بن سلمان في باريس بتاريخ 10 نيسان/ بحسب "وول ستريت جورنال"، دعا ماكرون إلى ما سماه "مؤتمر إنساني" في باريس  في نهاية الشهر الحالي متوقعاً الحسم العسكري واستسلام الجيش واللجان الشعبية.

لا غرو أن الدول الغربية المشاركة بالجرائم والعدوان، تزعم محاربتها النفوذ الإيراني وتعزيز المصالح التجارية مع السعودية والإمارات وحماية المصالح الجيو ــ سياسية مع إسرائيل. لكن فرنسا التي ألِفَت تاريخياً اقتناص الغنائم  في الخليج وراء أميركا، يتراءى لها بزعامة ماكرون أن تعفّف ترامب عن الانغماس في معركة الحديدة هي فرصة ابن آوى للانقضاض على بقايا فريسة الذئب الأميركي. فماكرون يتخيّل فوز الإمارات بمينائي عدن والحُديدة على مطل باب المندب، مقابل القواعد العسكرية في جيبوتي التي غزتها أميركا واليابان والصين لحماية إمدادات النفط بعد أن كانت حكراً على فرنسا. ولعلّه يعوّل على انسجامه مع ابن سلمان وابن زايد فيما يبشّر به ماكرون في داخل فرنسا وخارجها بشعارات الاصلاح والتحديث وفي مقولة "إذا أردت مكافحة الجوع عليك إشباع جوع الأغنياء للثروات الطائلة" كما يعتقد ماكرون ويفتخر.

ولا ريب أن ماكرون الذي يتوهم هزيمة اليمن بوقوعه فريسة للذئاب وأبناء آوى الذين يشبهون بعضهم بعضاً في قتل الأبرياء وتدمير حضارات انسانية عريقة غير قابلة للبيع في أسواق النخاسة، لا يعرف عظمة اليمنيين في مواجهة الأعداء. وفي أغلب الظن أن تعمّقه في الاطلاع على قياديي الحركة الصهيونية لم يصل به إلى الاطلاع على اعتراف بن غريون أن الكتيبة اليمنية في الجيش المصري أذاقت الاسرائيليين أهوال الموت بشجاعتها وعزيمتها.

 

* قاسم عزالدين / الميادين نت