ماذا وراء زيارات كوشنر المتتالية إلى المنطقة؟

ماذا وراء زيارات كوشنر المتتالية إلى المنطقة؟
السبت ٢٣ يونيو ٢٠١٨ - ٠٦:٥٩ بتوقيت غرينتش

في جولة جديدة إلى الشرق الأوسط, عاد مستشار الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر مصحوبا بالمبعوث جيسون غرينبلات في زيارة شملت الأردن والسعودية وقطر ومصر و الأراضي المحتلة.

العالمفلسطين

ويری كثيرون أن الهدف الأساسي من جولة مبعوثي الرئيس الأميركي إلي المنطقة, الإعداد لطرح ما بات يعرف بصفقة القرن والكشف عن تفاصيلها التي ظلت حتى الآن غيرواضحة.

فما الذي يراهن عليه كوشنر من وراء زياراته المتكررة للمنطقة؟ ما حقيقة ما يجري من حديث عن قرب الإعلان عما بات يعرف بصفقة القرن؟ وما هي أوراق الفلسطينيين في مواجهة تقلبات المنطقة وتحالفاتها المعقدة؟

وكانت صحيفة "إسرائيل اليوم" قد ذكرت مؤخرا أن صفقة القرن أصبحت في مراحلها الأخيرة، وأن استدعاء السفير الأميركي لدى تل أبيب  ديفد فريدمان إلى واشنطن مؤخرا يهدف إلى وضع اللمسات الأخيرة عليها.

وقد تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية في الفترة الماضية بعض ما تسرب من مضمون صفقة القرن، ومنها ما نسب للمبعوث الأميركي لعملية التسوية من أن مقترح حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود 4 يونيو/حزيران 1967، ليس أساسا لخطة السلام الجديدة، وهو المقترح الذي ترفضه الدول العربية والسلطة الفلسطينية.

كما راج الحديث عن أن إدارة ترامب ستقترح منطقة أبو ديس بضواحي القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، مع جعل القدس الشرقية تحت إشراف دولي. وتضمن "صفقة القرن" انسحابا تدريجيا لجيش الاحتلال من المناطق المصنفة "أ، ب، ج" بموجب اتفاقية أوسلو الثانية.

ويلتقي رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرة ثانية بمبعوثي الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير والمبعوث الأمريكي الخاص جيسون غرينبلات، مساء اليوم السبت قبيل مغادرتهما الأراضي المحتلة وعودتهما إلى واشنطن حسبما أعلن مكتب رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي.

ووصل كوشنر وغرينبلات الأراضي المحلتة ظهر يوم أمس الجمعة وذلك في ختام جولة شرق أوسطية شملت القاهرة والرياض وعمان والدوحة، ومن المقرر أن يغادر الوفد عائدا الى الولايات المتحدة مساء يوم غد السبت.

وكان نتنياهو التقى الوفد الأمريكي بحضور السفير الأمريكي لدى تل أبيب دافيد فريدمان، وسفير الإحتلال لدى الولايات المتحدة رون دريمر، أمس الجمعة، واستمر اللقاء لأربع ساعات.

 وأصدر ديوان نتنياهو يوم أمس بيان عقب اللقاء قال فيه بأن "نتنياهو التقى ظهر اليوم كبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنير، ومبعوث الرئيس الأمريكي الخاص جيسون غرينبلات والسفير الأمريكي لدى الإحتلال ديفيد فريدمان، وأعرب عن تقديره للرئيس ترامب على دعمه لتل أبيب.

وأضاف البيان أن الطرفان بحثا دفع عملية التسوية قدماً والتطورات الإقليمية والأوضاع الأمنية والإنسانية في قطاع غزة".

أما في الدوحة, التقی جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات, أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني یوم الخميس الماضي وخلال اللقاء ناقشا الجانبان موضوع الحاجة إلى تسهيل وصول الإغاثة الإنسانية إلى قطاع غزة.

والتقي مستشار الرئيس الأمريكى في نفس اليوم مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى القاهرة وبحثا خلال اللقاء ملف الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومساعي إدارة ترامب للتوصل إلى اتفاق تسوية وتمهيدا لإعلان ما يسمى بـ"صفقة القرن".

أكد الرئيس السيسى خلال لقائه مع كوشنر، حرص مصر على تطوير العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، فى ظل عدم الاستقرار الحالى فى منطقة الشرق الأوسط.

كما استعرض السيسى، خلال اجتماعه مع كبير مستشارى الرئيس الأمريكى، ومبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط جيسون جرينبلات، جهود مصر لمكافحة الإرهاب.

وأعرب السیسی عن دعمه لجميع الجهود والمبادرات التى تهدف إلى التوصل لتسوية عادلة وشاملة للصراع الفلسطينى - الإسرائيلى، وفقا للمرجعيات الدولية القائمة على مبدأ حل الدولتين، مشيراً إلى أن التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية سيساعد على تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة بأسرها.

وقال كوشنر إن مصر هى حجر الزاوية للاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، مشيدا بالتقدم الملحوظ الذى حققته مصر فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى، ومعرباً عن تقدير الإدارة الأمريكية للجهود التى تبذلها مصر فى مكافحة الإرهاب.

وفي الرياض, كان كوشنر وجرينبلات التقيا الأربعاء الماضي بولى العهد الأمير محمد بن سلمان، وبحثا معه زيادة التعاون بين الولايات المتحدة والمملكة السعودية.

وقال البيت الأبيض في بيان أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وجاريد كوشنر مستشار وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب وجيسون غرينبلات المبعوث الأميركي للسلام بالشرق الأوسط في اجتماعهم يوم الأربعاء في الرياض بحثوا الأوضاع في "اسرائيل" والأراضي الفلسطينية، وتقديم مساعدات إنسانية لغزة، ودعم العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية.

ويأتي هذا بعد يوم من لقاء بين كوشنر وغرينبلات في العاصمة عمان وبين ملك الأردن عبد الله الثاني، وذلك في إطار جولة بالمنطقة أثناء وضع واشنطن اللمسات الأخيرة على "صفقة القرن" التي يؤكد الفلسطينيون أنها تستهدف تصفية قضيتهم.

وقال الديوان الملكي الأردني في بيان إن الملك أكد لكوشنر على ضرورة التوصل إلى سلام على أساس حل الدولتين، كما أكد للموفد الأميركي على ضرورة تسوية مسألة القدس ضمن قضايا الوضع النهائي. وكان الأردن عارض بشدة القرار الأميركي اعتبار القدس المحتلة عاصمة ل"إسرائيل"، ونقل السفارة الأميركية إليها.

وكان البيت الأبيض قال في وقت سابق إن كوشنر وغرينبلات سيبدأن هذا الأسبوع جولة الي المنطقة تشمل الأراضي المحتلة ومصر والأردن وقطر والسعودية لبحث الأوضاع في غزة ولتسويق الخطة الأميركية التي تعرف بصفقة القرن،

وذلك من خلال إقناع هذه الدول بتقديم تمويل مالي بنحو مليار دولار بذريعة معالجة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها قطاع غزة.

غير أن تأجيل الكشف عن الخطة الأميركية يعكس الصعوبات التي تجدها واشنطن في إخراج خطة تحظى بتأييد الجانبين الفلسطيني والعربي، فضلا عن المجتمع الدولي، في ظل إعلان القيادة الفلسطينية رفضها الوساطة الأميركية في عملية التسوية بعدما اعترفت بالقدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال، وذلك لأن مصير المدينة المقدسة يعد من قضايا الوضع النهائي التي يفترض أن يحسم في المفاوضات بين طرفي النزاع.

غير أن القيادة الفلسطينية لا تبدي أدنى اهتمام بصفقة القرن، التي سبق للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن وصفها بـ"صفعة القرن"، لما تنطوي عليه من تفاصيل ترمي إلى تصفية القضية الفلسطينية في أبرز ملفاتها، وهي حق العودة والقدس والاستيطان، بل إن الرئيس عباس استدعى قبل أيام ممثل منظمة التحرير لدى واشنطن حسام زملط ردا على نقل أميركا سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وهي الخطوة التي لاقت رفضا فلسطينيا وعربيا ودوليا.

وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات إن الجولة التي يقوم بها مستشار الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر ومسؤولين أميركيين في المنطقة، تهدف إلی شطب وكالة "أونروا" وقضية اللاجئين، ومحاولة الترويج لتغيير النظام السياسي في الضفة الغربية، وإسقاط القيادة الفلسطينية.

وأضاف عريقات أن الموفدين الأمريكيين كوشنير وجرينبلات استمعا إلى موقف عربى موحد بأن الحل هو بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية وحل قضايا الوضع النهائى بما فيها اللاجئين والقدس استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية.

وصرح أن الجانب العربى لم يغير موقفه، وهذا أمر نثمنه فلسطينيا ونرجو أن تكون الإدارة الأمريكية قد فهمت أن القضية الفلسطينية ليست محل مقايضة لافتا إلى أن القيادة الفلسطينية كانت على اتصال دائم لتنسيق المواقف مع الدول العربية سواء مع الأردن ومصر والسعودية وقطر والإمارات.

ومن المنتظر أن تتعمق الهوة بين الإدارة الأميركية والجانب الفلسطيني عندما تقطع واشنطن في الصيف المقبل ملايين الدولارات التي كانت تقدمها على شكل مساعدات للفلسطينيين، وقد جمدت واشنطن منذ نهاية العام الماضي تمويلات لبعض المشاريع في فلسطين كنوع من العقاب للجانب الفلسطيني على رفضه الانخراط في صفقة القرن، وانتقاده الشديد للمقاربة الأميركية الجديدة لعملية التسوية.

ونتيجة التوقف المتوقع للمعونات الأميركية، فإن بعض المشاريع في الضفة وغزة ستتوقف في غضون أشهر إذا لم تفرج الإدارة الأميركية عن بعض المساعدات في الأسبوعين المقبلين.

ومن أصل 251 مليون دولار هي المساعدات الأميركية المخصصة للفلسطينيين برسم عام 2018، فإن واشنطن لم تصرف حتى الآن سوى 50.5 مليون دولار، وقررت تجميد المبلغ المتبقي الذي لا يشمل مبلغ 65 مليون دولار اقتطعته من مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ويري المراقبون أن صفقة القرن تصب في صالح كيان الإحتلال الاسرائيلي وليس الشعب الفلسطيني، والسلطة الفلسطينية غير قادرة على قبول هذه الصفقة التي لاتزال مبهمة ومعالمها غير واضحة حتى الآن.

215